تنطلق بعد أيام فعاليات كأس العالم لكرة القدم من مدينة جوهانسبرج في جنوب إفريقيا في نسختها التاسعة عشرة, وقد أقيمت أول بطولة لكأس العالم في عام1930 في أوروجواي تحت رعاية الفرنسي جول ريميه. وقد تنقلت البطولة بين قارات الدنيا من أوروبا إلي أمريكا مرورا بآسيا حتي جاء اليوم الذي إنتظرته القارة السمراء بعد80 عاما لتكون مسرحا لأكبر حدث, وتجمع رياضي يستقطب إهتمام سكان الكرة الأرضية. وقد بدأت ممارسة لعبة كرة القدم في إنجلترا في أواخر القرن التاسع عشر, ومع الوقت أصبحت اللعبة الشعبية الأولي في العالم, وتحولت الساحرة المستديرة إلي معشوقة للجماهير, ومع إزدياد عشق الجماهير, وسعي المشاهد في كل مكان علي الأرض لمتابعتها, ومع التطور الإعلامي وحقوق البث المرئي تحولت هذه اللعبة من هواية إلي حرفة, وأصبحت مثل الصناعة تحتاج إلي تمويل وتسويق وإدارة محترفة وتحولت الأندية والاتحادات إلي ما يشبه المؤسسات التي يرتبط نجاحها بقدرة المسئولين بها علي إدارتها بفكر رجال الأعمال والصناعة. وبعد أيام تتجه أنظار العالم بجميع ألوانه وجنسياته لمدة4 أسابيع لمتابعة أكبر حدث علي الكرة الأرضية, وقد نالت القارة السمراء ممثلة في جنوب إفريقيا شرف استضافة هذا الحدث بأغلبية أصوات الاتحاد الدولي, وجنوب إفريقيا تبلغ مساحتها أكثر من مليون كيلو متر مربع, وعدد سكانها نحو50 مليون نسمة أغلبهم من البشرة السمراء, وتشتهر بمناجم الذهب والمعادن النفيسة. وعقب تخلي جنوب إفريقيا عن سياستها العنصرية إحتضنتها الدول الإفريقية, وأصبحت عضوا في الأسرة الدولية, وتحول الأسطورة نيلسون مانديللا إلي رمز للكفاح والنضال من أجل الحرية والديمقراطية, وسوف تشارك في هذه البطولة32 دولة قسمت إلي8 مجموعات تتباري في64 مواجهة في9 مدن وعشرة إستادات, ويصل عدد اللاعبين المشاركين إلي736 لاعبا أثمانهم في أنديتهم تزيد علي ال6 مليارات يورو, وسوف يشاهد المباريات نحو3 ملايين مشاهد من الملاعب, وأكثر من نصف سكان المعمورة عبر الإرسال المرئي. وقد خلقت هذه المناسبة أكثر من150,000 فرصة عمل, ومن المنتظر أن تحقق أرباحا تزيد علي ال5 مليارات دولار, حيث يصل عدد الزائرين إلي نحو نصف مليون زائر. وهي المرة الأولي التي تشارك فيها6 دول من إفريقيا, وربما يزيد ذلك من فرص الأفارقة للحصول علي الكأس الذهبية لأول مرة, تلك الكأس التي تحتكرها القوة العظمي البرازيل التي حصلت عليها5 مرات حتي الآن جميعها من خارج أراضيها. وبعد أن تم إسناد تنظيم البطولة العشرين في عام2014 إلي البرازيل, بدأ السعي الجاد لبعض الدول لنيل شرف تنظيم بطولتي2022,2018 فلم تعد المنافسة تقتصر في الحصول علي الميدالية الذهبية, فحسب بل تعدت هذه الحدود لتشمل الحصول علي شرف التنظيم إدراكا من هذه الدول لما تقدمه للمواطن علي المستوي الاقتصادي والاجتماعي, وفرص العمل ونقل الصورة الحضارية للعالم الخارجي إضافة إلي تطوير البنية الأساسية من فنادق ووسائل الاعاشة والمطارات والطرق والاتصالات. وقد نبحث كثيرا لنعرف ما الذي يدعو الملايين للخروج تعبيرا عن فرحتهم بالفوز, ويبقي السؤال دون جواب سوي أنها ظاهرة فريدة لا منافس لها في زيادة شعور الانتماء بالوطن, وقد لمسنا ذلك عقب حصول مصر علي كأس بطولة إفريقيا في الدورات الثلاث الماضية.