حين تصبح الشخصيات و الوجوه كدلالات علي أحداث مرت بمراحلنا السياسية و حين تمر الأجيال, تبقي فقط القطع الفنية و اللوحات كسجل رسمت كافة البراهين و التفاصيل الشائكة . فيقف أمامه الآلآف بل الملايين في محاولات لفك طلاسم ماضيهم الذي هو حاضرنا الآن من خلال الألوان و الخطوط د. رضا عبد الرحمن في معرضه الأخير المقام بقاعه الباب بدار الأوبرا يعلن عن هذا المضمون ليمحو كل ما عهدناه بفنون كان يستوحيها من المصري القديم ويقفز بنا عبر الزمن رافضا لنبرات التشكيك و تفتيت فصائل المجتمع, فنري لوحاته علي جدران القاعة بعد أن ولدت أولي أعماله المعروضة من قلب ميدان التحرير قبيل تاريخ التنحي بأيام بدايات إلتحام الفن و الإبداع بجميع شرائح المجتمع لتتحول كأداة مشروعة ومنطقية من أصحاب أقدم الحضارات, و قد تبعها لوحتان جداريتين في تداعيات للموقف العام بتلاحق أحداثه, ثم أكمل عبد الرحمن لوحاته بفكرة تحمل جانبي البساطة و العمق علي حدا سواء ليتصدر مجموعة من لوحاته الباقية شخصية واحدة طوال المعرض و هو بورتريه للفنان ذاته لكن دون رتابه, فقد ظهر كممثلا لأطياف الشعب فمرة كشهيد و أخري كمسيحي ثم كشيخ أزهري, أو كأخر ينتمي للأخوان, و لوحة تضم أحمد حرارة الذي فقد عينه و معه الضابط الذي صوب عليه, و السلفي و الليبرالي و أيضا نري الفتاة المتعرضه للسحل و أخرين.., و قد حضر حفل الإفتتاح العديد من الشخصيات من بينهم د. صابر عز العرب وزير الثقافة, ورئيس قطاع الفنون التشكيلية ليتحدث عن هذا المعرض: يمثل قراءة فنية لرصد و توثيق التاريخ في أسلوب ظهر مع الثورة من فنون يتفاعل معها المجتمع و يتواصل مع أدوات الإبداع و التعبير المتعددة, أشار د. المليجي علي أهمية الزاوية الفلسفية التي المطروحة بإعتبارنا كيان واحد و أن ننحي أختلافتنا العقائدية و الشكلية من أجل أعلاء صالح الوطن و رخائه الأقتصادي و الإجتماعي و إستعادة الكثير من السلوكيات الغائبة من أحترام الأخر و تقبله فقيمة مصر في تنوعها و ثراء معطاياتها الحضارية و الوجدانية, و كما أضاف أن أعمال المعرض هي نتاج الحالة الشعورية التي مر بها كل المصريون من تغير في الخارطة السياسية. كما تحدثنا مع د. أشرف رضا أستاذ بكلية الفنون الجميلة جامعة حلوان: لقد أستطاع رضا أن يبدأ منهج حديث التوجه و المضمون, أبتعد فيه عن مفرداته المعتادة و شق طريق فني متجدد بالرؤي و العناصر ليحمل في طياته أبعاد مبتكره تسعي لرفع مستوي الذوق العام و فكرة تدعو لتبادل للأدوار و للتأمل في الأحداث و الشخصيات المحيطة, و تأكيد علي ماهية الفن, فهو ليس بمهنة بل موهبة تتبلور لتصبح رسالة تعبر و تعكس حياة الشعوب, و لعل الإبداعات المقدمة منذ بدايات الثورة و حتي الآن تعكس هذا الحس فقد أفرزت مجالات مستحدثة لاتزال تفرض مساحاتها المتزايدة علي الساحة مثل الفن الجرافيتي و الجداري و التصوير الفوتوغرافي.