روما ( د.ب.أ) خاص الأهرام: كان علي إيطاليا الفوز ببطولة كأس العالم عام1934 التي أقيمت علي أرضها كي تثبت للعالم علو شأن نظامها الفاشي, وكانت تلك هي الرسالة التي تلقاها فيتوريو بوتسو من بينيتو موسوليني. وتمكن المدير الفني القادم من تورينو من تنفيذها عبر تطبيق نظام شبه عسكري علي لاعبيه. وبعد البطولة بسنوات, كشف المدرب الملقب بالأستاذ العجوز والذي وافته المنية عام1968 عن الاجراءات التي اتبعها لقيادة الفريق الإيطالي نحو الفوز بكأس العالم فقال انه كان يفتح خطابات اللاعبين, وكان يوصلها لهم مفتوحة دون أن يشعر أحدهم بالإهانة لذلك, لكنه برر هذه الخطوة بانه كان يقرؤها ليعرف إذا ما كان لأحدهم صديقة أو أي شاغل آخر عن الالتزام بالعمل المكلف به, وهي اشياء كان عليه أن يعرفها, من أجل المصلحة العليا للفريق, وليس من اجل التجسس علي خصوصيات لاعبيه! وقبل انطلاق كأس العالم, أخذ بوتسو لاعبيه إلي جبال الألب كي يستعيدوا نشاطهم بعد المجهود الذي بذلوه في الدوري الإيطالي, وبعد ذلك أقام لهم معسكرا في روفيتا بالقرب من فلورنسا, حيث حفظهم نظامه التكتيكي وأعدهم من أجل الصراع الذي ينتظرهم في المنافسات الحقيقية لكأس العالم. وكانت مميزات العزلة واضحة بالنسبة للمدير الفني حيث ابعدتهم عن الجماهير, ولم يتمكن أحد من كتابة مقالات عن ألوان القمصان, كما لم تظهر في الصحف اي شائعات حول وجود خلافات داخلية مزعومة, باختصار كان هناك صوت واحد فقط, وكانت النتيجة ان الفريق خرج من هناك متحدا ككتلة واحدة, وعاقدا العزم, ولديه ذات الرغبة في تحقيق هدف الفوز بكأس العالم. لكن الأيام السابقة لانطلاق البطولة لم تخل من المشكلات لأن أفضل حراس المرمي كان كارلو تشيريزولي, لكنه أصيب خلال الاستعدادات بكسر في ذراعه وهو يحاول التصدي لإحدي الكرات بطريقة استعراضية, وحدث ذلك أمام أعين المدرب فيتوريو بوتسو الذي اعتقد وقتها ان فريقه ودع البطولة قبل ان تبدأ.. كما ان عائقا آخر وقع قبل شهور من تلك الواقعة خلال مباراة ودية أمام النمسا, الذي كان يلقب وقتها بفريق المعجزات تغلب في مدينة تورينو الإيطالية علي منتخب الآزوري ليثير شكوكا قوية حول قدرة اصحاب الأرض علي تحقيق الانجاز المنشود. ومع ذلك, أعلن بوتسو التحدي عقب هزيمة فريقه, وقال انه لو جمع القدر بين ايطاليا والنمسا في كأس العالم, سيدفع بنفس الفريق الذي خسر امامها وديا, ووقتها ستكون النتيجة مختلفة, لكن عندما جاء كأس العالم, كان المنافس في الدور الاول فريقا سهل المنال وهو منتخب الولاياتالمتحدة, وعلق المدير الفني الإيطالي علي ذلك اللقاء بقوله ان المباراة لم تكن رائعة, ولم تولد لدينا الإثارة, لأن الفريق الأمريكي كان يفتقر إلي كل شئ, ولاسيما القدرات الخططية. وفي دور الثمانية, كانت اسبانيا هي الخصم الأشد من جميع الجوانب, فالمباراة كانت دموية للغاية, ولم ينس بوتسو صداما وقع بين قلبي الدفاع الاسباني سيرياكو وكينكوسيس, فوصف تلك الواقعة بقوله انهما اصطدما بقوة لدرجة أنهما تحولا إلي شبه جسد واحد, وسمع جميع من كان في الملعب ارتطام عظامهما, وكان سيرياكو يتألم وجسده ممددا علي الأرض. لكن علي اي حال انتهت المباراة بالتعادل1/1 وعندما أعيدت في اليوم التالي لتفوز إيطاليا1/ صفر بهدف جوزيبي مياتسا أمام منتخب الاسباني الذي عاني من غياب العديد من لاعبيه. وفي الدور قبل النهائي استجاب القدر لبوتسو وكانت النمسا هي المنافس, لكن المدير الفني الإيطالي لم يف بوعده بالدفع بنفس الفريق الذي خسر في تورينو ودفع بلاعبين آخرين, لكنه فاز1/ صفر وتأهل إلي المباراة النهائية, حيث ينتظره الإنجاز الأكبر وهو تحقيق الواجب الوطني الذي بات علي بعد خطوة. ويقول بوتسو: لابد من الإشادة بعزم وشخصية لاعبينا, الذين تحملوا ثلاث معارك في أربعة أيام امام اسبانيا والنمسا, لقد كانت300 دقيقة من اللعب الشاق, بل والعنيف, دون أن يتهاونوا او ينهزموا سواء أمام المنافس أو أمام الإرهاق, كانوا يتمتعون بإرادة حديدية, مثل جندي جريح لايريد الرحيل عن خط القتال أو ترك زملائه, فيواصل القتال رغم الآلام. وكانت نتيجة تقدم إيطاليا في البطولة مباراة بعد مباراة ان البلاد كلها, التي اهتزت ثقتها عقب الخسارة أمام النمسا, تقف الآن بكل حماس خلف الآزوري, خاصة بعد ان اشعلت مباراتا إيطاليا ضد اسبانيا حماس الجماهير وزادت من ثقة الناس في الفريق وفي قدرته علي تحقيق الفوز بالكأس, وذلك خلافا لما كانت الصحف تقوله من ان لاعبي الفريق الإيطالي مثل أعمدة الإنارة القديمة, ومع تحول الشكوك إلي ثقة ظهر من يدعي انه كان يتوقع تقدم إيطاليا وفوزها بكأس العالم!! العقبة الأخيرة التي كان علي إيطاليا تخطيها كانت تشيكوسلوفاكيا, لكن الظروف كانت في صالح الفريق المضيف, وعلي رأسها وجود50 ألف متفرج يشجعون الفريق في ملعب الحزب الوطني الفاشي الذي امتلأ عن آخره. وفي المقصورة الدوتشي موسولويني لم يكن ينتظر أمرا آخر خلاف الانتصار. ويصف بوتسو ذلك اليوم بقوله: لم يكن مستوي المباراة مرتفعا, فالفريقان كانا شديدي التأثر لدرجة لم تساعدهما علي اللعب جيدا, وهي نفس المشكلة الدائمة التي تظهر في المناسبات الكبري, وهي ان أهمية الحدث تشل السيقان.