كتب:محمود مكاوي: تملك كل مواصفات الدولة العظمي فلايمكن لأي حكومة دولة في العالم التدخل في شئونها مهما كانت قوتها,فمملكتها لاتغرب عنها الشمس لتترامي أطرافها في كل أنحاء الكوكب المستدير. أما ثرواتها القومية فليست إلا كرة جلدية صغيرة لا تعامل إلا بالركل بالأقدام في حين تتميز دولة بقوة سكانية غيرعادية فسكانها هم كل أهل المعمورة بألوان بشراتهم المختلفة وأعمارهم المتفاوتة وألسنتهم المتباينة, فلا يجمعهم سوي لغة كرة القدم اللغة الرسمية لدولة الفيفا الاتحاد الدولي لكرة القدم وهي الهيئة المنظمة لشئون كرة القدم في العالم التي اتخذت من زيورخ بسويسرا مقرا لها ويرأسها الآن جوزيف بلاتر وانشئت بباريس في21 مايو1904 وتضم207 اتحادات لكرة القدم في العالم. وفي السنوات الأخيرة ازدادت قوة الفيفا لتخرج عن نطاق الأرض المستطيلة الخضراء ومدرجاتها الممتلئة خاصة مع تحول كرة القدم الي صناعة وتجارة ذات اقتصاديات قوية لتصبح الفيفا بمثابة عملاق اقتصادي ميزانيته قد تفوق ميزانيات بعض الدول بعد أن كانت ميزانيتها لاتتجاوز الخمسمائة فرنك سويسري عام1904 ويعد المصدرالأساسي لتمويل ميزانية الفيفا بطولة كأس العالم تلك البطولة التي تعرف أيضا بالمونديال ولم يتبق علي انطلاقها سوي أيام ليحل الحدث الأهم في العالم ضيفا علي القارة السمراء الفقيرة العاشقة لكرة القدم لأول مرة في تاريخه علي أرض جنوب افريقيا التي تنتظر أن تجني أرباحا من وراء المونديال من المتوقع وصولها الي4 مليارات دولار تدعم اقتصادها لتتفوق به علي ألمانيا التي نظمت المونديال السابق في2006 وجنت من ورائه3 مليارات دولار, أما دولة الفيفا فانها علي موعد مع مايقرب من3.5 مليار دولار من الأرباح المنتظر حصادها من المونديال القادم خاصة من وراء عقود الرعاية التي وصلت إلي حوالي800 مليون دولار نظير رعاية رسمية لست شركات عالمية بالإضافة الي بيع حقوق النقل التليفزيوني, وذلك كله وفقا لما توقعه الأمين العام للاتحاد الدولي لكرة القدم جيرومي فالكي والذي يعرفه المصريون جيدا بعد أحداث مباراتي مصر والجزائر ودوره في العقوبات التي فرضت علي مصر. وفي حديث لجيروم الي صحيفة ذي فايننشال تايمز البريطانية أكد ان الفيفا انفقت حوالي1.2 مليار دولار علي تنظيم المونديال بالأرض الافريقية خاصة انهم قدموا700 مليون دولار إلي جنوب افريقيا ولكن الغريب ان جيروم حرص علي تأكيد رفضه تسمية تلك الأموال الطائلة المنتظرحصدها بالأرباح مؤكدا أن الفيفا ليست غنية ولكن ما تجنيه ليست إلا أرقاما احتياطية تحمي الفيفا من أي تعثرات مالية كما ان هناك حوالي مليار دولارمماستجنيه الفيفا ينفق علي المساعدات في برامج التنمية وتقديم مساعدات مالية لإتحادات الكرة في دول غير غنية ومشاريع أخري من أجل نشر اللعبة,وبعيدا عن تأكيدات جيروم فان أرباح الفيفا لن تتوقف حتي في حالة تأجيل البطولة لأي أسباب قهرية من تعرض لأعمال ارهابية أو اندلاع حروب أو كوارث طبيعية في ظل حصولها علي مبلغ650 مليون دولار من بوليصة التأمين علي المونديال الذي أصبح بحق طوال السنوات الأخيرة بمثابة طاقة النقلة الاقتصادية في أرباح الفيفا خاصة مع بيع حقوق البث التليفزيوني وما يجنيه الاتحاد