تتواصل في العاصمة النمساوية فيينا لقاءات ومبادرات زعماء الأديان السماوية والحضارات بعد افتتاح مركز الملك عبد الله للحوار بين الأديان في أكتوبر من العام المنصرم . بالتعاون بين ثلاث دول هي السعودية والنمسا وإسبانيا, وتشكيل مجلس إدراة يضم تسعة أعضاء يمثلون أتباع الأديان والثقافات السائدة في العالم, لبناء هيكل للسلام يحول دون استخدام الدين أو المذهب كأساس لتأجيج الصراع بين الأفراد والجماعات السياسية التي تريد حشد الرأي العام في منطقة معينة لمشروع الصراع بين الأديان, أو المذاهب كوسيلة لكسب معارك سياسية بحتة, جاء إنشاء هذا المركز ليشكل بادرة أمل في التقريب بين اتباع الأديان والحضارات بعد معاناة طويلة ونتائج وخيمة من التنافر والتجاذب بين إتباع الديانات المختلفة وهو ما أثر علي إتباع هذه الديانات وبات جليا في مناطق شتي في أنحاء الكرة الأرضية وليس أدل علي هذا مما هو حادث في نيجيريا, حيث إن ظهور جماعات متطرفة مثل بوكو حرام كان رد فعل طبيعيا لعمليات التبشير قي شمال نيجيريا المسلم, وما زاد الموقف تأزما هو تحويل جزء من المنطقة الوسطي إلي الديانة المسيحية وهو ما أدي إلي تهديد الوجود الإسلامي في الشمال فكان سببا رئيسيا في ظهور هذه الجماعة المتطرفة التي أدت عملياتها إلي حدوث تقلبات سياسية في نيجيريا بأكملها وهددت أمن وسلامة المواطنين, ومازالت نيجريا إلي الآن تعاني ويلات هذا الاحتقان الطائفي, كما كان لإنشاء المركز أهمية كبيرة خاصة في ظل حالات الإحتقان الديني بين أصحاب الديانات المختلفة أو بين أتباع الدين الواحد باختلاف مذاهبهم وتعدد معتقدهم. وزراء خارجية النمسا والسعودية وأسبانيا في حوار بعد إفتتاح المركز وصفوا الحدث بأنه ثمرة لجهد دولي طويل وشاق بدأ في مكة ومنها إلي مدريد ثم نيويورك وجنيف وأخيرا فيينا, ولكن الحوار بين الأديان ليس هو هدف المركز وحسب بل أنه يهدف إلي إنشاء مساحة مشتركة بين أتباع الديانات المختلفة حيث أن أتباع كل الدين يجدون في أنفسهم الحقيقة المطلقة, وأنه لم يكن التنازل عن جزء ولو هين من هذا المعتقد الإيماني, لذا فإن هذا المركز يهدف إلي معرفة القواسم المشتركة بين الأديان أملا في إنهاء حالة الصراع علي أساس ديني التي تشهدها مناطق مختلفة من العالم, وحقنا لدماء العديد من البشر الذين تزهق أرواحهم في هذا الصراع. وجاءت مبادرة المملكة العربية السعودية, وهي الممول الرئيسي لهذا المشروع ومشاركة النمسا وإسبانيا وهما دولتان مسيحيتان في تأسيس هذا المؤتمر ليمثل إعلاء لقيم التسامح الذي تحاول المملكة العربية السعودية إنتهاجه, علاوة علي اختيار فيينا العاصمة النمساوية كمقر لهذا المؤتمر وليس علي أي قطعة من الأراضي السعودية. أن اختيار فيينا لم يأت مصادفة بل لما عرف عنها من الحيادية علاوة علي دعمها للتنوع الثقافي والديني حيث تعترف النمسا بالإسلام كأحد الديانات الرسمية الموجودة علي أرضها, كما أنها تسمح بتدريسه منذ عدة قرون, اذا فالنمسا نموذج جدير بالاحترام في معاملة الأقليات علي أراضيها مقارنة بغيرها من الدول الأوروبية. أن الدعوة إلي إنشاء هذا المؤتمر وما نالته من ترحيب علي المستوي الدولي لهو تأكيد علي أن الحوار علي الدوام هو سبيل السلام والمحبة والتعايش السلمي بين شعوب الأرض ودياناتها وثقافاتها المتعددة لأنه من الظلم البين أن تتناحر الشعوب فيما بينها وتسفك الدماء البريئة نظرا لاختلاف المعتقد أو حتي اختلاف المذهب, لأن الله أراد أن تتعايش الشعوب فيما بينها في إطار من الاختلاف لأنه لم يخلقهم أمة واحدة بدين واحد.