وسط موجات الشد والجذب التى تحدث بين النظام الحالى والمعارضة، فيما يتعلق بالشأن السياسى، تتسرب آثارنا المصرية خلسة من متاحفنا وقصورنا، دون أن يحرك أى مسئول ساكناً تجاهها، حتى باتت سرقة قصر أثرى أسهل من السطو على شقة سكنية. سرقة قصر «قازدوغلى»، هى آخر الحوادث التى ساهمت فى تبديد جزء من آثارنا العريقة، فالقصر القابع فى ميدان سيمون بوليفار، والملاصق لمبنى مصلحة الأمن العام، ويُعد ضمن قصور مصر الأثرية، قام البلطجية واللصوص بسرقة مقتنياته، التى عرضت أمريكا على مصر، فى وقت سابق، شراءها بملايين الدولارات، ورفض النظام السابق ذلك، لأن القصر جزء لا يتجزأ من منظومة الآثار والسياحة المصرية. ما حدث فى المتحف المصرى والمجمع العلمى يُعد من أبرز الأمثلة على تراثنا الحضارى والعلمى الذى يضيع حالياً هباءً، دون أن ندرى، ويكفى أن نتذكر أن الحريق الذى شب فى المجمع العلمى، الذى مر على إنشائه أكثر من مائتى عام، طال مقتنيات تعود لعام 1752، والتهم المكتبة التى تضم 200 ألف كتاب. «الأوثان والأصنام لا يجب حمايتها»، هو المبرر الذى ساقه الدكتور محمد الكحلاوى، أمين عام اتحاد الأثريين العرب، لعمليات سرقة آثارنا ومتاحفنا بعد قيام الثورة، وصعود الإخوان والسلفيين إلى سدة الحكم، موضحاً أن معظم المنتمين للتيار الدينى لا يعترفون بهذا التراث على الإطلاق، وبالتالى يتركونه فريسة للبلطجية وأصحاب السوابق، دون الدفاع عنه أو حتى تأمينه. حديث «الكحلاوى» يمكن التدليل عليه بالإشارة إلى ما ساقه الدكتور صالح لمعى، مدير مركز التراث، فى حديثه، حيث أوضح أن مسروقات قصر «قازدوغلى»، التى تضمنت فرشاً وديكورات داخلية لا مثيل لها فى مصر، تحتاج عملية سرقتها وقتاً طويلاً لفك ونزع مقتنيات القصر، فكيف لم يتم القبض على اللصوص؟ لا يستبعد «لمعى» أن نرى هذه المقتنيات الفريدة معروضة فى متاحف دول مجاورة، خاصة أنها غير مسجلة بالمجلس الأعلى للآثار، وبالتالى لا يمكن استردادها طبقاً لتوجيهات اليونسكو فى استرداد المنقولات الأثرية المسروقة.