أعلنت وزارة التربية والتعليم أخيرا عن خطة لاستيعاب جميع الاطفال في سن المدرسة, ومنع أسباب التسرب من التعليم, مما دفع أحد مسئولي الوزارة الكبار إلي الإعلان عن أن العام الدراسي سيشهد زيادة في ظاهرة الفصل الطائر بالمدارس بمختلف مراحلها مما سيزيد كوارث التعليم, ذلك بعد زيادة الكثافة لدرجة كبيرة, لم تعد هناك فصول منتظمة زائدة إلا بنظام الفصل الطائر أي أن الفصل يذهب في كل حصة إلي مكان مختلف سواء فصل أو معمل أو حتي حديقة لتلقي كل حصة( قطاعي). الدكتور حسني السيد أستاذ البحوث التربوية يكشف عن أبعاد الكارثة في مدارسنا بأنه علي الرغم من عدم اقتناع الكثيرين بدور المدرسة في التربية أو حتي التعليم, فإن الوزارة فتحت الباب, وتوسعت في الفصول الطائرة التي تعني مزيدا من العشوائية بداخل المدرسة, وعدم الانتظام سواء من الطالب أو المدرس لأن الطالب لا يعرف أين سيدرس في الحصة التالية مما يجعله قلقا, وغير مستقر نفسيا, وكذلك المدرس الذي يطلب منه البحث عن مكان الفصل المتحرك كل حصة مما يضيع الوقت, ويبدو عزيمة المدرس في تقديم المادة والمناقشة بعد عناء البحث أو لسوء المكان فقد يكون تحت السلم فعلا لضيق المكان بداخل المدرسة. فشل التعليم وأشار إلي أن مسئول التعليم بتصريحه بأن هناك ألفي فصل طائر بالقاهرة, وحدها يعني اعترافا حقيقيا بفشل العملية التعليمية, وأنها صورة حقيقية لعشوائية التعليم المصري, وأن ذلك سيكون بالتأكيد علي حساب الطالب, والأنشطة التعليمية الأساسية, التي تسهم في تكوين وتنمية شخصية الطالب, والكارثة الأكبر أن هذه الظاهرة منتشرة, ومنذ نحو10 سنوات أي منذ تطبيق نظام التشعيب في الثانوي العام أي أن الفصل في بعض الحصص ينقسم ربما إلي3 أو4 أقسام حسب مادة الاختيار, وهذا يظهر جيدا في حدوث الهرج والمرج الذي يملأ المدارس المنتظمة, فهناك طلاب يبحثون عن مكان دراسي ومدرس يبحث عن الطلاب, ولعل هذا ما يعطي انطابعا بعدم جدوي الانتظام في الدراسة, خاصة أن كثرة الترحال للطالب والمدرس لا تتيح استخدام وسائل التعليمية أو تدريبية أو معامل من أي نوع, الدراسة بالكتاتيب أفضل, وتصنيع الانشطة من تربية فنية أو زراعية أو حتي كمبيوتر أو المكتبة, وتصاب العملية التعليمية الحقيقية بحالة من الشلل, والكل يمثل أنه يعمل أو يدرس, والنتيجة تخريج متعلمين أكثر جهلا من الأميين. الصف السادس وقال: إن ظاهرة الفصول الطائرة بدأت مع عودة الصف السادس الابتدائي وارتفاع معدلات الفصول بما يتراوح ما بين60 65طالبا في المتوسط إضافة لعدم إمكان أي مدرس تقديم عملية تعليمية حقيقية مع هذه الاعداد, وفي وقت ضيق, فهناك شعب الاحياء والفيزياء والكيمياء والجيولوجيا, وعلم النفس والفلسفة والتاريخ, فينقسم الطلاب حسب التخصص, وينقسم الفصل في الحصة الواحدة, ويبقي العدد الاكبر, ويخرج الباقون يبحثون عن المعلم, وعن فصل أو مكان للحصة, وغالبا ما تنتهي الحصة أو معظمها قبل الوصول أو تحديد المكان, وهي فرصة للكثير من المدرسين للهروب من الحصة إلي الدروس الخصوصية دون أن تستطيع الإدارة لو كانت جيدة أن تصل إليهم أو تحديد مكانهم في الوقت الذي تصل فيه الحصص الطائرة