في زمان مضي كان باب الفتاوي مقصورا علي دار الإفتاء ولجان الفتاوي بالأزهر الشريف وكانت هذه الجهات الرسمية تضم نخبة من أفضل العلماء والمشايخ ورجال الدين.. وكانت الفتوي مسئولية أمام الله أولا وأمام الشعب وأمام الضمائر الحية التي تدرك مسئولية هذا العمل الجليل.. وكان من الصعب بل من المستحيل أن يتبرع احد بالفتوي في أمور لا يفهم فيها.. وكانت هناك تخصصات واضحة في كل أنواع الفتوي بحيث نجد عالما متخصصا بحكم الخبرة والدراسة في مجال معين دون غيره هناك من يفتي في المواريث وآخر في المعاملات وثالث في أحوال الأسرة ورابع في شئون الدين والعبادات.. وإذا علمنا أن كتابا مثل الفقة في المذاهب الأربعة يقع في أربعة أجزاء منها جزء واحد للعبادات وثلاثة أجزاء للمعاملات لأدركنا أهمية المعاملات في الإسلام وهي الأساس في كل أمور الدين والحياة.. وقد شهدت الساحة الدينية في السنوات الأخيرة حالة من الفوضي في الفتاوي وخرجت علينا جموع من الأشخاص الذين يقدمون الفتاوي علي شاشات التليفزيون وفي الصحف والفضائيات واختلط الحابل بالنابل وتحولت الفتاوي إلي ما يشبه المعلقين في كرة القدم بل أنها اختلطت في أحيان كثيرة بتفسير الأحلام واخراج العفاريت وكان الشخص يجلس أمام المشاهدين يقدم الفتاوي ويفسر الأحلام ويشعل البخور ويخرج العفاريت.. حدث هذا كله والأزهر الشريف بعيد تماما عن هذا السيرك الذي نصبته الفضائيات.. وفي الأيام الأخيرة وصلت الأمور إلي أسوأ حالاتها حين أفتي أحد المشايخ وللأسف أنه أستاذ بالأزهر بقتل المعارضين لسياسة الرئيس محمد مرسي.. وفي نفس الوقت كانت هناك فتوي أخري في تونس تؤكد نفس الجريمة وأدت إلي مقتل المعارض التونسي شكري بلعيد.. لم نعد نواجه فقط فوضي الشارع أو الاستبداد تحت راية الدين ولكن خرج علينا من يفتي بالقتل باسم الدين.. مطلوب وضع ضوابط صارمة للفتوي ووقف هذه الفوضي حتي لا تصبح مبررا لحرب أهلية أمام أشخاص يفسدون كل شيء حتي وأن رفعوا راية الدين. [email protected] المزيد من أعمدة فاروق جويدة