كتب طارق رمضان: علي الرغم من المطالبات الكثيرة والملحة بضرورة تحرير الإعلام المصري الحكومي من القيود المفروضة عليه والتأكيدمن جانب وزير الإعلام بالالتزام بالموضوعية والشفافية واحترام كافة الآراء علي شاشة التليفزيون المصري. باعتباره وسيلة إعلامية مملوكة للشعب وتمثل الدولة بكل طوائفها فإن هذه الوثيقة تكشف أخطر أسرار برامج قطاع التليفزيون المصري علي قنواته' الأولي- الثانيه- الفضائية المصرية' حيث تشير بوضوح إلي أنواع الرقابة والتفتيش التي يحاول رئيس التليفزيون فرضها بدعوي الحفاظ علي المال العام بوسائل ملتوية لاتتفق مع روح ثورة25 يناير التي كانت أبرز أهدافها الحرية. من جانبه نفي مصدر بوزارة الإعلام علمه بذلك مؤكدا أن المذكرة المتبادلة بين إدارة التنفتيش ورئيس قطاع التليفزيون هي أمور داخلية في القطاع, وتعتبر مسؤلية مباشرة لرئيس القطاع, ووزير الاعلام من جانبه لايتدخل في ذلك, كما أن هذه المذكرة لم تصل للوزير لأنها بين إدارات قطاع, ولايوجد أية تاشيرات للوزير عليها, بل لم يتم رفع أيه مذكرات للوزير بهذا الشأن علي الإطلاق. أما اسماعيل الششتاوي رئيس مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون فقد أشار إلي أن رئيس القطاع هو المسئول الأول عن ضبط العمل داخل قطاعه وكذلك ضبط الأمور المالية وتنظيم العمل في قطاعه, بالإضافة إلي الأمور الفنيه في إطارها المهني المطلوب, والتي أكدنا عليها مرارا, وبالتالي فإن صدور قرار من شكري أبو عميرة رئيس قطاع التليفزيون بضبط الأمور داخل قطاعة هو شانه ولا نعرف عن هذه المذكرة شيئا, ومع ذلك سنناقشه في مضمونها وماهو المقصود منها بالضبط في اطار اطلاق حرية رؤساء القطاعات داخل قطاعاتهم والتي لانتدخل فيها إلا في حالة وجود مشاكل أو تبعات لها. ضوابط مالية الوثيقة تؤكد وجود رقابة فعليه وقوية وخطيرة علي برامج التليفزيون ومع ذلك أكد شكري أبو عميرة رئيس قطاع التليفزيون أن المقصود من المذكرة التي رفعتها ادارة التفتيش اليه هو ضبط العمل في البرامج ليحصل كل فرد علي حقوقة المالية كاملة بعد أداء عمله, خاصة أن هناك بعض العاملين الذين لايحضرون أية' أوردرات تصوير للبرامج' ويحصلون علي مستحقاتهم كاملة وفي ذلك ظلم لبعض العاملين الذين يعملون بجدية, كما أن هناك من يسدد هذه' الأوردرات' عن طريق أن يقوم غيرة بالعمل مكانه ويتم كتابة اسمه في الميزانية وهذا غير مقبول وقد أوضحت للعاملين كيف يوفر هذا الوضع الجديد من الأموال في ظل محاسبة تضمن تطبيق القانون. تفاصيل ملتبسة المذكرة الخطيرة' الوثيقة' توضح تعليمات رئيس قطاع التليفزيون, والتي تطالب بشكل واضح معرفة أسماء الضيوف ونوعية الموضوعات التي ستناقش في الحلقات قبل برامج الهواء أو البرامج المسجلة, كما تطالب أيضا في إطار التعليمات المعممة في جميع الشبكات الإذاعية بضرورة تسليم' النص المكتوب' لجميع البرامج قبل الهواء ب48 ساعة, وأيضا قبل التسجيل ب24 ساعة لمراجعتها, وهي كلها إجراءات تؤكد أن البرامج التليفزيونية ومنها البرامج الجديدة علي شاشات قطاع التليفزيون تخضع للسيطرة والتفتيش والمراقبة بأنواعها المحتلفة, وأولها الرقابة السابقة التي تتم الآن أثناء تصوير البرامج أو بثها علي الهواء من الاستديو بحضور عضو لجنه التفتيش قبل إذاعة البرامج المسجلة عن طريق رقابة التليفزيون, ورقابة البث علي الهواء, وهي رقابة إدارة المتابعة التي ترصد كل كلمة تظهر علي الشاشة أو ميكرفون الإذاعة لضبط المخالفين. والحقيقة أن ادارة المتابعة تقوم بدور مهم في ضبط الأداء للمذيعين وكشف الأخطاء التي تقع أثناء العرض علي الشاشة, وهو الدور الذي لايختلف أحد عليه, لكن الأخطر هنا هو مراقبة البرامج قبل البث أوأثناء التصوير بحسب ما كشفته الوثيقة السرية التي ننفرد بنشرها هنا علي صورتها الملتبسة لنعرف كيف يدار تليفزيون مصر بهذه الأنواع من الممارسات المتخفية تحت ستار إننا نحافظ علي المال العام وأننا نفعل ذلك من أجل مصر. نص المذكرة السرية في الوثيقة السرية التي رفعت من جانب' عفاف محمود مدير عام التفتيش المالي والإداري, وخالد طه إبراهيم عضو التفتيش' ووافق علي كل بنودها' شكري أبو عميرة