لم يعد مستغربا ان نستيقظ علي قراءة خبر, سرقة سيارة رئيس مكافحة سرقة السيارات, مثل هذه الحادثة كان مكانها فقط في مسرحية هزلية أو فيلم كوميدي, وأصبحت أمرا واقعيا, ولم تعد تثير الدهشة في أيام الغبرة والتراجع الأمني وحالة اللامبالاة التي نعيشها, المأساة الحقيقية, أن تتساوي سرقة سيارة, مع سرقة ذاكرة وتراث وطن, فتجد اللامبالاة نفسها, مع تصريحات سابقة التجهيز, تنفي المسئولية, أو تنفي الواقعة من أساسها, وتتوه الحقيقة. هذا ما حدث في واقعة سرقة أحد قصور مصر الأثرية القابعة في ميدان سيمون بوليفار, الملاصق لمبني مصلحة الأمن العام, بناه المهندس الفرنسي ماتاسك عام1900 للمليونير قازدوغلي, وسجل المرمم الألماني أمرلينج المقتنيات في كتاب, نهبها اللصوص وهم يدركون قيمتها التي لا تقدر بمال, فتمت عمليات السرقة بحرفية وخبرة عالية, لفكها ونزعها من مكانها وتعرية الجدران من لوحاتها النادرة, وهي تمثل ثروة مهمة تعبر عن التزاوج الحضاري والثقافي والفني بين الشرق والغرب, وقد نشرت صفحة الأهرام( من غير عنوان) الواقعة بالأدلة والصور, كان من المتوقع ان يحدث تحرك سريع, من الوزارات المهمومة بهذا الشأن, التزمت وزارتا الثقافة والداخلية الصمت, وتملصت وزارة الآثار من المسئولية, في بيان متضارب, أكدت فيه أن القصر هو الأثري فقط, ومسجل ضمن الآثار الإسلامية والقبطية, لكن مقتنياته التي تعود لنفس تاريخ المبني, ليست مسجلة كأثر! تماما كمن يعتبر الهرم أثرا, ومحتوياته ليست أثرية. أليس هذا استخفافا وتهوينا وتيسيرا للصوص ليقفزوا فرحا بمسروقاتهم, ويطيروا بها خارج الحدود للإتجار بها دون أن يرمش لهم جفن, توجد خطة ممنهجة لسرقة تراث وآثار مصر, والمال ليس هو فقط غايتهم, فلماذا لا ننتفض لوقف استنزاف تاريخنا الأثري والإنساني, الذي تصاعد في الأربعين عاما الماضية ولايزال مستمرا. [email protected] المزيد من أعمدة سمير شحاته