'سكايب' لم يعد الوسيلة الأسهل للتواصل صوتا وصورة بين ملايين البشر حول العالم, بل وسيلة للحكم واتخاذ القرارات أيضا. تاكسين شيناواترا الرجل الأكثر إثارة للجدل والهارب من اتهامات بالفساد وأحكام قضائية بالسجن, يحكم تايلاند' عن بعد' من منفاه الاختياري في دبي بعد انقلاب عسكري أبيض ضده. وعبر18 شهرا من الحكم, اعترف الحزب الحاكم' بويا تاي' الذي تتزعمه ينجلوك شيناواترا شقيقة تاكسين, وأول سيدة تترأس الحكومة في تاريخ تايلاند بأن أغلبية القرارات السياسية المهمة في ثالث أكبر اقتصاد آسيوي تأتي من' الشقيق الأكبر'.' السيدة الجميلة' نجت مؤخرا من اقتراع بحجب الثقة في البرلمان بعد مظاهرات حاشدة طالبت بإسقاطها. فالمعارضة تتهمها بأنها' دمية' خيوطها في أيدي الشقيق الأكبر الذي يمسك بزمام القرارات المهمة. يجلس تاكسين عبر الأثير ويقوم بإلقاء خطب سياسية تستمر ربما أكثر من ساعتين, ويلعب دور' المعلم' ويجلس الوزراء وعلي رأسهم شقيقته ليمتثلون لقراراته.. ينجلوك تعتبر الأمر عاديا وليس استثنائيا, فالشقيق يتحدث مع قيادات الحزب فقط لإظهار الدعم وليس للنصح. ينجلوك-45 عاما- حاولت التقليل من الدور الذي يلعبه شقيقها في حكم البلاد بعد توليها رئاسة الحكومة, وظهر تاكسين بعد إعلان شقيقته ليؤكد أنه يقدم دعما معنويا فقط. ومنذ ذلك الحين ولنحو عام ونصف العام أصرت علي أنها الحاكمة لسياسات تايلاند. يلف شيناوترا العالم في طائرته الخاصة, ويتواصل مع وزراء الحكومة التايلاندية عبر' الشات' باستخدام العشرات من هواتفه المحمولة, ويدلي بتعليقاته عبر جميع وسائل التواصل الاجتماعي خاصة' تويتر' ويقرأ وثائق الحكومة التي يرسلها له كبار الموظفين. رسميا, تعتبر ينجلوك رئيسة الوزراء بعد أن رشحها تاكسين لقيادة الحزب في الانتخابات العامة في2011, لكنه من الخارج ومن خلال زيارته المنتظمة إلي الدول الآسيوية القريبة من بلاده, استغل تاكسين-63 عاما- الانترنت وأحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا لابتكار واحدة من الطرق الاستثنائية لحكم بلده عن بعد. شاروبونج روانجسوان وزير الداخلية والسكرتير العام للحزب الحاكم أكد أنه' يمكن الاتصال بشيناواترا في أي وقت, العالم تغير وأصبح بلا حدود, لم يعد مثل الذي كان عليه منذ100 عام عندما كان يتم استخدام التلغراف'وأشار إلي أنه إذا وقعت مشكلة في الدولة فإنه يتصل به فورا. ويؤكد المسئولون بالحزب أن شيناواترا لديه عدة أرقام مختلفة يعيطها حسب أهمية المسئول. وتتولي ينجلوب تسيير أعمال الحكم اليومية التي تصغر شقيقها بنحو18 عاما, لكن إذا كان هناك شيء واحد يتفق عليه أعداء وحلفاء تاكسين, هو اعتباره المسئول عن اتخاذ القرارات الكبري في الدولة البالغ تعدادها65 مليون نسمة. وكما أكد محامي تاكسين وأحد أعضاء الحزب فإن شيناواترا هو مؤسس حزب' بيو تاي' الحاكم وواضع سياساته, الأغرب أن شعار الحزب خلال الحملة الانتخابية كان' تاكسين يفكر.. وبيو تاي ينفذ'. تاكسين ويستخدم ويستخدم تاكسين أيضا' واتس أب' و'لاين' للتواصل مع الحكومة, ومعظم هذه الجلسات التي يعقدها تتناقلها وسائل الإعلام. وفي آخر هذه الجلسات الشهر الماضي ناقش تاكسين الانتخابات الوشيكة لاختيار عمدة بانكوك كما طمأن أعضاء حزبه بالفوز الأكيد واستهزأ بالمعارضة قائلا' أيا كان الذي سترشحونه حتي لو كان عمود كهرباء فإنه سيفوز علي المعارضة'. ويظل تاكسين شخصية خلافية اكتسبت تعاطفا كبيرا بين التايلانديين الفقراء الذين اعتبرونه بطلا خلال توليه رئاسة الوزراء لولايتين, وذلك علي العكس من معارضيه من النخبة الملكية الذين يرون فيه وفي حزبه إمكانية قلب الوضع القائم الذين يستفيدون منه رأسا علي عقب. المنتقدون غاضبون مما يعتبرونه ميله لخلط شئون الدولة بتوسيع إمبراطوريته الاقتصادية. ومع التحسن الذي تشهده تايلاند بسبب ازدهار السياحة يعجز المعارضون عن تحريك عن إنكار أن الرجل الذي حاولوا الإطاحة به يوما ما زال يحكمهم.