انعكس المشهد السياسي الملتهب حاليا علي البورصة وسوق الصرف والاتفاق مع صندوق النقد الدولي والذي تحصل مصر بموجبه علي قرض ال4.8 مليار جنيه. ففي الوقت الذي خسرت فيه البورصة مليارات من رأس المال السوقي بدأت البورصة تشهد ظاهرة الانسحاب المنظم للعملاء من السوق, وتناقص عددهم من280 ألفا إلي70 ألف جنيه!! كذلك واصل الدولار صعوده خاصة في السوق السوداء في ظل تزايد الطلب وندرة العرض والناتج عن ندرة موارد النقد الاجنبي من السياحة والاستثمار الاجنبي وما يعنيه ذلك من زيادة تكلفة الاستيراد والتضخم الناتج عنه.. المشهد السياسي وانعكاساته علي البورصة وسوق الصرف المضطرب والاتفاق مع صندوق النقد الدولي والذي بات مرشحا حاليا للتأجيل يطرح تساؤلا حول كيفية مواجهة الوضع خاصة في البورصة وما إذا كانت هناك ضرورة لاتخاذ إ جراءات احترازية لمواجهة الانخفاض في أسعار الاسهم وما ينجم عنها من تبخر مدخرات صغار المستثمرين واستحواذ الشركات الأجنبية علي الشركات المصرية بأسعار منخفضة.. لقد رفض جانب من خبراء البورصة وسوق المال فرض المزيد من القيود علي حرية التداول, وأكدوا أن أداء البورصة خلال المرحلة المقبلة يرتبط بتطورات المشهد السياسي. بداية يؤكد هشام توفيق خبير أسواق المال أن هناك حاليا انسحابا منتظما للعملاء من السوق وقد تمثل ذلك في نضوب السيولة وانخفاض احجام التداول. حيث كسرت البورصة ال300 مليون جنيه في اليوم بعد الوصول ل800 مليون و500 مليون من النصف الثاني من2012 والآن الذي اصبح واضحا هو الانسحاب التدريجي لما تبقي من المستثمرين, ففي عام2008 كان هناك270 ألف مستثمر نشطا في البورصة حاليا أقل من70 ألف مستثمر نشطا. وبالنسبة لرأس المال السوقي فهو ثابت عند مستوي5500 وهو رقم غير سييء.. إلا أن مصر تستحق تداولا علي الأقل لا يقل عن600 مليون جنيه. ونحن نشهد نصف هذا التداول وإذا رجعنا لمستويات2009/2008 نجد أنه كان ملياري جنيه. ويري توفيق أن المشهد السياسي أثر علي سعر صرف الجنيه والذي بدأ في التدهور.. والانخفاض وقد كان هذا منتظر ا حدوثه منذ سنه ونصف السنة بل كان مفروض حدوثة إلا أنه تم الاحتفاظ بقيمة الجنيه عند مستويات منخفضة وسمحنا بخروج كثير من الأموال بسعر جيد وكان المفروض من يخرج أموال يخرجها عند مستوي5 جنيهات أو6 جنيهات لكننا اعطينا له الفرصة ان يخرج ب5.6 و6 جنيهات وبهذه الاسعار الرائعة ضاع أكثر من نصف الاحتياطي النقدي ولم يعد لدينا ما ندافع به عن الجنيه المصري وبالتالي نحن نتجه حاليا للمستوي الذي يعكس العرض والطلب. ويظل التساؤل: هل يجب فرض إجراءات احترازية في مواجهة الانخفاض الحالي في اسعار الأسهم. يجيب علي ذلك وائل زايدة خبير أسواق المال فيقول إنني ضد أي قواعد من شأنها تقويض آليات السوق الحر في تحديد أسعار بيع وشراء الاستثمارات علي أساس قيمة المخاطرة والعائد المتوقع من الاستثمار فهذا النوع من التحديد يطيل من الفترة الزمنية التي تستغرقها الاسهم للوصول لمرحلة الاتزان أو آلية توازن السوق. حيث يري عدد كبير من المستثمرين الاجانب وايضا من المؤسسات أن هذه الآلية الخاصة بالتثبيت تحجم من المرونة الوقتية