قرار جمهوري بشأن لجنة إجراءات التحفظ والتصرف في أموال الجماعات الإرهابية    وزير الري يحاضر بهيئة الاستخبارات العسكرية ويؤكد ثوابت مصر في ملف مياه النيل    "البحوث الزراعية" يحصد المركز الثاني في تصنيف «سيماجو» لعام 2025    صياغات إعلامية تشتعل طائفية .. مراقبون: حملة تجنيد "إيفانز" لمسيحيي الشرق وصفة لتدمير العيش المشترك    اعتماد معمل تكنولوجيا المنسوجات بجامعة بنها من المجلس الوطني للاعتماد «إيجاك»    غرامات تصل ل100 ألف جنيه.. قرارات مهمة لمحافظ القاهرة خلال الساعات الماضية    مصر تواصل تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى قطاع غزة    اتصال هاتفى بين وزير الخارجية ونظيره اليوناني    مصر ترحب باتفاق تبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن    أمم أفريقيا 2025| تفوق تاريخي للجزائر على السودان قبل مواجهة اليوم    ختام الجولة الأولى، مواعيد مباريات اليوم في أمم أفريقيا والقنوات الناقلة    جامعة حلوان التكنولوجية الدولية تختتم دوري كرة القدم وسط أجواء تنافسية    ابراهيم دياز: سعيد بتواجدي في المغرب.. والجمهور يمنحنا الدفعة    الداخلية تكشف تفاصيل سحل فتاة بالشرقية    «الأرصاد» تكشف موعدة ذروة الشتاء    الداخلية تستجيب لاستغاثة مواطن وتضبط المتهمين بالشروع في قتل شقيقه    ننشر جداول امتحانات الفصل الدراسى الأول للمرحلة الابتدائية بالمنيا    ضبط 12 طن دقيق فى حملات مكبرة ضد المخالفين فى المخابز السياحية والمدعمة    استعدادا لصلاة الجنازة.. وصول جثمان طارق الأمير لمسجد الرحمن الرحيم    بالصور.. انهيار وبكاء شقيقة طارق الأمير خلال تشييع جثمانه    إيمان العاصي تجمع بين الدراما الاجتماعية والأزمات القانونية في «قسمة العدل»    عضو لجنة التاريخ والآثار يكشف تفاصيل إعادة تركيب "مركب خوفو الثانية"    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 24-12-2025 في محافظة الأقصر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 24-12-2025 في محافظة قنا    محمد بن راشد يعلن فوز الطبيب المصري نبيل صيدح بجائزة نوابغ العرب    ڤاليو تتعاون مع تاكتفُل لتعزيز تجربة العملاء عبر حلول الذكاء الاصطناعي المتقدمة    وزير الاتصالات: إضافة 1000 منفذ بريد جديد خلال 7 سنوات    السكة الحديد: إتاحة حجز المقاعد المكيفة بالدرجتين الأولى والثانية قبل موعد السفر ب15 يوما    بسبب خلافات على الميراث.. ضبط زوجين ونجليهما بتهمة التعدي على طالبة جامعية في الشرقية    لأول مرة في التاريخ.. الصادرات الهندسية المصرية تسجل 5.9 مليار دولار    كيف واجهت المدارس تحديات كثافات الفصول؟.. وزير التعليم يجيب    هاني رمزي: أتمنى أن يبقى صلاح في ليفربول.. ويرحل من الباب الكبير    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء 24 ديسمبر والقنوات الناقلة    بعد تعرضه لموقف خطر أثناء تصوير مسلسل الكينج.. محمد إمام: ربنا ستر    ميدو عادل يعود ب«نور في عالم البحور» على خشبة المسرح القومي للأطفال.. الخميس    الركود وقلة الإقبال على الشراء يضربان أسعار الدواجن في البحيرة    بدء اجتماع الحكومة الأسبوعى ويعقبه مؤتمر صحفي    الأوقاف: عناية الإسلام بالطفولة موضوع خطبة الجمعة    فاضل 56 يومًا.. أول أيام شهر رمضان 1447 هجريًا يوافق 19 فبراير 2026 ميلاديًا    الهلال الأحمر المصري يطلق قافلة زاد العزة 101 لدعم غزة    رئيس هيئة الرعاية الصحية: مستشفى السلام ببورسعيد قدكت 3.5 مليون خدمة طبية وعلاجية    تدشين البوابة الرقمية الجديدة لهيئة الشراء الموحد لتطوير البنية التحتية الصحية    أمم أفريقيا 2025| التشكيل المتوقع للسودان أمام محاربي الصحراء    دعم الأمن والاستقرار بالمنطقة    رغم تحالفه مع عيال زايد وحفتر…لماذا يُعادي السيسي قوات الدعم السريع ؟    