عندما سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها عن خلق الرسول صلي الله عليه وسلم قالت كان خلقه القرآن, ومعني ذلك أن سيد المرسلين حاز أعلي مراتب الخلق والهداية, وأن خلقه العظيم أسعد البشرية كلها. , وخط آثاره في حياة الناس, وصبغها بصبغة الهدي والاستقامة, وحررها من كل ما يعوق الإيمان أو يحجب نوره وسناه, إن أخلاق القرآن جعلت رسول الإنسانية أسوة فريدة, وقدوة سديدة ومنهجا رشيدا حافلا بالإصلاح والتوجيه, والتربية السامية التي تقوم علي بث الفضائل, والتطهير من الشرك, وترسيخ عقيدة التوحيد النقية الخالصة, والاعتصام بكتاب مبين, لايأتيه الباطل من بين يديه, ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد, ومن الكتاب المبين جمع كل معالم العظمة, وكل شارات الكمال والخير, وهل هناك أنفس وأعظم من التخلق بأخلاق القرآن, وربط حياة المؤمنين وسلوكهم بربهم, والتمسك بالعمل الصالح الذي يحبه الله ويرضاه؟! إن رسول الإنسانية كان دائما يحث علي الالتزام بما تدعو إليه أخلاق القرآن, وما فيها من سمو بالروح, وطهر للنفس, وخير عظيم, ورخاء عميم للبشرية جميعا.. والحق أن المنهج النبوي القرآني في ألا مثيل له لأنه من رب العالمين, يعول علي الإيمان القوي, ويتمسك بثماره اليانعة, وظلاله الوارفة, ويلوذ بالقدوة العملية التي تمثلت في رسول الله, وخلقه العظيم, الذي كون خير أمة أخرجت للناس, بشهادة القرآن الذي قال: كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله إن هذا المنهج يقرر في وضوح أن العقيدة الصحيحة لا تكون بغير خلق, ولذلك كانت العبادات التي شرعت في الإسلام دعوة إلي أخلاق بمكارم الأخلاق, ويقول: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق, ويؤكد أن أكمل المؤمنين أحسنهم خلقا, ويقرر: أن البر حسن الخلق, وأنه ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن, إنه خلقه العظيم يري أن الفحش والتفحش ليسا من الإسلام في شيء, وأن أحسن الناس إسلاما أحسنهم خلقا, والحق أن سيد المرسلين سار علي المنهج القرآني في تربية المسلمين علي الأخلاق الكريمة, وجعل لهذه الأخلاق محلا رفيعا, ومكانا فسيحا, باعتبارها ثمرة الإيمان والهدي والتقوي والاستقامة, والحصول علي مثوبة الله ورضاه, ونحن في هذه الأيام نعيش الاحتفال بذكري مولد الرسول صلي الله عليه وسلم, ونود أن يدرك المسلمون أن الاحتفال بهذه الذكري يكون بالاقتداء به, والتحلي بأخلاقه العظيمة التي مدحها المولي عز وجل بقوله: وإنك لعلي خلق عظيم والسير علي مناهجه, وعدم التخلي عن نفحات شريعته, إن مسيرته العطرة ممتلئة بخلاله الزكية, وصفات نفسه النقية, التي تعمر القلوب بالإخلاص والبر والرحمة, فقد كان الأسوة الحسنة, والمنهج الأعلي للحياة الإنسانية في جميع أطوارها, وهذا المنهج يتدفق بالأخلاق السامية, والفضائل الحسنة, والعواطف الرشيدة, والنوازع العظيمة القويمة التي تنفع الناس في الدنيا والآخرة, وسلام علي سيد المرسلين في الأولين والآخرين, وسلام علي خلقه العظيم, الذي ازدانت كل مكارمه بجلال كتاب ربه الكريم وهو القرآن الكريم( ذلك الكتاب لاريب فيه هدي للمتقين).