سجل عام2012 نفسه واحدا من أكثر الأعوام التي مرت علي تاريخ سوريا دموية وفداحة في الخسائر المادية والبشرية, بعدد من الشهداء تجاوز ال46 ألفا وآلاف الجرحي وأكثر من نصف مليون لاجئ ودمار واسع في المنشآت والبني التحتية. ومر العام علي سوريا حزينا ودمويا في ظل تفاقم الصراع المسلح بين النظام برئاسة بشار الأسد والجيش النظامي من ناحية, والشعب من كتائب الجيش السوري الحر من ناحية أخري, واحتدام صراع المصالح الإقليمية في سوريا بين روسيا وإيران والصين في جبهة, والولاياتالمتحدة وأوروبا في جبهة مقابلة, فضلا عن استمرار الانقسام بين قوي المعارضة السياسية وصولا لتشكيل الإئتلاف المعارض أخيرا. ولعل أخطر ما أسفر عنه العنف في سوريا خلال العام هو تطوره وارتفاع وتيرته ليصبح صراعا طائفيا باقتدار حسبما أكد محققون من الأممالمتحدة في مجال حقوق الانسان بين الأقلية العلوية الحاكمة و الأغلبية السنية مع وجود مقاتلين أجانب يساعدون طرفي الصراع. وظلت المساعي المصرية والعربية عنصرا مؤثرا في توازن القوي بين طرفي الصراع لصالح الشعب السوري, غير أنها لم تكن كافية لحسمه في ظل الانقسام الدولي بشأن الثورة السورية, مما حال دون اتخاذ قرارات تجبر النظام السوري علي تسليم السلطة أو الدفع بهذا الاتجاه قدما. ففي يناير طرحت الجامعة العربية مبادرة لحل الأزمة, تقضي بأن تبدأ المعارضة حوارا مع النظام لتشكل حكومة وطنية, ويسلم بشار الأسد لاحقا كامل صلاحياته إلي نائبه بالتعاون مع هذه الحكومة لإنهاء الأزمة. وقد رحب المجلس الوطني السوري بالمبادرة, غير أن النظام رفضها. وفي الثالث من فبراير وقعت مذبحة الخالدية الشهيرة في حمص, حيث أسقط نظام الرئيس السوري بشار الأسد أكثر من330 قتيلا ومئات الجرحي في ليلة واحدة من القصف العنيف علي الحي السكني المزدحم بالمدنيين, ثم استمرت حملة الدهم والإبادة لباقي أحياء حمص ليصل أعداد ضحايا الحملة العسكرية علي حمص المحاصرة حتي الوقت الراهن- أكثر من750 قتيلا معظمهم من المدنيين. وفي فبراير أيضا استخدمت روسيا والصين الفيتو للمرة الثانية ضد قرار عربي يدين العنفويدعم خطة الجامعة العربية لتسوية الأزمة السورية.وفي العاشر من مارس شنت قوات الجيش السوري هجوما عنيفا علي إدلب, وارتكبت مجزرة جديدة في حمص يوم13 من الشهر نفسه ضحيتها47 امراة وطفلا. وقام الجيش النظامي في26 مايو بمجزرة جديدة في حمص قتل فيها108 أشخاص ذبحا بالسكاكين, معظمهم اطفال وقد ادت هذه المجزرة الرهيبة الي تنديد وادانة دولية واسعة كما قامت بعض الدول مثل الولاياتالمتحدة وفرنسا وتركيا بطرد سفراء النظام السوري ردا علي ذلك. وفي شهر يونيو, انتخب المجلس الوطني السوري المعارض الناشط الكردي عبد الباسط سيدا رئيسا خلفا لبرهان غليون الذي اعلن استقالته خلال اجتماع عقد في اسطنبول بتركيا, بهدف توسيع المجلس وضم شخصيات جديدة له ليكون اكثر تمثيلا للشعب السوري وتطلعاته. وفي أواخر يونيو دعا المبعوث العربي والدولي إلي سوريا كوفي أنان لمؤتمر دولي في جنيف بسويسرا بهدف انهاء