السفارات المصرية في 18 دولة تفتح أبوابها لاستقبال الناخبين في انتخابات مجلس النواب    رئيس دولة التلاوة    وزير التعليم العالي يترأس اجتماع الاتحاد الرياضي للجامعات بحضور صبحي    طريقة عمل شوربة العدس الأحمر بجوز الهند والزنجبيل    حماية بكرامة    وزير الخارجية يتسلم وثائق ومستندات وخرائط تاريخية بعد ترميمها بالهيئة العامة لدار الكتب    بني سويف.. مصرع شخصين وإصابة 6 آخرين إثر تصادم تروسيكل مع سيارة نقل بطريق جرزا الواسطى    كوت ديفوار تستهل رحلة الدفاع عن لقب أمم أفريقيا بمواجهة موزمبيق    أمريكا وإيران تتبادلان الانتقادات في الأمم المتحدة بشأن المحادثات النووية    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأربعاء 24 ديسمبر    ارتفاع حصيلة ضحايا عدوان الاحتلال على غزة إلى 70،942 شهيدًا و171،195 مصابًا    فنزويلا: مشروع قانون يجرم مصادرة ناقلات النفط    ما هو مقام المراقبة؟.. خالد الجندي يشرح طريق السالكين إلى الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نهضة قلم
أيام الحرية‏(2)‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 05 - 01 - 2013

ونحن نعيش أيام الحرية وذكريات ثورات الربيع العربي تكلمنا في المقال السابق عن بداية الثورات الديمقراطية والتي هبت رياحها علي العالم منذ عام1989‏. وها نحن نقترب من مرور عامين علي الثورة المصرية ومع احتفال مصر بنجاح هذه الثورة وسعيها الحثيث من اجل استكمال أهدافها انتهينا إلي السؤال الهام وهو كيف حدثت الثورة في مصروكيف نجحت؟
وللاجابة عن هذا التساؤل استأذن قارئي العزيز أن نعود قليلا إلي مشاهد من تاريخنا المعاصر, فمنذ أكثر من مائة عام كتب المفكر السوري عبد الرحمن الكواكبي رؤوس مقالات صحفية أسماها' طبائع الاستبداد', وكان يراجعها ويعدلها باستمرار, ثم وسع تلك الأبحاث ونشرها في القاهرة في كتاب سماه' طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد',وقد صدره بعبارة هامة: وهي' كلمات حق وصيحة في واد إن ذهبت اليوم مع الريح, لقد تذهب غدا بالأوتاد'..
وقد حوي الكتاب علي تمهيد وتسع مقالات تحت عنوان:(ما هو الاستبداد,الاستبداد والدين, الاستبداد والعلم,الاستبداد والمجد,الاستبداد والمال, الاستبداد والأخلاق, والاستبداد والتربية, الاستبداد والترقي, الاستبداد والتخلص منه).
والكتاب- كما قلت- مجموعة مقالات يربط بينها الاستبداد كفكرة محورية يحاول المؤلف تبين أسبابه وأعراضه وعلاقاته وآثاره وبدائله ونتائجه.
تركزت بدائل الاستبداد في فكر الكواكبي في المساواة والعدالة والحرية والشوري الدستورية, كما احتلت الحرية مكانة كبيرة لديه,وخلاصتها حرية الاعتقاد والتفكير وحتي المشاركة السياسية.
وكان هدفه الأكبر تحقيق الشوري الدستورية, حيث يشارك المواطنون الحكومة في صنع مصائرهم,عن طريق أهل الحل والعقد في الأمة, ثم جمع تلك البدائل كلها في صحيح الدين الذي وجد أنه دواء شامل لمشكلات أمته, وقد أوضح الكواكبي أن رفع الاستبداد يعتمد الأسلوب التدريجي الذي ينهض بتكاتف العقول الواعية في الأمة, التي تنظم أساليب القيام بالإصلاح الديني تمهيدا للتغيير السياسي.
ولقد لخص عبد الرحمن الكواكبي الأسباب والعوامل التي تؤدي إلي انتصارالثورات- أو'قواعد رفع الاستبداد' كما سماها- في ثلاث, ويضيف كاتب هذه السطور إليها عاملا رابعا حتي نجيب عن السؤال الذي بدأنا به.
أول هذه العوامل: شمول الإحساس بالقهروالغبن لدي جموع الشعب,'فالأمة التي لا يشعر كلها أو أغلبها بآلام الاستبداد لا تستحق الحرية'بحسب تعبيره,أو بتعبير آخرغضب لا يستثني طائفة ولا ملة وهذا شبيه بما وصفه لينين في'الحالة الثورية'.
وثانيها' الاستبداد لا يقاوم بالشدة'- ومن ثم لابد من استخدام منهج النضال السلمي في مقارعة المستبدين-و'إنما يقاوم باللين والتدرج',فكم يتمني المستبدون تحول الثورات إلي عنف أهوج, من أجل نزع الشرعية عن غاياتها النبيلة.
