إضافة المواليد على بطاقة التموين 2025.. الشروط والخطوات والفئات المستحقة بالتفصيل    عشائر غزة: الصمت الدولي شراكة في جريمة الإبادة الجماعية    الأجهزة الأمنية تكشف حقيقة مقطع فيديو متداول على مواقع التواصل بكفر الشيخ    «بحوث الصحراء» يقدم الدعم الفني والإرشادي لمزارعي سيناء| صور    محافظ الجيزة يتابع الأعمال الجارية لتوصيل كابلات الجهد العالي لدعم محطة مياه جزيرة الدهب    بعد انخفاضه.. ماذا حدث لسعر الذهب بحلول التعاملات المسائية السبت؟    رئيس حزب حقوق الإنسان والمواطنة: نصف الشعب من الشباب وهو ما يفرض مسؤولية كبيرة على الأحزاب    الشروق ترصد معاناة سائقى شاحنات المساعدات لغزة فى مواجهة إصرار إسرائيل على تجويع الفلسطينيين    قائمة ريال مدريد لمواجهة أوفييدو في الدوري الإسباني    مباشر الدوري الإنجليزي - أرسنال (0) -(0) ليدز.. تصدي خيالي    الزمالك يتلقى خطابا رسميا من الاتحاد المصري من أجل 5 لاعبين    جامعة حلوان الأهلية تطلق برنامج «هندسة الشبكات والأمن السيبراني»    ضبط لحوم مجهولة المصدر في حملات تموينية مكثفة بكفر الشيخ    بينها الفائزان بسعفة كان ودب برلين.. 12 فيلما دوليا فى الدورة الثامنة لمهرجان الجونة السينمائى    أنشطة الطفل في معرض السويس الثالث للكتاب.. مساحات للإبداع وتنمية الخيال|صور    هل يجوز قراءة القرآن أثناء النوم على السرير؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يجوز الطلاق على الورق والزواج عرفي للحصول على المعاش؟.. أمين الفتوى يجيب    كيف تدرب قلبك على الرضا بما قسمه الله لك؟.. يسري جبر يجيب    أوقاف الدقهلية تبدأ اختبارات أفضل الأصوات في تلاوة القرآن الكريم    أحمد سامي يتظلم على قرار إيقافه وينفي ما جاء بتقرير حكم مباراة الإسماعيلي    مجاعة غزة تهدد طفولتها.. 320 ألف طفل بين سوء التغذية والموت البطيء    الجالية المصرية بهولندا: المصريون في الخارج داعمون للقيادة السياسية واستقرار الوطن    فحص 578 مواطنا ضمن قوافل طبية مجانية بالبحيرة    الموظف المثالي.. تكريم قائد قطار واقعة "الشورت" للمرة الثانية - صور    الوفديون يتوافدون على ضريح سعد زغلول قبل احتفالية ذكرى رحيل زعماءه التاريخيين    اليونيفل: الوضع الأمني لجنوب لبنان هش ونرصد خروقات يومية لاتفاق 1701    غدا.. قصور الثقافة تطلق ملتقى دهب العربي الأول للرسم والتصوير بمشاركة 20 فنانا    صلاح عبد العاطي: إسرائيل تماطل في المفاوضات ومصر تكثف جهودها لوقف إطلاق النار    أبناء الجالية المصرية بميلانو يعلنون دعم مواقف الدولة وينضمون ل"وطنك أمانة"    توجيهات بالتنسيق مع إحدى الشركات لإقامة ملعب قانونى لكرة القدم بمركز شباب النصراب في أسوان    رابطة الأندية تعلن عقوبات الأسبوع الثالث بالدورى.. إيقاف أحمد سامى 3 مباريات    زلزال بقوة 6 درجات يضرب المحيط الهادئ قبالة سواحل السلفادور وجواتيمالا    حصاد الأسبوع    بخسارة وزن ملحوظة.. شيماء سيف تستعرض رشاقتها.. شاهد    إسماعيل يوسف مديرا لشؤون الكرة في الاتحاد الليبي    قيادي بمستقبل وطن: تحركات الإخوان ضد السفارات المصرية محاولة بائسة ومشبوهة    صور.. 771 مستفيدًا من قافلة جامعة القاهرة في الحوامدية    "عبد الغفار" يتابع استعدادات "المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية -3"    وزارة الصحة تقدم 314 ألف خدمة طبية مجانية عبر 143 قافلة بجميع المحافظات    مؤسسة فاروق حسني تطلق الدورة ال7 لجوائز الفنون لعام 2026    وزير الدفاع الأمريكي يجيز ل2000 من الحرس الوطني حمل السلاح.. ما الهدف؟    