في مطلع السنة الجديدة2013, وفي اليوم الأول من يناير يحتفل العالم بأجمعه بيوم السلام العالمي. تري ما الذي يحدو بالعالم لاتخاذ هذا الموقف, ولإعلان يوم رأس السنة عيدا عالميا للسلام؟ الجواب في الأمر واضح, وهو اننا مدعوون إلي أن نسبح الله من أجل عطاياه, ومن أجمل هذه العطايا, نعمة الحياة التي هي عربون حبه لخليقته وجبلة يديه. فنري أنفسنا في هذه المناسبة متساوين أمام عظمة الله, ونقر باخوتنا, متضامنين بالشكر لرب النعم والخيرات, وبالحفاظ علي ما أغدقه علينا من وافر عطاياه ونعمه وخيراته, فنعيش العيد, ويعم الفرح, ونذوق من جديد طعم المحبة والسلام. في مثل هذا اليوم, كما تعلمون, تقوم الشركات والمؤسسات علي أنواعها بعمل برنامج لتدقيق حساباتها ربحا كان او خسارة. وفي نيتها كشف أوضاعها, إن كانت سليمة لتزيد من ربحها, أو مختلة فيها خسارة فيفكرون في تصحيح مسارها وأوضاعها. وفي تقليد فحص الضمير هذا, وإجراء كشف الحسابات علي أنواعها رأت الكنيسة, الأم والمعلمة, أن يتحول عيد رأس السنة إلي عيد للسلام في العالم, أي إلي عيد نحاسب فيه أنفسنا فنبتعد عن الحروب, وعن كل ما يهدد الحياة ويقتلها, ونسير نحو السلام وبنائه في محيطنا ومجتمعنا ومنطقتنا والعالم. الحرب ليست مهنتي, يقول الله عند الفينيقيين, ولا عجب في هذا القول فإن'' الله محبة'' ومن يعطي الحياة هبة مجانية لبني البشر لا يريد لهم أن يرهقوها في سفك الدماء في الحروب بعضهم ضد بعض, وفي التعديات القاتلة بكل أشكالها. لذلك يجب اعتبار الحروب وأعمال الإرهاب علي أنواعها آفات إنسانية كبري, والبحث في اسبابها ومسبباتها وصولا الي تلافيها وإلي نزعها من قاموس الحضارة وتاريخ الشعوب. ومن المعروف أن الحروب تأتي علي نوعين: واحد منها يرتبط بالحاجة المادية والتنازع عليها, فهي علي سبيل المثال حروب الماء والغذاء والنفط والغاز والأمداد الحيوية لشعب أو لجماعة. أما النوع الآخر فيتعلق بصراع العقائد والأفكار, وهي تشن باسم الأديان والأديان منها براء أو باسم العقائد حينا, وهي بالنهاية محاولة للسيطرة والنفوذ. وما يتعلق بحروب الحاجة فإن خيرات الأرض هي لجميع ايناء الارض والوطن الواحد ليبقوا اخوة وابناء لآب واحد خلقهم علي صورته ومثاله. إذا, بدلا من الحروب فيما بينهم, علي الناس أن يتضامنوا من أجل الحياة فيسيروا في مركب السلام فيصلوا معا الي غاياته المنشودة. في رأس السنة ترفض الحروب علي أنواعها, ونقول:'' لآ للحرب'' ويها نسأل الله أن يبعد عنا شرور النزاعات, وأن ينجينا منها, وأن نسعي في إثر السلام والمصالحة فنزداد إيمانا بالحوار والتفاهم وبحل المشاكل بغير وسائل العنف, وتغليب حب الحياة علي نزعة الموت فلا يجحد أحد بنعمة ربه ولا يتنكر لها. في رأس السنة نجري الحسابات ونسأل عما نصنعه لوطننا, خيرا كان ام شرا, أفليس علينا واجب ضميري لإقامة السلام ونبذ العنف القاتل فيما بيننا ونحن أخوة نعيش في بيت واحد ونأوي تحت سماء واحدة؟ هذا اليوم هو بمثابة دعوة لنا ونحن نتمناها فسحة أمل للتفكير في أمورنا ولبحث هادئ ومحب يقوم بين المواطنين لترتيب شئون وطنهم بروح لا يمكن ان تكون إلا إيجابية. وفي المناسبة نلفت إلي كون كل منا شريكا أساسيا في تكوين هذا الوطن. فنتصارح بعضنا مع بعض ضمن الثقة والمودة والاحترام المتبادل كشرط أساسي وجوهري من شروط النجاح في هذا المسعي, وفي إنقاذ وطننا المشترك من الضياع. ولا نتكلم مع بعضنا كمسلمين ومسيحيين وكأننا أصبحنا موضوع جدال أحدنا تجاه الآخر, بل كمواطنين لوطن واحد لهم نفس الحقوق ونفس الواجبات تجاه وطن صار فوقنا جميعا.