اللازمة لاتمام عمليات البيع والشراء بشكل سلس وتضع قيودا امام تحرك رؤوس الأموال.. بالاضافة إلي أن هذه الآليات الخاصة بتثبيت الاسعار فان تأثيرها يكون فقط في المدي القصير لانه إذا رأي البائع أو المشتري ان هبوط السوق سيزيد عن قيمة معينة فإنه سوف يصل لهذه القيمة سواء في غضون دقائق أو ساعات أو أيام وردا علي تساؤل حول انخفاض الاسعار واستحواذ الاجانب علي الشركات وتضرر صغار المستثمرين, يقول وائل زايدة ما هو العائد الاقتصادي في المدي القصير من انخفاض الاصول بشكل كبير وارتفاعها لا يوجد عائد علي الاقتصاد لكن العائد علي الاقتصاد من سوق مالية حرة في المدي المتوسط أو الكبير هو عائد أكبر بكثير من الضرر الذي ينجم عن تذبذبات الأسعار في المدي القصير لما يتبعه من اجتذاب رؤوس أموال أجنبية لهذه السوق, وحول مخاطر استحواذ الاجانب علي الاصول الرخيصة يقول: تنص القواعد وعند زيادة قيمة الشراء علي10% علي ضرورة اخطار هيئة سوق المال وان زادت علي30% ضرورة طلب شراء من خلال عرض شراء اجباري ل100% من الشركة وعادة مثل هذه الاخبار يكون لها أثر ايجابي كبير جدا علي جميع القطاعات إذن لديك قواعد تحدد الشراء وتسمح بالشراء عن طريق قواعد محددة. والاستحواذ يعني دخول رؤوس أموال أجنبية أما بخصوص تبخر أموال المستثمرين, فعلي المستثمرين ان يطلبوا النصيحة الفنية من بيوت الخبرة المتخصصة أو يلجأوا إلي أدوات استثمار مختلفة مثل الاستثمار في الصناديق المفتوحة التي تديرها شركات ومؤسسات مالية وبالتالي يستطيعوا أن يتفادو الكثير من قرارات البيع والشراء الخاطئة.. ووضع قرارات تحمي صغار المستثمرين من شأنه عدم حل المشكلة بشكل جذري وهي مثل فكرة حماية الصناعات التي لا تتميز بأي نوع من أنواع الكفاءة بحجة أنها صناعة وطنية وعدم فتحها علي المنافسة وهذا مسار تطور السوق الطبيعي. فكثير من صغار المستثمرين حاليا ليس لديهم الخبرة الفنية للاستثمار بالبورصة والذي يجب ان يترك للمتخصصين وبالتالي فعادة مايلقون باللوم علي خسارتهم علي أسباب ليس لها دخل إطلاقا بهذه الخسارة. ويتوقع زايدة ان تتأرجح أسعار الاسهم في الفترة المقبلة وأن يظل المشهد السياسي مسيطرا علي حركة الاسهم وفي الاجل القصير هناك استحالة في التنبؤ بما يحدث سياسيا وبالتالي فإن نصيحة الشراء تكون علي الأسهم ذات المردود الاقتصادي المرتفع عي المشهد الطويل.. ويكشف الدكتور عبدالمنعم السيد مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية عن تأثيرات سلبية علي الاقتصاد المصري نتيجة الوضع السياسي الذي تشهده مصر حاليا. ويأتي علي رأس تلك التأثيرات إنخفاض التصنيف الائتماني لمصر من جديد, حيث من المتوقع أن تصدر المؤسسات المالية العالمية تخفيض جديد للنصنيف الائتماني المصري, مما سيزيد ويرفع من تكلفة الاقتراض الخارجي, كذلك زيادة الانخفاض في العملة المحلية( الجنيه المصري) أمام الدولار وارتفاع الدولار نظرا لسوء الوضع الاقتصادي, مما سيؤدي إلي ارتفاع مزيد من السلع والخدمات داخل مصر, وبالتالي زيادة التضخم, أيضا عدم قدرة البلاد حاليا لطرح مشروع الصكوك الاسلامية نظرا لحالة الارتباك