الموت يغيب عميد القضاء العرفي الشيخ يحيى الغول الشهير ب "حكيم سيناء" بعد صراع مع المرض    وزير العمل يتفقد وحدتي تدريب متنقلتين قبل تشغيلهما غدا بالغربية    جوندوجان وثنائي مانشستر سيتي يقتربون من الرحيل    موعد إجازة المولد النبوي 2025.. أجندة الإجازات الرسمية المتبقية للموظفين    «المركزي لمتبقيات المبيدات» ينظم ورشة عمل لمنتجي ومصدري الطماطم بالشرقية    مصر ترحب بخارطة الطريق الأممية لتسوية الأزمة الليبية    تم تصويره بالأهرامات.. قصة فيلم Fountain of Youth بعد ترشحه لجوائز LMGI 2025    قلق داخلي بشأن صديق بعيد.. برج الجدي اليوم 23 أغسطس    رئيس «الرعاية الصحية»: تقديم أكثر من 2.5 مليون خدمة طبية بمستشفيات الهيئة في جنوب سيناء    طقس الإمارات اليوم.. غيوم جزئية ورياح مثيرة للغبار على هذه المناطق    مصر تستضيف النسخة الأولى من قمة ومعرض "عالم الذكاء الاصطناعي" فبراير المقبل    محافظ الجيزة يشدد علي التعامل الفوري مع أي متغيرات مكانية يتم رصدها واتخاذ الإجراءات القانونية    حملة مكبرة لإزالة إشغالات الباعة الجائلين والتعديات على الطريق بمدينة أبوتيج بأسيوط    مصرع وإصابة أربعة أشخاص إثر حادث تصادم بين سيارتين بأسيوط    تحرير 125 محضرًا للمحال المخالفة لمواعيد الغلق الرسمية    الأوقاف: «صحح مفاهيمك» تتوسع إلى مراكز الشباب وقصور الثقافة    «مياه الأقصر» تسيطر على بقعة زيت فى مياه النيل دون تأثر المواطنين أو إنقطاع الخدمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمد زويل رائد الحداثة العلمية
نشر في الأهرام اليومي يوم 17 - 01 - 2013

نظمت جريدة الأهرام ندوة نقاشية مع العالم الكبير الدكتور أحمد زويل الحائز علي جائزة نوبل‏,‏ وذلك يوم‏9‏ يناير الحالي حفلت بآراء متنوعة عن مشروعه العلمي القومي‏.‏ والواقع أن أحمد زويل لمن يريد أن يعرف بدقة مكانته العلمية الرفيعة وإنجازه المبهر- لم يكتشف اكتشافا علميا بارزا فقط هو الفيمتو ثانية, ولكنه أهم من ذلك قام بثورة علمية شاملة.
ويعرف المتابعون لفلسفة العلم أن الثورة العلمية كمفهوم ارتبط باسم فيلسوف العلم الأمريكي توماس كون الذي نشر عام1962 كتابا بعنوان بنية الثورات العلمية ترجم إلي عشرات اللغات الحية, وطبع منه أكثر من مليون نسخة, لأنه قدم لأول مرة نظرية متكاملة عن تقدم العلم, وابتدع مصطلحا هو النموذج المعرفي أو الإرشاديParadigm, الذي أصبح أكثر المصطلحات تداولا في العلم الاجتماعي المعاصر, لأنه بحسب تعريف كون له هو الذي بالاستناد إليه يمكن قياس التطورات الحاسمة التي تحدث في علم من العلوم, أو النقلات النوعية في طريقة نظر العلماء للمشكلات البحثية التي يتعرضون لها.
والنموذج المعرفي حسب تعريف كون- هو إجماع المجتمع العلمي في لحظة تاريخية ما علي طريقة محددة لوضع المشكلات, وطرائق معينة لدراستها.
وعبر الزمن تتآكل قدرة هذا النموذج المعرفي علي مواجهة المشكلات فيسقط, وينشأ من بعد صراع علي نموذج جديد يعبر عن نقله كيفية في النموذجParadigmshift.
وهكذا يمكن القول إن التقدم في العلم عبارة عن عملية طويلة تشهد صعود النماذج المعرفية وسقوطها وتحولها إلي ما لانهاية.
اكتشاف أحمد زويل كان ثورة علمية, لأنه ابتدع نموذجا معرفيا جديدا غير من نظرة العلماء إلي الطريقة التي يبحثون بها, وأخطر من ذلك أنه أمدهم بالميكروسكوب المبتكر الذي يستطيع تتبع اللحظات التي يتم فيها تفاعل الذرات داخل النواة لأول مرة في تاريخ العلم. ومن هنا يصدق حديثنا السابق في كون الدولة العصرية هي الدولة التي تتبني بنجاح مشروع الحداثة بأركانه الثلاثة الفردية والعقلانية والاعتماد علي العلم والتكنولوجيا. غير أن الذي يوجه هذه الثلاثية قانون عام يذهب إلي أن العقل هو محك الحكم علي الأشياء وليس النص الديني. وقد صدر هذا القانون في إطار الحضارة الأوروبية بعد أن تخلصت من طغيان الكنيسة ووقوفها سدا منيعا ضد حرية الفكر والإبداع, نتيجة اجترارها خطابا دينيا تقليديا زاخرا بالخرافات والتفكير الميتافيزيقي غير المنضبط.
ولذلك لا يمكن أن نجد دولة عصرية متقدمة تنطلق في رسم سياساتها من الغيبيات, بل إنها لابد لها أن تعتمد علي البحث العلمي والذي يعد في الواقع عنوانا علي الحداثة بالمعني الحضاري الشامل للكلمة.
