غدا يتم الافتتاح الرسمي لمشروع الجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا, بحضور رفيع المستوي من الجانب الياباني يجيء إلي مصر خصيصا للمشاركة في مراسم هذا الاحتفال, يتمثل في السيد' شوجي كيرا', النائب البرلماني لوزير الخارجية, والسيدة' ساداكو أوجاتا', رئيسة وكالة التعاون الدولي اليابانية( جايكا), وهي أول جامعة يابانية خارج اليابان, وتمثل مركز إشعاع للترويج لنموذج التعليم العالي والبحث العلمي الياباني المتميز, ليس فقط في مصر, بل في المنطقتين العربية والافريقية. وهذا الكلام ليس من قبيل المبالغة, بل إن اتفاقية إنشاء الجامعة بين حكومتي البلدين نصت علي أنها مفتوحة أمام الطلاب المتقدمين للدراسة بها من الدول العربية والافريقية. فالمقدر للجامعة الجديدة أن تكون مركزا للتميز علي الصعيدين الوطني والإقليمي. ونعود لجذور فكرة الجامعة, وبحسب السيدة/أوجاتا فإن تلك الجذور تعود إلي رئيس الوزراء الياباني الأسبق الراحل هاشيموتو, والذي شغل منصب رئيس الحكومة اليابانية ما بين11 يناير1996 و30 يوليو1998, حيث بدأت الفكرة/الحلم خلال رئاسته للحكومة, ولكنها استمرت في طور فكرة في الأذهان, وبمرور الوقت ومجيء' جونيشيرو كويزومي' إلي رئاسة الحكومة اليابانية في2001, وبدء سعيه لبلورة مبادرات للتعاون مع العالم العربي, وفي مقدمته مصر, فقفزت من جديد فكرة الجامعة إلي الواجهة, خاصة خلال زيارة قام بها إلي مصر عام2003, وأجري خلالها محادثات مع الرئيس مبارك, ولكن انزوت الفكرة من جديد لسنوات. ويعود الفضل من جديد في إحياء الفكرة إلي لقاءين للسيدة/أوجاتا, كان الأول مع السيدة/ فايزة أبو النجا وزيرة التعاون الدولي, ثم لقاء لاحق في أكتوبر2007 مع الأستاذ الدكتور هاني هلال وزير التعليم العالي والدولة للبحث العلمي, كان لي شرف المشاركة فيه, حيث أوضحت خلاله السيدة/أوجاتا أن مشروع الجامعة مازال مجرد فكرة حبيسة الأدراج. ومنذ ذلك التاريخ, انطلقت, وللمرة الأولي, مفاوضات جادة ومستمرة شاركت فيها جهات عديدة من الجانبين, واستمرت دون انقطاع لمدة عام كامل, وأفضت إلي التوقيع علي محضر ختامي لتلك المفاوضات خلال الزيارة التالية للدكتور هاني هلال لطوكيو في أكتوبر2008, ولتبدأ بعد ذلك عملية صياغة اتفاقية إنشاء الجامعة, والتي تم التوقيع عليها في القاهرة في26 مارس2009, بحضور الأستاذ الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء. وقد جاء هذا النجاح في ضوء شراكة عملية ناجحة تطورت بين عدة جهات يابانية ومصرية, منها علي الجانب المصري وزارات الخارجية والتعاون الدولي والتعليم العالي والدولة للبحث العلمي والسفارة المصرية في اليابان والمكتب الثقافي التابع لها, ومن الجانب الياباني وزارات الخارجية والتعليم ووكالة التعاون الدولي اليابانية( جايكا) والسفارة اليابانية في القاهرة, بالإضافة إلي كونسورتيوم مكون من12 جامعة يابانية تدعم مشروع الجامعة عبر المساهمة في إعداد المناهج الدراسية بالجامعة وإعارة أعضاء هيئة التدريس من الجانب الياباني. ولا يمكن تجاهل دور القطاع الخاص علي الجانبين, مثل جمعية مستثمري مدينة برج العرب علي الجانب المصري, أو بعض المؤسسات الاقتصادية الخاصة علي الجانب الياباني, من خلال تقديم منح دراسية تضاف للمنح التي توفرها وزارة التعليم العالي