احداث هذه الواقعة ترجع الي عام1979 ويرويها المستشار خالد نجيب عندما جاءت سيدة الي والده المستشار فتحي نجيب لتشكو إليه زوجها والد ابنائها الذي لا يهتم بأسرته ولا ينفق عليها. لدرجة انها حتي لا تملك القروش القليلة التي تكاد تكفي للعودة الي دارها في إحدي قري دمنهور وبكت هذه المرأة الضعيفة قليلة الحيلة وطلبت من القاضي فتحي نجيب بمحكمة دمنهور للأحوال الشخصية ان يطلقها من هذا الزوج المستهتر عديم الضمير حتي تستطيع أن تستقيم حياتها وتربي ابناءها.. ووقف القاضي مكتوف الأيدي أمام مشكلة هذه الزوجة حيث لم يسعفه القانون الصادر عام1979 بحلها وكل ما استطاع أن يفعله إعطاءها مبلغا من المال يمكنها من العودة الي بيتها! ولكن لم ينته الأمر لدي القاضي الشاب آنذاك عند هذا الحد بل ترسخ في ذهنه سؤال مهم هو: كيف يمكن للمرأة أن تنفصل عن زوجها إذا استحالت العشرة بينهما بدون أن يكون رفض الزوج للطلاق عائقا دون انفصالهما ؟.. وظل هذا السؤال يلاحقه طوال عمله في القضاء مما جعله يبحث ويتحري في القرآن والسنة حتي وصل الي صيغة قانون الخلع والذي أخذ مساره المعروف الي أن طبق منذ عام2000 وكان للمستشار الراحل فتحي نجيب رئيس المحكمة الدستورية ومساعد وزير العدل للتشريع سابقا الفضل في ظهور هذا التيسير القضائي في قانون الأحوال الشخصية ويستوجب منا ان نذكر تلك الواقعة التي دفعته للتفكير في هذا القانون من البداية كما سردها لنا نجله المستشار خالد نجيب عضو المجلس القومي للمرأة والمستشار بمجلس الدولة عندما طلبنا منه وآخرين تقييمه للعشر السنوات التي مضت منذ بدء تطبيق هذا القانون حتي الآن فقال: ان قانون الخلع من اروع القوانين التي صدرت في الفترة الماضية لأنه جعل العلاقة الزوجية قائمة علي مبدأ التكافؤ وليس مبدأ الإجبار, فليس هناك زوجة مرغمة علي الاستمرار في العيش مع زوج لا تطيقه وأصبحنا نلاحظ حتي في الشرائح المجتمعية الشعبية أن العلاقة أصبحت متكافئة بين الزوجين بسبب قانون الخلع. بينما يري د. محمد المنسي استاذ الشريعة بكلية دار العلوم جامعة القاهرة أنه ليس هناك ترحيب بالقانون ونسبة ضئيلة جدا في المجتمع هي التي استخدمته وانه تم استغلاله ضد الرجل اكثر من كونه محققا للعدالة وهذا من وجهة نظره الشخصية. أما د. عبد المهدي عبد القادر استاذ ورئيس قسم الحديث بكلية اصول الدين جامعة الأزهر فيقول ان النساء فرحن في البداية بقانون الخلع معتبرين انه نوع من المكاسب ولكن بعد فترة وجيزة اكتشفن انهن الخاسرات! وعلي غير المتوقع لكونها امرأة تقر د. هدي عفيفي امينة المرأة بحزب الأحرار انها ضد قانون الخلع علي طول الخط ورأيها في المرأة التي تخلع زوجها غير مرض تماما للنساء اللاتي يلجأن الي هذا الأمر, لكنها في نفس الوقت تؤكد أن القسوة دائما تأتي من الرجال ونري أن السبب الرئيسي لاستخدام معظم النساء للخلع هو زواج الزوج بأخري. وتوضح د. نادية حليم استاذ علم الاجتماع ومنسق برنامج بحوث المرأة في المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أن القانون بوصفه الحالي ليس في مصلحة المرأة لأنه يحرمها من حقوقها الشرعية لذلك ينبغي النظر اليه علي أنه حل للمواقف الصعبة فقط.. أما عن مشكلات الخلع- علي حد تعبيرها- فتتمثل في عدة نقاظ.. اهمها القاعات المخصصة لمحاكم الأسرة ليست مهيأة لعملية التصالح ولا توجد أماكن لحماية الأطفال من مشاهدة هذه المواقف وكذلك ليس هناك العدد الكافي من القضاة لسرعة البت.. وبالتالي تفقده ثغراته مزاياه ولكنه يظل في النهاية ملاذا وحلا لمن لا حل له. ويشير د. رشاد عبد اللطيف استاذ تنظيم المجتمع وعميد كلية الخدمة الاجتماعية بجامعة حلوان سابقا الي أن تطبيق القانون في خلال السنوات العشر الماضية حوله الي قانون طبقي- حيث يستلزم ان تكون الزوجة طويلة النفس والطبقات الفقيرة ليست كذلك ولا تعرف نساؤها ثغرات القانون علي عكس السيدات القادرات ماديا اللاتي يستعن بمحامين علي درجة كبيرة من الكفاءة.. .. ويتمني استاذ تنظيم المجتمع ألا تمارس المرأة هذا الحق إلا عند الضرورة ولا يترك تنفيذ القانون للأمور الهوائية او العشوائية التي تؤثر سلبا علي الأسرة. وتري د. عفاف عبد الرحمن السيد مدرس مساعد بكلية الخدمة الاجتماعية قسم خدمة فرد بجامعة حلوان أن المرأة المستقلة اقتصاديا هي التي لجأت الي هذا القانون في معظم حالات الخلع التي تمت مؤكدة أن وجود مكاتب تسوية المنازعات الأسرية لعب دورا إيجابيا في قضايا الخلع وعدم تصعيد الكثير منها الي المحاكم وحصول الزوجة علي النفقة الشهرية دون اللجوء الي المحكمة... ومن واقع ما قامت به من دراسة توضح د. عفاف ان الخلع في هذه الفترة كان60% من مصلحة الرجال و40% من مصلحة النساء لأن هناك رجال يستفزون زوجاتهم بسوء المعاملة حتي تضطر الزوجة الي الخلع لكي يهرب الزوج من المسئولية المادية تجاهها. وتؤكد د. عزة كريم استاذ علم الاجتماع والمستشار بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أن الخلع تسبب في زيادة حالات الانفصال الأسري عما كان عليه قبل عشر سنوات حيث كان الزوج وحده الذي ينهي الزواج بالطلاق ثم أعطي الخلع الزوجة هذا الحق الذي له انعكاسات سلبية علي الابناء. ومن وجهة نظرها تري د. مها الكردي استاذ علم النفس الاجتماعي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أن الخلع يتناسب مع طبيعة المرأة القادرة ماديا. وتؤكد ان القانون طبقي جاء في مصلحة فئة معينة والفئة العظمي من المجتمع المصري لسن قادرات. وأخيرا إذا كانت الاحصائيات تشير الي أن هناك ما يقرب من2 مليون حالة طلاق و15 ألف حالة خلع بالمجتمع المصري فمازالت الأسرة المصرية بخير وخابت توقعات بعض الأوساط القانونية التي توقعت حدوث ما لا يقل عن مائة ألف حالة خلع عند صدور القانون منذ عشر سنوات!