سوق الغذاء في مصر تشهد حالة من الفوضي حتي أصبحت80% من الاغذية المتداولة لاتخضع للرقابة! وبعيدا عن الارقام بات مايأكله المصريون في حاجة ملحة لمن يراقب. ويضمن جودة وسلامة الغذاء لحماية صحة المواطن من أضرار تناول أغذية معدلة وراثيا أو مستوردة أو مصنعة بطريقة غير آمنة وعلي الرغم من الإعلان عن إنشاء جهاز سلامة الغذاء منذ مايزيد علي عام ونصف العام لتكون مهمته سلامة الغذاء والإشراف والرقابة عليه بجميع مراحل تداوله إلا أنه مازال هناك الكثير من علامات الاستفهام حول تأخير دخول مشروع القانون لمجلس الشعب حتي الآن لاقراره ومن هنا تأتي أهمية هذا الحوار مع الدكتور حسين منصور رئيس وحدة سلامة الغذاء بوزارة التجارة والصناعة: * لماذا تأخر صدور قانون جهاز سلامة الغذاء حتي الآن؟ ** لأن سلامة الغذاء ليست أول اختصاصات أي جهة في مصر بل تتناولها عدة جهات بأولويات منخفضة مع الخلط في بعض الاحيان بين الأمن الغذائي وسلامة الغذاء قضية معقدة لها تخصصات متباينة جدا, وقانون إنشاء جهاز سلامة الغذاء المزمع إصداره في احدي مواده علي ان يكون الجهاز جهة وحيدة مسئولة ومتخصصة ينقل إليها العاملون من الجهات المختلفة وفق تخصصاتهم, ويتبع رئاسة مجلس الوزراء ووزارة التجارة الداخلية والصناعة, وللجهاز ان ينشئ فروعا له في المحافظات. * أين تضع مصر بين الدول في مجال سلامة الغذاء؟ ** مصر فقدت الريادة في مجال الغذاء, ونحن في درجة متأخرة في مجال سلامة الغذاء. * ماتعليقك علي تصريحات مسئولين بوزارة الصحة بأن القوانين الحالية تكفي لمواجهة مشكلة التلوث الغذائي وأننا لسنا في حاجة إلي جهاز سلامة الغذاء أو قانون جديد؟ ** فعلا القوانين الحالية مناسبة جدا لمتابعة الغذاء في مصر ولكن قبل خمسين عاما أما الآن فمع اختلاف وتطور تكنولوجيا صناعة وتداول الغذاء وتغليفه نحن الان نتحدث عن تطبيقات النانو تكنولوجي في سلامة الغذاء فأين نحن منه الآن, بالاضافة إلي أن أبرز العيوب الرئيسية في التشريعات الحالية هي عدم تحديد المهام لكل وزارة بعينها مع وجود تضارب في الاختصاصات فهناك أحد المتهمين في قضية أغذية استفاد من تضارب مواد القانون رقم(10) للغذاء الذي عرف فساد الطعام متي يكون ملوثا وأفرج عنه برغم أنه مدان لأن الحكم غير دستوري, وهناك قوانين أخري من القدم لو طبقت فعلا لأضرت بصحة المواطنين مثل قانون(132) لتداول الألبان. * ما الفرق بين قانون إنشاء جهاز سلامة الغذاء وقانون الغذاء الموحد؟ ** مشروع إنشاء جهاز سلامة الغذاء يختص بكل مايمس سلامة الغذاء وهو جهة تنفيذية وحيدة ويضم في مجلس إدارته ممثلين من الوزارات المعنية وعددا من الشخصيات العامة والمجتمع المدني وله مجلس امناء يحدد استراتيجية ست وزارات الزراعة والصحة والتجارة الداخلية والصناعة والبيئة والتضامن والسياحة وهذا المشروع تم تسليمه إلي مجلس الوزراء لمناقشته ورفعه لمجلس الشعب لإقراره, أما قانون الغذاء الموحد فسيكون بديلا للكم الهائل من التشريعات الحالية التي تصل إلي2500 تشريع, ويضع أسس سلامة الغذاء والرقابة عليها وفق المتغيرات الدولية والمتوافقة مع دساتير الغذاء العالمية. ومشروع إنشاء جهاز سلامة الغذاء ينص في احد بنوده علي أن يقوم الجهاز بإصدار قانون الغذاء الموحد حال إنشائه وحرصا علي الوقت فإن وحدة إنشاء جهاز سلامة الغذاء قامت بإعداد قانون الغذاء الموحد. * ست وزارات و15 جهة رقابية مسئولة عن ملف الأغذية في مصر وتشريعات عديدة, كيف سيتم فض التشابك بين هذه الوزارات في القانون الجديد؟ ** حصرنا جميع التشريعات الخاصة بالغذاء فوجدناها تصل لأكثر من2500 تشريع موزعة بين وزارات الصحة والزراعة والإسكان والتجارة والبيئة والسياحة, بعضها يعود لمراسيم ملكية, ومعظمها غير محددة وعامة وقد تتضارب في كثير من الاحيان وتتسم بشيوع المسئولية وبالفعل مع إصدار القانون الجديد لن يوجد تشابك حيث ينص علي أن يحل الجهاز محل الجهات المنوط بها إجراءات الرقابة علي الأغذية في الوزارات والهيئات العامة والمصالح الحكومية ووحدات الإدارة المحلية أينما وردت في القوانين والقرارات التنظيمية في هذا الشأن ويتولي جهاز سلامة الغذاء دون غيره القيام بإجراءات الرقابة علي الغذاء في مجال التداول والاستيراد والتصدير, وسوف تستمر هذه الجهات في ممارسة اختصاصاتها لحين استكمال الهيكل التنظيمي للجهاز ومباشرته اختصاصاته خلال فترة سنة من صدور القانون بقرار من رئيس مجلس الوزراء والوزير المختص. * هل الأجهزة الرقابية تعمل حاليا بشكل صحيح؟ ** الاجهزة الحالية تعمل بشكل منقوص لسببين الأول أن التشريعات وفلسفة التشريع المعمول بها حاليا لاتؤهل للعمل بالكفاءة المطلوبة فقرار عدم ذبح الإناث تقوم بمراقبته حاليا أكثر من جهة ممثلة في وزارة الزراعة والتموين والتجارة الداخلية والصناعة والنتيجة أن الاناث تذبح خارج السلخانات ولا تستطيع محاسبة جهة معنية نتيجة شيوع المسئولية, والسبب الثاني أن أنظمة العمل لاتؤدي إلي نجاح هذه الاجهزة بداية من الاجور وتوصيف الوظيفة وأسلوب الترقي, ويكفي أن تعلم أن بدل انتقال المفتش2 جنيه في الشهر وليس في اليوم وعدد العاملين يصل إلي5000 موظف جميعهم مؤهلات متوسطة فالأمور لا تخضع لنظام علمي وتسير بشكل عشوائي. * لماذا وصفت حملات مباحث التموين لأخذ عينات من الخضر والفاكهة من أسواق القاهرة الكبري لتحليلها بأنها مجرد تضييع للوقت وإهدار للمال العام؟ ** لأن التأكد من جودة وسلامة الغذاء لابد أن يبدأ من المزرعة وليس من الاسواق, ولا استطيع أن أطلق علي مايحدث حاليا من حملات علي الأسواق حملات رقابة, وقصر تحليل عينات الخضر والفاكهة في المعامل الحكومية المركزية سوف يمنحنا نتائج مضللة, لأن المعامل الحكومية ليست كلها معتمدة مما يتسبب في إهدار الوقت والمال العام, وفلسفة الرقابة الجديدة لاتقتصر علي أخذ عينات ولكنها تشمل البيئة التي أنتج فيها المنتج الغذائي فمثلا إذا كان هناك حيوان ذبح وسلخ وقطع علي الأرض بسكين وأيد لم تغسل ومخلفات الحيوان محيطة به من كل جانب فماذا ستجدي أخذ العينات من مثل هذا المكان وهل ستأتي التحاليل والفحوصات بنتيجة لانعلمها, الرقابة يجب أن تبدأ من مرحلة الانتاج وليس مرحلة البيع فقط, كما أن فحص الغذاء لابد أن يكون في معامل معتمدة, وسوف تتولي جهات متخصصة ومحترفة في هذا المجال تحديد مواصفات المعامل وفقا لمتطلبات جهاز سلامة الغذاء دون النظر إلي تبعيتها طالما استوفت الشروط المطلوبة فيها. * هل نملك نظاما لتقويم مخاطر الغذاء في مصر؟ ** لانملك ولم يوجد أصلا نظام لتقييم مخاطر الغذاء في مصر, وجود هذا النظام يعتمد بشكل كبير جدا علي المعلومات والبيانات وهذا ما تفتقده الانظمة الرقابية الحالية, ومن أولويات الجهاز ان يتم إنشاؤه من خلال التكامل مع مختلف الجهات المعنية وهذا ما هو معكوس في تشكيل مجلس أمناء ومجلس إدارة الجهاز المزمع إنشاؤه. * إلي أي مدي تتوقع أن ينجح جهاز سلامة الغذاء في ضبط المجتمع المصري وسلوكياته الخاطئة؟ ** لايمكن أن تحدث تغييرا في أية مفاهيم دون تدريب منظم وإعلام جاد. وسلوكيات المواطن جزء من مسئولية الجهات الرقابية المعنية وفقا لتخصصها فسلوكيات المواطن جزء أصيل من مسئولية جهاز سلامة الغذاء المزمع وسيكون به إدارة متخصصة للتوجيه والارشاد والاعلام مهمتها التدريب أولا وتأهيل وتعليم المواطن معرفة الحقوق والواجبات, كما أنه لايجب عند توقيع عقوبات أن تعاقب قبل أن يعلم المواطن ويتعلم وتتاح له الفرصة لمعرفة أضرار العقوبة التي ستلحق به عند المخالفة, والعقوبات في القانون الحالي تحتاج لمراجعة فهي تتراوح مابين5 جنيهات و6 شهور سجنا أو كليهما بدون تفريق بين مخالفة وأخري, وبدون ضوابط منطقية تتناسب مع حجم المخالفة ونوع المخاطرة في المنتج وحجم المنتج ووجوده في الأسواق وجميعها عناصر ستتم مراعاتها في القانون الجديد. * المجازر في مصر مشكلة كبري, فالدراسات تؤكد أن90% من الامراض تنجم عن تناول أغذية ملوثة من أصل حيواني, ولدينا مجازر معظمها يعتبر بؤرا للتلوث فماذا سيفعل الجهاز تجاه هذه المشكلة؟ ** بداية لايوجد في مصر مجازر ولكن نقاط ذبح بنص القانون وتختص به مصر منذ عام1897, وذكر في القانون كحالة استثنائية للذبح أثناء المناسبات كالاعياد في نقاط للذبح وليست مجازر, ومنذ ذلك التاريخ ظلت الأمور تتدني إلي أن أصبح الذبح خارج المذابح وفي المنازل وأنتهت الرقابة تماما, فكل المجازر في مصر يدوية, ولاتحتوي علي مبردات لحفظ اللحوم, وبالنسبة لدور الجهاز في مواجهة هذه المشكلة فإنه سيطور أعمال المجازر بناء علي دراسات قام بها من خلال تشريعات جديدة وأنظمة عمل مسايرة للنظم العالمية, ومن الغريب أنه لايوجد تشريع واحد يخص الجزار, ولايوجد جزار واحد معين في المجزر ولا سلطة عليه من الجهات الرقابية المشرفة, واضافة إلي ما اشرت إليه من أن القانون لم يذكر لفظ المجازر لكنه وصفها بنقاط ذبح وليست مجازر بالمعني المعروف عالميا. * كيف يتعامل الجهاز والقانون مع الغذاء غير المراقب أو مصانع توصف بانها مصانع بئر السلم؟ **80% من الاغذية المتداولة في الاسواق لاتخضع للرقابة, ان التعامل مع الغذاء غير المراقب ودعني أطلق عليه غير المراقب بدلا من مصانع بئر السلم وأغذية الشوارع لهما بعد اجتماعي ولابد من فصل الرقابة عن أماكن الغذاء عن الترخيص والضرائب, ولابد من التعامل مع هذه الفئة الموجودة في الواقع من خلال انشاء مراكز السوق الصحية للباعة الجائلين وتقنين أوضاعهم, وتصحيحها في فالمشكلة ليست في سن قوانين جديدة, فسياسة العقاب وحدها لن تجدي بل لابد من توفير بيئة مناسبة لهم أولا ثم نحاسبهم, وقد تم بالفعل وضع استراتيجية لرفع مستوي الباعة الجائلين والمنشآت غير المرخصة العاملة في مجال الغذاء.