العنف والاتفاق علي مبادئ انتقال سياسي بقيادة سورية,غير أن الاجتماع لم ينته لنتائج فعليه لاختلاف روسيا والصين مع الولاياتالمتحدة حول الدور الذي يمكن ان يلعبه الرئيس السوري بشار الأسد في المرحلة المقبلة. وفي شهر يوليو تلقي النظام السوري ضربة قوية بانشقاق العميد بالحرس الجمهوري مناف طلاس ابن وزير الدفاع السابق مصطفي طلاس عن النظام وهروبه إلي تركيا, يليه في الشهر نفسه السفير السوري في العراق نواف الفارس. وفي يوم12 من الشهر نفسه وقعت مجزرة جديدة علي يد النظام في ريف حماة سقط خلالها أكثر من200 شخص. وفي18 من يوليو نفسه تعرض نظام الرئيس السوري لضربة وصفت بالقاصمة إثر مقتل كل من وزير الدفاع داوود راجحة ونائبه صهر الاسد آصف شوكت ومعاون نائب رئيس الجمهورية حسن تركماني في تفجير استهدف مقر مبني الأمن القومي السوري في حي الروضة بدمشق, أعقبه إصدار مرسوم رئاسي علي الفور بعد التفجير بتعيين العماد فهد الفريج وزيرا جديدا للدفاع. وأعلن رياض الأسعد قائد الجيش السوري الحر مسئوليته عن الهجوم, وفي اليوم التالي استخدمت كل من روسيا والصين وللمرة الثالثة حق النقض في مجلس الأمن الفيتو ضد مشروع قرار غربي يدعو الي فرض عقوبات تحت البند السابع من ميثاق الاممالمتحدة علي النظام السوري اذا لم يسحب آلياته الثقيلة من المدن السورية في فترة لا تتجاوز10 ايام. وكان شهر اغسطس اكثر الشهور الدموية في تاريخ الثورة السورية منذ بدئها في مارس من العام الماضي حيث حصدت الآلة العسكرية للنظام السوري ما يقرب من خمسة آلاف قتيل من بينهم1600 قتيل في أسبوع واحد. وفي17 من الشهر نفسه, تم تعيين وزير الخارجية الجزائري الأسبق الأخضر الإبراهيمي موفدا جديدا إلي سوريا بدلا من المبعوث السابق المشترك كوفي أنان والذي فشلت كافة مساعيه للتهدئة مع امتداد الصراع المسلح لمختلف أنحاء سوريا وبقاء الوضع السياسي علي ماهو عليه. وكان التطور السياسي الأبرز خلال العام علي صعيد المعارضة السياسية في سوريا هو تشكيل الائتلاف السوري المعارض في شهر نوفمبر كبديل سياسي موحد متوافق عليه دوليا عن الأطياف المعارضة الرئيسية في سوريا في مقدمتها المجلس الوطني السوري. ووقعت فصائل المعارضة السورية المجتمعة في العاصمة القطرية الدوحة, بالأحرف الأولي علي تشكيل الائتلاف الوطني لقوي المعارضة والثورة السورية بحيث يضم أطياف المعارضة السياسية والحراك الثوري والتشكيلات العسكرية بالداخل. وتتعلق الآمال علي الائتلاف بقيادة أحمد معاذ الخطيب- الذي اعترف به علي نطاق واسع دوليا- لإحراز تقدم في إنهاء الصراع القائم في سوريا بالتوازي مع جهود المبعوث العربي والدولي الأخضر الإبراهيمي للتوصل مع الرئيس السوري بشار الأسد لخطة حل أخيرة تتضمن رحيل الأسد في2014 بانتهاء ولايته وعدم التجديد له, لاسيما في ظل تنامي الوعي علي الصعيد الدولي بضرورة التوصل لتسوية سلمية, تحول دون استخدام الرئيس السوري للأسلحة الكيماوية كسلاح أخير له في مواجهة كتائب الجيش الحر التي تقترب فعليا من القصر الرئاسي بدمشق.