حرص المشاركون في حوار التوافق الوطني بالبحرين علي تأكيد ايجابية الأجواء داخل جلسات الحوار, الذي انطلق الأسبوع الماضي بدعوة من عاهل البحرين الملك حمد بن عيسي آل خليفة, لمناقشة القضايا السياسية المختلف عليها, وإنهاء الأزمة التي نشبت منذ فبراير2011 واستمرت لنحو عامين. ورغم ما سبق الجلسة الأولي للحوار من تصريحات للتيارات المختلفة, سواء المعارضة او الأخري التي يصنفها المعارضون بأنها' موالاة' أو مؤيدة للسلطة, تحمل في طياتها تشددا من كل طرف تجاه مطالب الطرف الاخر, فضلا عن احجام تحالف جمعيات المعارضة الست عن اعلان مشاركته وأسماء ممثليه حتي اللحظات الأخيرة قبل أن يدفع بثمانية ممثلين للجمعيات الست إلي الجلوس علي طاولة الحوار, فإن أجواء التفاؤل الذي قد يبدو حذرا, قد سادت بين الكثيرين. إلا أن التشاؤم مازال يسيطر علي كثيرين أيضا خصوصا فيما يتعلق بالخلافات الحادة حول المطالب وخاصة التي تتمسك بها المعارضة وفي مقدمتها أن تكون الحكومة منتخبة, وهو ما يعارضه وبشدة تحالف الجمعيات السياسية الوطنية الذي يضم10 جمعيات يتصدرها تجمع الوحدة الوطنية الذي قلب المعادلة خلال الأحداث في2011 بحشده عدد ضخم من البحرينيين الرافضين لنهج المعارضة الشيعية التي تقودها جمعية الوفاق, وأثبت التجمع خلالها أن ما تطالب به المعارضة لا يعبر كما تدعي عن كل الشعب البحريني. ورغم تمسك المعارضة بالتفاوض مع الحكومة علي أساس طرف مقابل طرف فان ائتلاف الجمعيات العشر وشخصيات سياسية عديدة أكدت أن ما يجري هو حوار وليس تفاوض, فيما شددت وزيرة الدولة البحرينية لشئون الاعلام سميرة رجب علي أن الحكومة لن تكون طرفا مقابل أي طرف آخر مشارك في الحوار, وأن ما سيتم التوصل اليه يجب أن يتم بالتوافق بين جميع المشاركين, كما اكد وزير العدل والشئون الاسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي آل خليفة ان الحكومة ستكون جزءا من الحوار وستشارك فيه بكل فاعلية.وقد أصر ائتلاف الجمعيات السياسية العشر علي ضرورة إن يلتزم جميع المشاركين في الحوار برفض العنف, وقال أنه يتفق مع مطالب الجمعيات السياسية الست بضرورة توفير ضمانات لتنفيذ نتائج الحوار الوطني, لكنها في نفس الوقت تطالب بضمانات أخري فيما يتعلق بموضوع العنف الذي تعاني منه البحرين منذ أحداث2011 وحتي الآن. ولا يستبعد مراقبون في البحرين تكرار سيناريو حوار التوافق الوطني الذي عقد في يوليو2011 وانسحبت المعارضة منه في الجلسة الثالثة, خصوصا في ظل تلويحات بعض ممثلي المعارضة بهذا الانسحاب اذا لم تتحقق مطالبهم, وإصرار بعضهم علي التحدث باسم الشعب رغم وجود تيارات وقوي أخري تقف في الضفة الأخري وترفض هذه المطالب التي دفعت بالكثيرين إلي تأكيد أنها تمثل أجندة خارجية وهو ما تنفيه المعارضة.وحول فرضية واحتمال هذا الانسحاب قالت وزيرة شئون الاعلام سميرة رجب ل الأهرام أن الحوار سيستمر, وأنه سيتضح من خلاله الخيط الأبيض من الخيط الأسود, حيث سيعلم الجميع من الذي يريد الحوار عبر الاصلاح, ومن الذي يريد فرض أجندته ويشجع علي ممارسة العنف.وشددت الوزيرة علي أنه لا يمكن لطرف أن يفرض أجندة حوار علي طرف آخر, فأجندة وجدول أعمال الحوار يحددان بالتوافق بين جميع الأطراف المشاركة, ومن حق الجميع طرح ما يريدون علي طاولة هذا الحوار. ورغم أن منظمي الحوار كانوا قد أعلنوا أنه سيتم عقد ثلاث جلسات أسبوعيا وبدون سقف زمني لانتهاء الحوار, فقد قرر المشاركون في الحوار اختصار جلساته لتكون جلستين فقط أسبوعيا, فيما أثار تأكيد وزير العدل البحريني علي اقرار مبدأ التوافق وانه لن يكون هناك تصويت في هذا الحوار, الارتياح في أوساط المعارضة التي كان بعض ممثليها يبدون تخوفهم مما وصفوه ب المغالبة العددية. وعلي حين يبدو الوقت مبكرا للحكم علي مسار الحوار الوطني, حيث ستخصص الجلسات الأولي للترتيبات الاجرائية والاتفاق علي الأجندة وجدول الأعمال, فإن البحرينيين يترقبون ما سيسفر عنه هذا الحوار, وما اذا كان سيؤدي إلي إنهاء الأزمة ويغلق هذا الملف نهائيا, أم أن الأوضاع ستكون مرشحة للتصاعد بسبب التعنت في المطالب. وكما تؤكد مصادر بحرينية فإن التنازلات والوصول إلي منتصف الطريق هي سمة أي حوار بين أطراف تسعي لتجاوز أي أزمة, وأنه إذا ما التزم المشاركون في الحوار الحالي بهذه القاعدة الجوهرية, فإنه يمكن عندئذ الحديث عن حل للأزمة, وفيما عدا ذلك فإن من سيتسبب في فشل الحوار سيتحمل المسئولية, وسيكون حينذاك لكل حادث حديث.