وعدم وجود المناخ الصحي لتدفق الاستثمارات داخل مصر, كذلك انخفاض حركة التداول والبيع والشراء في مصر بسبب عدم الاستقرار السياسي التي تشهدها البلاد, وخوف الكثيرين وإحجامهم عن الشراء احتفاظا بالسيولة, مما سيؤثر علي حجم السيولة المتداولة بالبلاد وانخفاضها, كذلك فالوضع السياسي الحالي سيؤثر سلبا علي تفاوض مصر مع صندوق النقد الدولي الذي يتطلب حالة من التوافق السياسي والمجتمعي داخل مصر ليمنح قرضا في حدود4,8 مليار دولار, كذلك فالوضع الحالي والارتباك السياسي سيؤثر سلبا علي البورصة المصرية التي تشهد بالفعل خسائر بسبب مبيعات الأجانب والصرف وتراجع مؤشرات البورصة, كما أن حركة الانفلات الأمني والسياسي التي تشهدها البلاد سيؤثر علي حركة امدادات السولار والبنزين ويشعل أزمة البنزين والسولار في مصر من جديد, خاصة واننا بدأنا السحب من الاحتياطي, كما أن الانفلات الأمني سيؤثر سلبا علي المتاجر والمصانع في مصر بسبب سوء حركة النقل وقطع الطرق والكباري التي تشهدها البلاد, مما يؤدي لانخفاض الناتج القومي, فالاقتصاد المصري يعيش أسوأ حالاته منذ زمن بعيد, ولايوجد مستثمر أجنبي أو مصري يجرؤ علي الدخول في الاستثمار في مصر بسبب الأوضاع الحالية وعدم التوافق الذي تشهده, خاصة في ظل قرار فرض حالة الطوارئ وحظر التجول الذي تشهده مصر حاليا.. كذلك فأحداث العنف حاليا ستؤدي إلي زيادة فاتورة عجز الموازنة المصرية التي من المتوقع أن تتجاوز822 مليار جنيه وتسبب انخفاض الجنيه المصري أمام الدولار خاصة وأن مصر تستورد أكثر من06% من احتياجاتها. كذلك فانخفاض الناتج القومي لتعطل حركة النقل والوقفات الاحتجاجية وتعطل المرافق العامة والاعتداء عليها وسرقة محتوياتها سيؤدي لتراجع الايرادات العامة للدولة وهو ما سيمثل عبئا اضافيا علي الموازنة العامة, ويكشف الدكتور عبدالمنعم السيد من انخفاض الاحتياطي النقدي بأكثر من12 مليار دولار خلال عامين ليستقر عند51 مليار دولار, بعد أن كان قد وصل ل63,5 مليار في0102, مع الأخذ في الاعتبار أن ال51 مليار دولار تتضمن ودائع3 مليار دولار لكل من قطر والسعودية وتركيا, أي أن الاحتياطي النقدي الذي تملكه مصر في حدود21,5 مليار دولار وهو ما يمكن أن تصفه بالوضع الحرج, كذلك أصبحت مصر من أسواء3 دول فيما يتعلق بعجز الموازنة, ويوجد عجز في ميزان المدفوعات السلعي يصل ل62 مليار دولار ويكشف وعبدالمنعم السيد عن زيادة الأعباء التي تتحملها الدولة لأقساط وفوائد الدين الداخلي والخارجي, فالداخلي وصل نسبته07% من اجمالي الناتج القومي, والدين الداخلي تجاوز ال53 مليار دولار حوالي512 مليار جنيه بنسبة22% من اجمالي الناتج القومي, أي أن الدين الداخلي والخارجي يمثلان29% من اجمالي الناتج القومي, وهذا يعد كارثة تزيد الوضع الاقتصادي المصري سوء. ولكي تكون المشكلة أكثر وضوحا إذا علمنا أن الأزمة اليونانية بدأت عندما أصبح الدين الخارجي والداخلي يمثل001% من اجمالي الناتج القومي.. وإذا أضفنا لذلك انخفاض العملة المحلية ب51% وزيادة معدلات البطالة لتصبح31% كل تلك الموشرات تعد بمثابة ضوء أحمر يطلقه الاقتصاد لايضاح أنه يعاني أزمة.