الدولي وحده مع الدولة المنظمة من أرباحها فلم يكن العائد الذي تجنيه الفيفا من البث التليفزيوني في بطولة ايطاليا1990 سوي75 مليون دولار ليزداد إلي87 مليون دولار في المونديال الأمريكي عام1994 ويرتفع إلي107 ملايين دولار في فرنسا.1998 وتقفز الأرقام لتصل الي مليار دولار في مونديال كوريا واليابان عام2002 ثم تزداد الي مليار و200 الف دولارفي المونديال الأخير بألمانيا عام2006 والذي كان بداية عهد جديد من التشفير وحرمان عشاق الكرة من المشاهدة الكاملة للمباريات بعد بيع حقوق البث إلي احدي الشركات لتطير الأرقام في قفزة مهولة وتصل إلي نحو3 مليارات دولارفي المونديال المنتظربجنوب افريقيا في ظل نظام جديد اتبعته الفيفا بإنشاء مؤسسة تابعة لها تقوم ببيع حقوق البث الاعلامي للشركات والمؤسسات حول العالم وتتحكم ظروف كل دولة وأوضاعها الاقتصادية في ثمن البيع وقد نجحت الفيفا في بيع حقوق مونديال2010 و المونديال القادم في البرازيل2014 إلي عدة شركات حول العالم ففي بريطانيا نجحت هيئة الBBC وITV في الحصول علي حقوق البث بالاضافة اليTVE في اسبانيا وTFI بفرنسا وZDF وARD بالمانياSKY وبايطاليا والهيئة النيجيريةBON في افريقيا و قد نجحت تلك الشركات في الفوز بحقوق البث بعد منافسات مع شركات أخري في ظل المنافسة علي الحصول علي أكبر حدث ينال أعلي قدر من المشاهدة في العالم ولكن من المؤسف أن الجماهير الافريقية ستبقي محرومة من التمتع بمشاهدة المونديال الذي يقام وسط أراضيها حتي من داخل الملاعب فقد أظهرت دراسة أجرتها مجموعة' جرانت ثورنتون انترناشيونال' أن جماهير كرة القدم في باقي الدول الأفريقية حصلت علي2% فقط من حجم تذاكر مشاهدة نهائيات كأس العالم مشيرة إلي أن11 الفا و300 مشجع فقط من القارة الأفريقية بخلاف جماهيرجنوب أفريقيا اشتروا تذاكر مباريات كأس العالم هذا بالاضافة الي حرمان معظم الجماهير الافريقية من مشاهدة المونديال تليفزيونيا نتيجة بيع الحقوق وتشفير القنوات للمباريات لتعيش تحت ضغط منهج إدفع حتي تشاهد وهو مالا يقدرعليه الافريقي الفقير وان كانت الفيفا قد أعلنت أن الهيئة النيجيرية ستبث المباريات لجماهير الوسط الافريقي والجنوب مجانا إلا إن جماهير شمال افريقيا أصبحت في مواجهة شعارات التشفير والحصري. وتعد الدعاية المهولة التي تحظي بها الدول المنظمة للبطولة وما تجنيه من حالة ترويج ورواج سياحي بالإضافة إلي الأرباح الضخمة هي الدوافع الأساسية لدول العالم في الدخول إلي حلبة المنافسة من أجل الحصول علي شرف تنظيم المونديال خاصة أن الأرباح ترتفع من بطولة إلي أخري فالولايات المتحدةالامريكية تقاتل بشراسة الآن من أجل الحصول علي التنظيم في عام2018 أو2022 خاصة في ظل دراسات تؤكد ان ماستجنيه أمريكا قد يفوق الخمسة مليارات دولار ولكن علي من يريد حصد المليارات الانصياع لأوامر دولة الفيفا التي شبهها البعض بقوة احتلال تسيطر علي أرجاء الدولة المنظمة ففي المونديال الأخير لم يكن أمام الحكومة الألمانية إلا الانصياع لأوامر الفيفا من تغيير لاسماء الملاعب وفرض طوق تجاري حول ملاعب البطولة حيث لاتباع إلامنتجات من يدفع من الرعاة طوال فترة المونديال بناء علي رغبة دولة الفيفا.