جمعت أشياءها وقررت الرحيل..لا أجد سببا مقنعا لهذا القرار المفاجئ إلا انها تغيرت.. وما هي اسباب التغيير.. هل زار قلبها ساكن جديد..هل شعرت بالملل.. هل تحولت مسئوليات الحياة إلي شبح يومي يطاردنا..هل تفرض الظروف علينا أشياء لم نفكر فيها ولا نرضاها.. دارت كل هذه التساؤلات في رأس صديقي القديم يحكي قصته مع زوجة أحبها ثلاثين عاما ومنحها أجمل سنوات العمر وقررت فجأة ان تترك له البيت والأبناء وسنوات العمر الضائع..صديقي العاقل الرزين المخلص لرفيقة عمره يسألني لماذا تتغير المشاعر فجأة, هل يمكن بعد كل هذا الحب ان تزورنا أشباح الكراهية.. ومن أين نبدأ وقد تسربت منا سنوات العمر ومضت ولا نستطيع استرداد يوم واحد منها.. قلت لصديقي: لا أجد أمامي مبررا قويا لرحيل زوجتك فأنا اعرفها وهي ليست من هذا النوع من النساء الذي يحب التغيير لأن التغيير من طبع الرجل وقليلا ما نجده في النساء.. وزوجتك حافظت علي عشرتها معك كل هذا العمر ولا اعتقد انها حملت لك يوما مشاعر غضب أو كراهية, والمشكلة عندي هي الأبناء الثلاثة كيف ستكون حياتكم معا, انني اعلم انهم صاروا كبارا ولكنني لا اتصور غياب الأم لأنها ليست فقط الصدر الحنون والقلب الصادق ولكنها حصن امان نفسي للأبناء.. لا توجد مشاعر في الدنيا تشبه الأمومة, إنها نبع العطاء الذي لا يجف ولا ينتهي وحين تنسحب الأم من حياة الأبناء فلا شئ يعوضهم عنها خاصة انها رحلت وكل واحد منهم في احتياج لها.. قلت لصديقي لماذا لا تحاول ان تناقشها في اسباب الرحيل..حاول ان تلقي الأبناء في صدرها لعل القلب الغاضب يتحرك ويستعيد نبضه.. نظر صديقي بعيدا وهمس.. لقد فعلت ذلك وأكثر.. تجاوزت حدود الرجاء ووصلت إلي منطقة الكرامة وهي تصرخ في وجهي ارجوك دعني ابدأ حياتي من جديد.. اقول لكل إنسان له قلب.. ارجوك قبل ان تبحث عن حياة جديدة وتمضي هاربا لا تبدأ علي أنقاض الآخرين ولا تترك خلفك جراحا لأن الجراح دين سوف نسدده ولا نعرف في أي زمان. [email protected] المزيد من أعمدة فاروق جويدة