إلي9 شعب في وقت واحد منها4 لغات وعلوم ورياضة, وعلم نفس وفلسفة وجغرافيا.. فأين المكان وأصحاب الضمير أيضا. ويري د. عبد الظاهر الطيب عميد تربية طنطا سابقا أن مشكلة الفصل الطائر ترجع إلي ضيق المساحة, وفصول الدراسة وانخفاض عددها مما يضطر إدارة المدرسة لتوفير مكان دراسي بالمعمل أو حجرات المدرسين أو حتي الحديقة, وهذا يجعل المدرسة في حالة قلق وتوتر طوال النهار نتيجة حركة الطلاب باعداد كبيرة عقب كل حصة للتسابق علي فصل أو مكان أو بحثا عن المدرس, لذلك فإننا لو أردنا أن نقضي علي هذه الظاهرة المدمرة, يجب أن ندخل اطرافا أخري في العملية التعليمية منها المجتمع المدني الذي يستطيع أن يوفر الكثير علي رأسها أثاث المدرسة والفصول أو أماكن ملحقة بالمدرسة بالايجار بشرط توافر جو للدراسة بها والاستعانة بالمدرسين بالمعاش لسد العجز مع التوسعات الجديدة, وتوقف التعينات, وبأجور رمزية لتربية الاجيال, خاصة في المرحلة الابتدائية التي تنعكس فيها عملية الفصل الطائر علي نفسية واستقرار الاطفال وتزعزع ثقتهم في جدية العملية التعليمية, وفي الكبار بصفة عامة, كما يجب اشراك وزارتي الشباب ودور العبادة في توافر أماكن لديها بمراكز الشباب لاستيعاب الانشطة, وفي المساجد والكنائس لدروس التربية الدينية واللغة العربية إن أمكن مع امكانية اشراك نوادي العلوم أيضا في تطبيقات العملي سواء بمراكز أو قصور الثقافة أو غيرها, وبطرق منتظمة لكل فصل, ولو شهريا مما يوفر فصولا ثابتة للفصول الطائرة, وباشراف دقيق من الإدارة والمشرفين حسب جداولهم, خاصة, أنه لا يمكن مع العملية الحالية توافر8 9 فصول يوميا للفصول الطائرة. ويعرض السيد أحمد مصطفي المدير بالتعليم بالإسكندرية خطة وضعها مسبقا, وتقدم بها لجهاز تنمية التعليم وتطويره بالوزارة, مؤكدا أن مشكلة الكثافة والفصل الطائر ترجع إلي سوء الإدارة فقط, فالمدرسة يمكن أن تصل إلي كثافة20 طالبا بالفصل, وذلك بتقسيم الفصل الواحد المكون من80 طالبا إلي4 أقسام أو فصول, وذلك بوضع حوائط فاصلة داخل الفصل الواحد لتحويله إلي فصلين, ثم يكون الفصلان الآخران في فترة مسائية إذا استمرت الامكانات التعليمية بنفس النظام, ويستعان بمدرسي الفترة الصباحية في المسائية بحدود أو بمدرسين أحيلوا للمعاش بمكافأة أما الحل الآخر, فهو جعل الدراسة4 أيام فقط لكل فصل, وتوزيع الطلاب بما يسمح لهم بالانتظام طوال الاسبوع في كل الحصص والانشطة, ولأن الطالب يحتاج وقتا للمذاكرة, فهو يقضي يومه الدراسي من الصباح الباكر حتي المساء ويرجع متعبا مما يتيح له المراجعة والمذاكرة في الأيام الثلاثة الباقية, ويمكن هنا أن نعطي فرصة للطلاب بنظام الحضور الاختياري لمن يطلب ذلك رسميا لأن كثيرا من الطلاب يعتمدون علي الدروس الخصوصية, فنعطي فرصة لمن لا يستطيعون ذلك علي أن تكون هناك أيام يلزم فيها الطالب بالحضور, ويمكن تطبيق ذلك بصفة خاصة علي التعليم الثانوي بأنواعه أي تطبق نظام المدارس المفتوحة بدلا من خداع أنفسنا, فالطلاب لا يحضرون غالبا بينما تسدد بيانات بحضورهم وحضور المدرسين مع جداول وهمية تبدد أموال الدولة, وهذا بالتأكيد يحتاج شجاعة خاصة.