رئيس قطاع التليفزيون' ورد ت تفاصيلها بالنص علي النحو التالي: 'السيد رئيس قطاع التليفزيون: بالإشارة إلي تأشيرة سيادتكم بشأن وضع خطة للرقابة علي البرامج الإنتاجيه التي يتم تنفيذها عن طريق العاملين البرامجيين بقطاع التليفزيون, والذين يستحقون أجورا إنتاجيه وفق لائحة الأجور المتغيرة لاتحاد الإذاعة والتليفزيون فإنه تم دراسة خطة الرقابة علي إنتاج البرامج باعتبار أن البرامج المهداة أو المنتجة من الشركات الخاصة تخضع للمشاهدة من قبل الرقابة, وأيضا من جانب لجان خاصة منها' لجنه الإهداءات بالتليفزيون', ثم أن جميع برامج القطاع منتجه وليست مجرد برامج عاديه أو تكلفتها قليلة'. والملاحظ أن الوثيقة تؤكد أن خطة الرقابة والمعرفة تتم في عدة طرق وحرصت الوثيقة أن تبدأ بالأمور المالية أولا حتي لاتلفت النظر إلي الأمور الفنيه أو نوعية التدخل المطلوب من إدارة التفتيش في صلب البرامج وذلك طبقا للبنود التالية: البند الأول: القيام بحصر جميع الميزانيات التقديرية التي يتم تنفبذها حاليا. البند الثاني: إخطار الإدارة العامة للتفتيش بمواعيد حجز المونتاج للبرامج المحتلفة علي أن يكون الحجز معتمدا من رئيس القناة التابع لها المخرج أو البرنامج. البند الثالث: إخطار الإدارة العامة للتفتيش مسبقا من مكاتب رؤساء القنوات بمواعيد حجز التسجيل بالاستديوهات وفقا للطلبات المعتمدة من رؤساء القنوات عن طريق التنسيق. البند الرابع: إخطار الإدارة العامة للتفتيش بمواعيد حجز كاميرات التصوير الخارجي بالنسبة للبرامج التي يتم تصويرها خارج مبني التليفزيون عن طريق مديري الإنتاج. البند الخامس: إخطار الادارة العامة للتفتيش بأرقام الشرائط التي يتم صرفها من مكتبة' الخام' أو المستخدمة في تسجيل فقرات البرنامج قبل البدء في التصوير عن طريق مخرج البرنامج. البند السادس: يقوم عضو التفتيش بالمرور أثناء التصوير, وذلك لتحديد القائم بالعمل فعليا من' مخرج- معد- مذيع ومدير انتاج' وفق ما تم إخطاره به من البنود السابقة. البند السابع: إنشاء لجنه متخصصة لاستلام البرامج التي تم تسجيلها بعد إجراء المونتاج لفقراتها من جانب مخرجي البرامج, وذلك لتحديد رقم الشريط المسجل عليه الحلقات بعد المونتاج, علي أن تقوم اللجنة بتسليم هذه الحلقة كمادة فيلمية إلي أمين المكتبه طبقا للمادة75 من لائحة المكتبات. البند الثامن: أنه لن يتم صرف الأجور الخاصة بهذه البرامج إلا بعد أن يتقدم مدير الإنتاج بأوامر صرف فعلية والتي يحدد فيها أسماء العاملين بالحلقات, وعدد الحلقات, وأرقام شرائط البرنامج المسجل عليها إلي أعضاء التفتيش لمراجعتها وفقا لتقرير التفتيش قبل القيام بصرف هذه المستحقات, علي أن تعتمد الميزانيه الفعلية من عضو التفتيش قبل إجراءات الصرف. وتستمر الوثيقة التي تكشف أسرار الرقابة الحديديه علي برامج التليفزيون, ليس من الناحية المالية فقط وإنما من النواحي الفنيه أيضا, حيث يقول البند التاسع: يجب إخطار إدارة التفتيش بأسماء الورديات المختلفة بإدارة' التصوير- الفيديو كاسيت- التصوير الإليكتروني- الإذاعات الخارجية لتحديد المصورين القائمين بالعمل عن طريق رئيس الإدارة المركزية للتصوير والإضاءة. البند العاشر: يجب علي مخرج البرنامج القيام بتسجيل البرامج المذاعة علي الهواء علي شريط محدد, ويقوم بتسليم هذه الحلقة إلي اللجنة المختصة لتسليم المادة الفليمية من إنتاج مخرجي التليفزيون, وتسلم بدورها لأمين المكتبه المختص, وفي حالة تصوير تقارير خارجية لبرنامج يتم اذاعة هذا التقرير في برامج الهواء. وكما يتضح من المذكرة السرية بجميع بنودها سالفة الذكر والتي تشير بوضوح إلي إجراء رقابة شاملة علي إنتاج البرامج التليفزيونه في شقها الأول, أما الشق الثاني فيعرض لبنود أخري خاصة بالسلف التقديرية للصرف علي البرنامج, وهي أمور مالية سنعرض لها فيما بعد, لكن أن توضع البرامج التليفزيونية تحت قبضة التفتيش المالي والإداري, وأن يتم وضع عضو مراقبة علي كل برنامج وتقرير ومذيع فهذا هو الجديد كما يؤكد توقيع شكري أبو عميرة رئيس قطاع التليفزيون الجديد في نهاية المذكرة ولم تسلم البرامج الجديدة من الفكاك من هذه القبضة العجيبة.