والدولة للبحث العلمي. وتفسير هذه المنح هو أن الجامعة الجديدة تسعي لتحقيق المعادلة الصعبة: أي أن تكون جامعة بمصروفات لضمان الاستمرارية والجدية والإنفاق علي تطوير منشآتها من جهة, وألا تكون حكرا علي أبناء القادرين فقط بل تكون هناك إمكانية لتوفير عدد من المنح لضمان جذب المتميزين علميا غير القادرين ماديا من جهة أخري. ويأتي اختيار مدينة برج العرب لإقامة هذه الجامعة بها ليعكس المسعي لتحقيق أكثر من هدف في نفس الوقت, فأولا هناك هدف أن يمتد وجود الجامعات, خاصة المتميزة منها, إلي المدن الجديدة, وثانيا لأن موقع الجامعة الجديدة يقع بالقرب من مدينة برج العرب الصناعية, وبالتالي يمكن أن يحدث تواصل بين الصناعات المحيطة وإمكانية توفير فرص تدريب لطلاب الجامعة خلال الدراسة, ثم لاحقا فرص عمل في المدينة الصناعية, والتي من المتوقع أن تكون أحد أكبر المدن الصناعية الجديدة في مصر خلال السنوات القليلة القادمة. ومن جهة أخري, فإن الجامعة تقع في جوار مدينة مبارك للبحوث العلمية, بما يحقق الاستفادة المثلي من هذا الصرح المهم وبناء شراكة بحثية وعلمية بينها وبين الجامعة الجديدة, خاصة أن هذه الجامعة ستفتح الباب لبناء شراكات أوسع مع مؤسسات بحثية يابانية متقدمة مثل الجمعية اليابانية لتعزيز العلوم ووكالة العلوم والتكنولوجيا اليابانية وغيرهما. ولا شك أن مما لعب دورا كبيرا في إطلاق المفاوضات حول الجامعة والإسراع بها, كان إعلان عام2008 عاما للتعاون العلمي والتكنولوجي بين مصر واليابان, وهو إعلان جاء في سياق مبادرة الرئيس مبارك بإعلان الفترة من2007 إلي2016 عقدا للتعاون العلمي والتكنولوجي بين مصر والعالم, وتم تدشين العام عبر احتفالية شرفتها بالافتتاح السيدة الفاضلة/ سوزان مبارك قرينة السيد رئيس الجمهورية. وقد شهد العام أيضا تضاعف اتفاقيات التعاون بين الجامعات ومراكز الأبحاث المصرية ونظيراتها اليابانية, حيث وصلت حاليا إلي ما يقارب80 اتفاقية. وبالرغم من أن الدراسة في الجامعة في فترتها الأولي تقتصر علي الدراسات العليا, فإنه من المخطط أن تنطلق سريعا إلي الدراسات الجامعية ما بعد المرحلة الثانوية, كذلك فإنها وإن كانت ستبدأ بسبعة أقسام مما يسمي العلوم الطبيعية والجامدة, وقسمين خارج هذا الإطار في مجالي علم الإدارة والدراسات عبر الثقافية, مع التركيز علي اللغة والثقافة اليابانية, فإنه من المأمول أن تتسع الدائرة لاحقا لتشمل تخصصات مهمة أخري. كذلك من المهم أن نقول إن للجامعة المصرية اليابانية خصوصية تبرز في أنها قامت علي أساس اتفاقية بين الحكومتين المصرية اليابانية, وهي وإن كانت في ذلك تتفق من حيث الشكل الخارجي مع الجامعة الأمريكيةبالقاهرة التي أنشئت بموجب اتفاقية بين الحكومتين المصرية والأمريكية في حينه, فإنها تختلف معها من حيث أن الجامعة المصرية اليابانية خاضعة لإشراف وزارة التعليم العالي المصرية. ومن المنتظر أن توفر الجامعة فرص عمل ضمن طاقم هيئة التدريس بها لأجيال من الدارسين والباحثين المصريين الذين درسوا في الجامعات اليابانية, وتضمهم جمعية لخريجي الجامعات اليابانية يرأسها الأستاذ الدكتور فاروق إسماعيل رئيس جامعة القاهرة الأسبق. وقد تضاعف عدد الدارسين المصريين للدراسات العليا في الجامعات المصرية في السنوات القليلة الماضية ليصل إلي نحو خمسمائة دارس.