تساؤلات عدة طرحت نفسها علينا جميعا في وقت قاربت فيه الانتخابات البرلمانية والرئاسية ان تعقد... كان في قمتها: هل حدث تغيير في نظرتنا للمواصفات التي يجب ان تتوافر فيمن يتقدم لعضوية مجلسي الشعب والشوري؟ ام اننا لم نجد من يساعدنا علي تغيير هذه النظرة مع ما فيها من قصور؟ هل لهذا المرشح خطة عمل علمية توضح طريقه في خدمة امة عريقة عاشت تجارب ديمقراطية طويلة تؤهلها لمكانة رفيعة بين الامم؟ هل من يختار منا مرشحا بعينه متأكد مما يعلمه عنه؟ يعلم ما قدمه لبلاده وما يستطيع تقديمه في الحاضر والمستقبل؟ اننا في حاجة للامانة فيما نقول فيما نفعل وفيمن نختار ليقود بلادنا كما اننا في حاجة للدقة فيما تسطره ايدينا وفي كل ما نفكر فيه. لقد دفعني للكتابة في هذا الموضوع ما عكسته المؤشرات الاخيرة للانتخابات البرلمانية والرئاسية لسنة2005 من تراجع في عدد من ادلوا بأصواتهم من المقيدين في جداول الانتخابات بنسبة25% وكانت نسبة المشاركة في انتخابات1950 60.62% من عدد المقيدين في الجداول الانتخابية حسب تقرير مؤرخنا الكبير عبد الرحمن الرافعي. ماهو السبب في هذا التراجع؟ كان للبيت المصري دور في دفع ابنائه للعمل العام بكل اشكاله قد يكون الاب وفديا وتكون اسرته بعضها من الاحرار الدستوريين وبعضها مستقل. وكانت المدرسة المصرية قبل1950 تبدأ صباحها بالنشيد الوطني يدرس تلاميذها مادة التربية الوطنية و تساهم المدرسة في تفجير مواهب تلاميذها كما تساهم في اعدادهم للمسئولية. كذلك كانت الجامعة المصرية تقدم تعليما عالي المستوي كما تهييء جوا من الثقافة العامة التي تعطي للفرد قوة وثقة في شخصيته, وبيننا الان بعض نماذج من خريجي الجامعة المصرية يحمل العالم لهم كل التقدير لا يتسع المقام لسرد بعض اسمائهم. والحقيقة ان رسالة البيت قد تغيرت كما تغيرت رسالة المدرسة والجامعة لظروف اجتماعية واقتصادية وسياسية عديدة, الي جانب التطور التكنولوجي الذي احدث بعض خلل في العلاقات الاسرية المصرية جعلت فرص التحاور بين افرادها محدودة لكنها ضرورة تلحقنا بركب التقدم العلمي. هناك تحديات عدة تواجهنا في التنوير السياسي للمجتمع قد يكون من بينها: تسببت ضغوط الحياة اليومية لكثير من افراد المجتمع في نظرته لاولوياته, ليصبح التفكير في التنوير الثقافي خاصة السياسي اخر اولوياته. موضوع الأمية بات يؤرقنا يقف كأكبر تحد في تنمية المجتمع: اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا, ليتنا نبدأ في انشاء مجلس قومي لمحو الامية يخلصنا من هذه المشكلة. خلق نظام التعليم الكثير من المشاكل بالنسبة للاسرة المصرية صرفتها عن امور حيوية في معيشتها منها التنوير الذي يحتاج من ميزانيتها كما يحتاج لوقت. يلعب التليفزيون دورا مهما في حياة العديد من افراد الشعب فلماذ لا يقدم برامج مشوقة في الثقافة العامة؟ والثقافة السياسية خاصة. الحقيقة اننا في حاجة لاستراتيجية علمية عملية تضع برنامجا للتنوير السياسي في المجتمع يتناسب لكل فئات المجتمع يتولي اعدادها خبراء في شتي المجالات التي يحتاجها هذا الموضوع, ثمة بعض امنيات قد يتحقق بعضها بالنسبة لموضوع التنوير السياسي للمجتمع: ان تشارك النوادي الاجتماعية في تربية ابنائنا علي ضرورة المشاركة في العمل العام بصورة المختلفة ومنها العمل التطوعي في المنظمات غير الحكومية. تغرس المدارس الانجليزية في نفوس تلاميذها الاهتمام بمرافق بلادهم وبضرورة الاطلاع علي اخبارها المحافظة علي البيئة كما تناقشهم في المشاكل التي تواجههم في حياتهم اليومية وكيفية التخلص منها.. كل ذلك من اجل اعداد جيل يستطيع قيادة امته. احزابنا عديدة تتحرك لكني اتساءل ماذا اعددت من برامج سياسية لمواجهة الانتخابات القادمة برامج علمية عملية, تجعل مشاركتنا القادمة اكثر فاعلية. تنتشر في كل ربوع مصر مراكز للثقافة الجماهيرية. تستطيع تقديم برامج في التنوير السياسي تتلاءم وقدرات ابناء كل مركز حتي يتفهمونا معني الادلاء بصوتهم. لقد نجح المجلس القومي للمرأة في اعداد دورات تدريبية في التثقيف السياسي للمرأة. نرجو ان تتسع هذه الدورات. نفس ما نطالب به المجلس القومي للمرأة نطالبه من المجلس القومي للشباب في اعداده لجيل المستقبل من الشباب. نحن لا نطالب ابناءنا في الجامعات بالتفرغ لمزاولة النشاط السياسي طبقا لنظام الجامعات لكنا نطالب المسئولين في الجامعات بتهدئة جو عام من الحرية الفكرية تتيح لهم تفهم قضايا بلادهم من منطلق الاستعداد للممارسة السياسية بعد تخرجهم. تحتاج وسائل الاعلام مقروءة ومسموعة ومرئية الي استراتيجية علمية في التنوير السياسي للمجتمع حتي ترتفع نسبة المشاركة في الانتخابات القادمة, لسنا في حاجة لعرض اشخاص قد يتحدثون عن انفسهم ولا يشاركون في التنوير السياسي للمجتمع. اين دور المنظمات غير الحكومية في التثقيف العام للشعب عن طريق ما يقدمون من خدمات للفئات المستهدفة من انشطتهم. واعود فأسال نفسي ما الذي دفعني للكتابة في التنوير السياسي للمجتمع؟ انه ايماني بدوري في العمل العام الذي امارسه منذ نصف قرن مضي. ايماني بدوري لبلدي التي اعشقها واشعر بواجب اقدمه لها.