وثالثها إعداد البديل السياسي,والاتفاق علي قواعد لتداول السلطة قبل البدء بالثورة,إذ'يجب قبل مقاومة الاستبداد تهيئة ماذا يستبدل به الاستبداد'.
ورابعها, وهو ما أضيفه لعوامل نجاح الثورات,هو وجود حادث مؤلم أو ملهم يحرك الإحساس الجمعي بالقهر والغبن إلي فعل ثوري.
وبقدر ما تكتمل هذه العوامل وتتكامل يمكن للثورات أن تنجح وأن تصنع واقعا جديدا يحقق طموح الشعوب وآمالها, ولو وضعنا هذه العوامل في تقييم بعض الثورات الشعبية التي حدثت في تاريخنا المعاصر لتأكدنا من صحة ما وصل إليه الكواكبي في ثورة القاهرة الأولي1798 م- علي سبيل المثال- حيث لم تنخدع الجماهير بتظاهر نابليون بالتقوي وتقربه للمصريين بمنشوراته الهزلية,ولم ير شعب مصر في حملة الفرنسيس إلا جيشا محتلا ومستبدا لا يختلف عن الحملة الصليبية السابعة بقيادة لويس التاسع التي ضربت شواطئ دمياط منذ أكثر من خمسة قرون.
وقد كانوا علي حق في ذلك, فقد كتب بونابرت في مذكراته في منفاه في سانت هيلانة أن هذه المنشورات كانت' قطعة من الزيف',هذه المنشورات التي أراد أن يتخفي بها في ثياب جيش التحرير القادم ليحرر مصر من فساد المماليك..
فعندما سمع المصريون بهزيمة الفرنسيين أمام أسوارعكا و قدوم أسطول العثمانيين إلي أبي قير, استجمعوا قوتهم وثاروا علي المحتل يوم22 أكتوبر1798, أي بعد حوالي4 أشهر من قدوم الاحتلال, وذلك بعد ان وصل الغضب العارم الي كل مكان خاصة بعد أن قتل الفرنسيس السيد محمد كريم حاكم الاسكندرية لاتهامه بالعمل ضد الوجود الفرنسي في مصر وبعد فرض الفرنسيين ضرائب علي الشعب وتدقيقهم في إحصاء الممتلكات الشخصية وقيام نابليون بهدم لأبواب الحارات وبعد انهزام الفرنسيين في موقعة النيل أمام الاسطول الإنجليزي و سماع المصريين بأن الباب العالي أرسل جيشا لفتح مصر.
هنا وبعد أن اكتملت بعض الأسباب والعوامل لانطلاق الثورة خرج المصريون بكل ما لديهم من قوة وتحصنوا بأسوار الحارات وفي الأزقة,ونصبوا المتاريس علي مداخلها, واستمر الضرب حتي المساء حتي تدخل أعضاء الديوان الذي شكله نابليون من المشايخ المتعاونين مع الفرنسيين' فركب المشايخ إلي كبير الفرنسيس ليرفع عنهم هذا النازل, ويمنع عسكره من الرمي المتراسل ويكفهم ما انكف المسلمون عن القتال'.
فقبل نابليون وقف الضرب,ولكنه أرسل جنوده إلي الأزهر, فدخلوا الجامع بخيولهم عنوة وربطوها بصحنه وكسروا القناديل وحطموا خزائن الكتب ونهبوا ما وجدوه من متاع. ولم يخرجوا منه إلا بعد أن ركب الشيخ محمد الجوهري إلي نابليون وطلب منه أن يخرج جنوده من الجامع الأزهر كما أفاض الرافعي في وصف المشهد, فقبل نابليون.
وهذا المشهد البربري هو أعمق مشهد في الحملة الفرنسية طوال فترة وجودها في مصر, مشهد غاص في أعماق الذاكرة المصرية, وعلي الرغم من إخماد ثورة القاهرة بقوة النار والسلاح, إلا أن هزيمة حصار عكا في فلسطين و فقدانه لأسطوله في البحر المتوسط قضوا علي حلم بونابرت في السير علي خطي الاسكندر الأكبر في إخضاع الشرق حتي الهند, فقرر العودة إلي فرنسا لينقذ ما تبقي له من مجد في أوروبا, بعد أن فشل في مصر و الشام,فعاد سرا إلي فرنسا في12 أغسطس1799 م تاركا وراءه كليبر ليقود الحملة في مصر ورغم ما ذكره المفكر الفرنسي ألكسيس دو توكفيل من' إن الثورة مثل الرواية, أصعب ما فيها هو نهايتها'..لكني أقول إن أجمل ما فيها أيضا نتائجها حتي ولو تأخرت قليلا.
.. ولا يزال للحديث بقية ولا تزال لأيام الحرية أنوارها ودروسها التي سنتعلم منها جميعا..
المزيد من مقالات د.ياسر على


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.