ومشروع الدكتور زويل الطموح يهدف إلي تأسيس حداثة علمية غير مسبوقة في مصر من خلال الترابط الوثيق بين مراكز علمية متميزة, بالإضافة إلي جامعة متقدمة يدرس فيها الطلاب المتفوقون ليكونوا نواة لجيل جديد من الباحثين العلميين المدربين علي أحدث تقنيات العلم الحديث.
وهذا المشروع العلمي الكبير ينطلق من قاعدة منهجية أساسية مفادها أن العلم كما يمارس الآن يعتمد علي ما يسمي المنهج المتعدد المداخلmultidisciplinaryapproach حيث تذوب فيه الحدود العلمية القديمة بين التخصصات العلمية كالكيمياء والفيزياء والبيولوجيا, ويقتضي هذا المدخل تدريبا علميا راقيا ينبع من نظرة شاملة للبحث العلمي.
ويمكن القول إن الفرق بين الاكتشاف العلمي العادي والثورة العلمية, أن الثورة العلمية عادة ما تغير من المفاهيم الكلية عن الكون والطبيعة والإنسان.
ولذلك يمكن القول إن نظرية داروين في التطور لم تؤثر فقط في علوم البيولوجيا بل إنها أثرت في علم الاجتماع والذي صيغت فيه نظرية كاملة عن الصراع الاجتماعي أطلق عليها الداردينية الاجتماعية, لأنها استندت إلي مبادئ نظرية داروين في البقاء للأصلح. كما أن أينشتين في نظرية النسبية العامة والخاصة استطاع بثورته العلمية أن يقلب موازين التفكير العلمي في عديد من الميادين, بحيث يمكن القول بكل يقين إن العلم ما قبل أينشتين يختلف كليا عن العلم بعده.
وكذلك الحال في العلوم الإنسانية, فقد استطاع سيجموند فرويد أن يصوغ نظرية عن اللاشعور أصبحت مفتاحا مهما لفهم شخصية الإنسان, بل تركت بصماتها علي الأدب الروائي, والذي نشأ فيه ما يطلق عليه تيار الوعي الذي أدي إلي رسم الشخصيات الروائية بصورة مختلفة عما سبق.
ويمكن القول إن إحدي سمات الثورات العلمية أنها عادة ما تؤثر في مسارات علوم متعددة وتخصصات مختلفة, قد يبدو أنها بعيدة عن المجال الذي أنجز فيه العالم الفذ الذي قام بالثورة العلمية.
والدليل علي ذلك أن إنجاز الدكتور أحمد زويل أدي إلي تحول نوعي في البحوث الطبية, بحيث يمكن القول إن ما يعد فتحا في بحث من البحوث الأساسية ستصبح له تطبيقات واسعة تفيد الإنسانية علي وجه العموم.
ومن هنا تسقط الدعاوي الجاهلة التي تظن أن القيام بالبحوث الأساسية ترف لا تتحمله بلد من البلاد النامية, وأنه من الأفضل أن يتم التركيز علي البحوث التطبيقية! وذلك لسبب بسيط هو أنه لا يمكن للبحوث التطبيقية أن تنجز شيئا ذا بال إلا بالاعتماد علي الحقائق العلمية التي تكتشفها البحوث الأساسية.
مشروع أحمد زويل في تقديرنا يحقق الحداثة العلمية في مصر.
وهذه المدنية العلمية تقدم نموذجا للعلم المعاصر والمتطور وفق منظومة متكاملة, يتم فيها التركيز علي المجتمع العلمي والذي يضم مجموعة متناسقة من العلماء الأجانب والمصريين المتميزين, الذين يعملون وفق خطة شاملة ذات أهداف محددة, مما يسهل تحويل المنتج النهائي إلي سلع علمية وتكنولوجية إن صح التعبير- قادرة علي حل عديد من المشكلات والارتقاء بتوعية الإنسان المصري في الصحة والتعليم والتأهيل المهني والمعرفي.
ومما لا شك فيه أن مشروع الدكتور زويل لن تكتمل ملامحه ولن يؤتي ثماره الحقيقية إلا في ظل رؤية استراتيجية شاملة لمصر تستشرف المستقبل وتصوغ السياسات الاقتصادية والتعليمية والاجتماعية والثقافية للبلاد في الأعوام العشرين المقبلة, وفق دراسات وبحوث متخصصة, عرضنا عديدا من نماذجها الرفيعة المستوي في مقالاتنا الماضية. رؤية استراتيجية شاملة لمصر يضعها ويناقشها متخصصون, وتخضع لحوار ديمقراطي واسع المدي, لا يستبعد منه أحد الفصائل السياسية يمينا أو يسارا, ويتم إقرارها ديمقراطيا, وفي ضوئها تعبأ جميع الجهود الوطنية لإنجازها. هذا هو السبيل الوحيد لتحقيق النهضة الشاملة, والتي يعد المشروع العلمي لأحمد زويل أحد عناونيها البارزة.
المزيد من مقالات السيد يسين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.