زراعة الأعضاء عملية جراحية إنسانية تتعلق بإنقاذ حياة مريض مزمن ينتظر الموت في أي وقت أو تحت رحمة الأجهزة الطبية. ومع زيادة أعداد المرضي وحاجتهم إلي أعضاء مماثلة ليواصلوا رحلة الحياة ظهرت الجرائم غير الأخلاقية وسط مافيا تجارة الأعضاء, إلا أن الأطباء استحدثوا قانون زراعة الأعضاء من المتوفين كبديل ينقذ المرضي ويضع مصر في مكانة لائقة في هذا المجال ونرصد في هذا التحقيق آراء الخبراء والمتخصصين في زراعة الأعضاء. في البداية يقول الدكتور عبدالحميد أباظة مساعد وزير الصحة ورئيس اللجنة الفنية لزراعة الأعضاء: إن أصل عمليات زراعة الأعضاء كانت من المتوفي للحي, ولكننا لجأنا لعمليات الزرع من الحي إلي الحي لإنقاذ حياة وأرواح مواطنين لا أمل لهم في العلاج, خاصة في أمراض الكبد, ووفقا للمواثيق الدولية والقواعد الدينية, خاصة في السعودية وإيران والأردن, حيث تعد تلك العمليات صدقة جارية, لأن التبرع بعد الوفاة يساعد علي إعادة الأمل لأشخاص آخرين. وقد طالب بسرعة تفعيل قانون زراعة الأعضاء من المتوفين حديثا, لأنه سيسهم في حل العديد من المشكلات في جراحات زراعة الأعضاء, والتي علي رأسها تأخر مصر في جراحات زراعة القلب والبنكرياس والكبد الكامل, خاصة أن العديد من الدول الإسلامية تسمح بزراعة الأعضاء من المتوفين منذ سنوات. وعن كيفية تطبيق القانون, يقول الدكتور عبدالحميد أباظة رئيس اللجنة الفنية لزراعة الأعضاء: إن التبرع يكون عن طريق إرادة حرة من المتوفي أثناء حياته, حيث يقوم بالذهاب إلي الشهر العقاري أو اللجنة العليا بحضور اثنين من الشهود ليقر بالتبرع أمامهما بأعضائه بعد وفاته, ومقابل ذلك يتم إعطاؤه( كارت تبرع) ويدرج اسمه في قوائم المتبرعين, ووفقا لهذا الكارت يتم التبرع بأعضائه بعد وفاته. وأكد أنه لا يمكن لأي شخص من أهله التبرع بأعضاء المتوفي بعد وفاته إذا لم يكن مدرجا اسمه علي قائمة المتبرعين. وشدد الدكتور عبدالحميد أباظة علي أن قانون نقل الأعضاء من المتوفين سيقضي علي حالات المتاجرة في الأعضاء, لأنه القانون الوحيد الذي ينظم حالات التبرع, خاصة أنه يكون هبة من المتبرع دون مقابل, مؤكدا أنه إذا تم اكتشاف أي نوع من المقايضة تكون العقوبة المحددة من02 إلي52 سنة سجنا لكل أفراد التشكيل بداية من السمسار إلي الطبيب حتي المستشفي الذي أجري فيه العملية. وأكد أن قواعد اللجنة سيتم تطبيقها بحزم داخل جميع المستشفيات التي تجري جراحات زراعة الأعضاء وعلي رأسها مستشفيات القوات المسلحة والشرطة. وأشار إلي أنه تم إرسال نسخة من العقوبات المقررة بقانون زراعة الأعضاء إلي النيابة العامة حتي تبدأ تطبيقها علي الجرائم التي ترتكب في هذا الشأن. وقال رئيس اللجنة الفنية لزراعة الأعضاء: إنه تم إرسال مذكرات إلي المجلس الأعلي للصحافة وإلي المؤسسات الصحفية تطالبهم بوقف أي إعلانات تطلب متبرعين بالأعضاء, وذلك لأن الإعلانات مجرمة قانونا, وفي حالة نشر أي إعلان ينص علي ذلك يتم مخاطبة الجريدة لوضع ميثاق شرف لتلك النقطة. وأكد أن تكلفة زراعة الأعضاء ستقل مستقبلا مع زيادة المراكز المخصصة لتلك الجراحات. وأكد أن قانون التأمين الصحي الجديد سيتحمل07 ألف جنيه والدولة تدفع07 ألف جنيه لعمليات الزرع, وجمعيات خيرية تسهم في الباقي. وأشار الدكتور عبدالحميد إلي أن انتقال الفريق الطبي إلي المتوفي في أي مكان سيكون من خلال الإسعاف الطائر, الذي يعد أحد أهم آليات زراعات الأعضاء لسرعة نقل المتوفي, خاصة أن الأعضاء تزال علي قيد الحياة لمدة81 ساعة.. مؤكدا أن اختيار الحالة التي سيجري لها العملية يكون من خلال أرقام كودية مسجلة علي النظام الخاص بتلك العمليات لا علاقة لها باسم معين أو وظيفة معينة. وأوضح الدكتور عبدالحميد أن القانون وضع شروطا صارمة للتبرع بالأعضاء في حالة التبرع من مصريين إلي أجانب, ففي تلك الحالات يجب أن يكون المتبرع من أحد الزوجين أن تكون قد مر ثلاث سنوات علي الزواج بعقد موثق أو من أحد الأبناء الذي لا يقل عمره عن81 عاما, وفي حالة إجراء جراحة زراعة أعضاء لأجانب يجب موافقة سفارة الدولة التي ينتمي إليها علي إجراء الجراحة داخل مصر. ويري الدكتور جمال عصمت نائب رئيس جامعة القاهرة واستشاري الكبد بطب قصر العيني أن قانون نقل الأعضاء من المتوفين مهم جدا في الحقل الطبي ولكن إذا طبق بمعايير وضوابط جادة, لذلك لابد من وضع أساسيات لا يمكن اختراقها, لأنه إذا حدث عكس ذلك لابد أن تكون العقوبة صارمة من خلال شطب أسماء الأطباء المتهمين من النقابة أو إغلاق المستشفيات التي تخرج عن المعايير الأخلاقية. وأكد الدكتور محمد إسماعيل البحيري أستاذ العقيدة في جامعة الأزهر أنه يجوز نقل الأعضاء من المتوفي للحي بشرط موافقة الشخص المتبرع قبل وفاته بكامل إرادته, وذلك لأن الإنسان بعد وفاته لن يستفيد من أعضائه في شيء, بل يساعد إنسانا آخر علي الحياة, فالإسلام دين يسر ويدعو إلي التعاون وقضاء الحوائج.. مشيرا إلي أن قانون زراعة الأعضاء مطبق في العديد من الدول الإسلامية التي لها تجارب ناجحة في هذا المجال, وهو يتفق مع الشريعة, لمساعدته في حماية الإنسان والحفاظ علي حياته وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية.