أخيرا وبعد أكثر من عشرين عاما من الصمت علي ما يجري من كوارث في التعليم المصري تكلم الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب عما جري للثانوية العامة منذ أن كان يشغل منصب وزير التعليم وكان مقررا وقتها أن تكون هناك سنة رابعة للثانوية العامة تؤهل للقبول بالجامعات وهذه السنة هي التي تعوض السنة السادسة التي ألغيت من المرحلة الابتدائية. وبعد هذه السنوات الطويلة التي شهدت كل أنواع اللعب والألاعيب في الثانوية العامة والتي جعلتها بفضل السادة الوزراء المحترمين كيانا مشوها بلا ملامح.. جاء كلام الدكتور سرور في حضور الوزيرين هلال وبدر كاشفا لحجم الكارثة حين قال إن اهتزازات سياسات التعليم أدت إلي ثقوب في التطبيق العملي ومن أبرز هذه الثقوب أننا سوف نشهد في العام الدراسي المقبل عاما بلا مدارس وبلا قبول في المدارس وبلا قبول في الجامعات!! وذلك لأن سياسة التعليم التي تقررت قبل عشرين عاما بموجب قرارين الأول من المجلس الأعلي للجامعات والثاني من المجلس الأعلي للتعليم قبل الجامعي كانت تقضي بأن يكون دخول الجامعات لمن يجتاز موادا دراسية تقتضي دراسة لسنة رابعة في مرحلة التعليم الثانوي استكمالا للسلم التعليمي بعد إلغاء السنة السادسة من المرحلة الابتدائية.. ولكن للأسف بعد أن غادر وزير التعليم مقعده إلي منصب آخر والكلام للدكتور سرور الذي يقصد نفسه شخصيا وقد غادر موقعه وزيرا للتعليم إلي مقعد رئيس مجلس الشعب حتي أطاح الوزراء اللاحقون له بهذه القرارات وأصبح المدخل الوحيد للجامعة اليوم هو الثانوية العامة بوضعها الحالي دون تطوير وبالتالي نشأت سنة الفراغ بسبب إطاحة وزراء التعليم بالقرارات التي اتخذت بشأن إضافة سنة رابعة للتعليم الثانوي وبكلمات حاسمة بل وقاسية قال الدكتور سرور: نريد سياسة تعليمية ثابتة منسوبة للدولة لا للحكومة فقط.. يعني سياسة تعليمية مستقرة في دولة مستقرة ولا نريد سياسة تعليمية تعبر عن حكومة تأتي وحكومة تذهب بل ووصل الأمر إلي أن أصبحنا أمام سياسات تعليمية تتغير بتغيير وزير يأتي ووزير آخر يذهب!! انتهي كلام الدكتور سرور الذي وضع سياسات التعليم المصري في قفص الاتهام مؤكدا ما كررناه علي مدي سنوات حتي أصابنا الملل وهو أن التعليم في مصر لعبة الوزراء وأننا لم نعرف سياسة تعليمية تنتمي للدولة وأن سياساتنا التعليمية علي كيف ومزاج وهوي كل وزير. والمؤكد أن حال التعليم في مصر لن ينصلح أبدا طالما ظل خاضعا لكيف ومزاج وزير التعليم الذي يري نفسه عبقرينو القادر علي إصلاح ما أفسده الوزراء من قبله. وبعد كلام رئيس مجلس الشعب تسربت أنباء صحفية تتوقع أن تقوم وزارتا التعليم العالي والعام بتأجيل تطبيق النظام الجديد للثانوية العامة بسبب العقبات التي تواجه تطبيقه وتتمثل في رفض مجلس الشعب لبعض المعوقات الأساسية للنظام الجديد مثل تطبيق التقويم الشامل وأنه من المتوقع إدخال بعض التعديلات علي المشروع!! ويستطرد الخبر المنشور في الصفحة الأولي لجريدة الأخبار مؤكدا أن وزيري التربية والتعليم والتعليم العالي انتدبا رؤساء القطاعات لمراجعة أعمال لجان الخبراء الخاصة بوضع المناهج الجديدة بعد اتهامهما لهذه اللجان بتضليل الدكتور يسري الجمل وزير التربية والتعليم السابق وتقديم معلومات مغلوطة له وكذلك عدم استنادهم لأسس علمية في التطوير وأن الوزير السابق ياحرام لم يكتشف هذا التضليل رغم جلوسه علي مقعده الوزاري خمس سنوات كاملة!! يا نهار أزرق وبلاش نقول أسود!! فهذا الكلام معناه أن خبراء الوزير السابق الجمل سقوه حاجة أصفرا وضللوه وقدموا له معلومات مغلوطة كان من المقرر علي أساسها أن يبدأ العام المقبل تطبيق نظام جديد للثانوية العامة!! وطبعا الوزير السابق شرب الحاجة الأصفرا لأنه علي نياته وموضوع التربية والتعليم أساسا مش علي باله وبالتالي شرب ما شربه وهو يتوهم أنه يطور التعليم المصري!! ولو أن الوزير يتمتع ببعض الخبرة في أمور التربية والتعليم لتردد أو تمهل قبل أن يشرب ما قدمه له من يظن أنهم خبراء!! ولكن لأن أهم شروط اختيار وزير التربية والتعليم هو أن يكون بدون أي خبرة في شئون التربية والتعليم ويكفي حرف الدال أمام اسمه الكريم فقد شرب الوزير الجمل وسقي الشعب المصري معه تجارب التقويم الشامل والتراكمي وغيرها وجاء بعده الدكتور بدر وزيرا للتربية والتعليم وهو مع كل التقدير لشخصه وللزيارات المفاجئة له للمدارس يتوافر فيه شرط عدم الخبرة في شئون التربية والتعليم وبالتالي بدأنا من أول السطر في رواية تطوير التعليم التي لا تريد أن تنتهي وكل ما نتمناه للوزير بدر ألا يتسرع في شرب ما يقدمه له الخبراء من مشروعات أصفرا. وعلينا أن نتوقع أن نظل نسير علي طريق التجارب واللغوصة واللعب في التعليم وهو الطريق الذي بدأ منذ نصف قرن وشهد علامات مؤثرة في ظلها ألغيت سنة سادسة ثم عادت وتقررت سنة رابعة في المرحلة الثانوية ولم تنفذ واخترعنا ثانوية عامة بالتحسين وأخري منزوعة التحسين وثانوية سنة واحدة وثانوية منقحة مدتها سنتان وعرفنا حاجة اسمها سنة الفراغ وحاجة ثانية اسمها الدفعة المزدوجة وبرامج جامعية متميزة لمن يدفع وإلغاء للانتساب الموجه وربما يعود مرة أخري وتصفية للتعليم المفتوح لصالح التعليم الالكتروني.. باختصار ياسادة: التعليم المصري عبارة عن مولد وصاحبه هو السيد الأستاذ الدكتور الوزير.. ومدد علي طول المدد!! [email protected] المزيد من مقالات لبيب السباعى