يفتتح في العاصمة النمساوية فيينا بعد غد الاثنين المقر الدائم لمركز الملك عبدالله العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات بحضور حشد كبير من كبار الشخصيات والرموز السياسية والدينية من مختلف دول العالم. ويهدف المركز لنشر القيم الإنسانية وتعزيز التسامح والسعي إلى تحقيق الأمن والسلام والاستقرار لكافة شعوب العالم . ويشكل هذا الحدث التاريخي نقطة ضوء كبرى في العلاقات الحضارية بين الشرق والغرب والشمال والجنوب، وقد إنطلقت مسيرة المبادرة قبل أكثر من أربع سنوات في مؤتمر القمة الإسلامية بمكة المكرمة في منتصف عام 2008. وفي مدريد شهد خادم الحرمين الشريفين في 16 يوليو 2008 بحضور خوان كارلوس ملك مملكة أسبانيا افتتاح أعمال المؤتمر العالمي للحوار الذي نظمته رابطة العالم الإسلامي على مدى ثلاثة أيام واستضافته العاصمة الاسبانية مدريد بحضور أكثر من 300 شخصية دولية من مختلف الاديان والثقافات . وعقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اجتماعا رفيع المستوى خلال يومي 12و13 نوفمبر 2008 للحوار بين أتباع الأديان بناء على دعوة خادم الحرمين الشريفين وفقاً لما تضمنه إعلان مدريد. وفي يوليو 2009 شكل المؤتمر العالمي للحوار في فيينا لجنة لمتابعة المبادرة، ووضع الأسس اللازمة لتفعيلها ودراسة الآلية التي يمكن بها تأسيس مركز عالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات. ودعم مؤتمر جنيف في أكتوبر 2009، مبادرة خادم الحرمين الشريفين للحاجة إلى الحوار البناء بين أتباع الأديان والثقافات ، حيث إن ذلك بدوره سوف يعزز نشر ثقافة الحوار ، ومناقشة دور وسائل الإعلام في ذلك والتأكيد على الدعوة لإقامة مركز عالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات . وقامت المملكة العربية السعودية وجمهورية النمسا ومملكة أسبانيا في أكتوبر 2011 بالتوقيع على إتفاقية تأسيس مركز الملك عبدالله عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات في فيينا . ودخلت إتفاقية تأسيس المركز حيز التنفيذ في أكتوبر 2012 ، وبعد عشرة أيام من ذلك تم عقد الاجتماع الأول لمجلس الأطراف من الدول الثلاث المؤسسة للمركز ، وتمت الموافقة على تعيين الأمين العام ونائب الأمين العام ، وانتخاب أعضاء مجلس الإدارة للمركز، واعتماد الفاتيكان عضوا مراقبا في المركز. ويسعى مركز الملك عبدالله العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات إلى نشر قيم التسامح والمحبة والأمن والسلام والتعايش ، من خلال ثلاثة محاور، هي : احترام الاختلاف من خلال الحوار ، تأسيس قواسم مشتركة بين مختلف الجماعات ، وتحقيق المشاركة الدينية والحضارية والمدنية بين القيادات الدينية والسياسية. وسيكون للمركز منتدى استشاري لممثلي أتباع الأديان والثقافات والخبراء والمهتمين بالحوار ، لتعزيز التواصل وتبادل المعلومات، والتعاون مع الجهات المعنية بالحوار بين أتباع الأديان والثقافات والمنظمات الدولية والجهات الأخرى والمبادرات التي لها أهداف مشابهة. ويتمتع المركز بشخصية قانونية دولية، وله الحق في التعاقد والتمتع بجميع الميزات والضوابط التشريعية التي يخولها القانون ، وبإمكانه إتخاذ الإجراءات التي يراها مهمة في إطار ممارسة أنشطته وتأدية رسالته . ويضم المجلس مجلسا إداريا مكونا من تسعة أشخاص، تمثل أتباع الأديان والثقافات الرئيسة في العالم . وتضمنت الوثيقة التأسيسية للمركز إشارة إلى تشكيل منتدى استشاري للمركز، مكون من حوالي 100 شخصية من أتباع الأديان والثقافات في العالم ، وإرساء أمانة عامة تتابع الأنشطة اليومية للمركز تتخذ من فيينا مقرا لها . وتتضمن الاتفاقية آليات التمويل الضرورية للمركز ، ليتمكن من تنظيم تعاون مع هيئات ومنظمات عامة وخاصة، وتعد وزارة الشؤون الأوروبية والدولية النمساوية الجهة الراعية للاتفاقية، ويمكن لأي دولة أو منظمة دولية أن تكون عضوا مراقبا بشرط تقدمها بطلب رسمي.