حذر علماء الدين من تفشي ظاهرة الاستغلال السياسي لأطفال الشوراع, ودفعهم للمشاركة في التظاهرات وأعمال العنف والتخريب التي تستهدف الممتلكات والمنشآت العامة, مثلما حدث في حريق المجمع العلمي. وأكد علماء الدين أن مثل تلك السلوكيات تنشئ جيلا بأكمله يحمل مشاعر سلبية تجاه المجتمع الذي يعيش فيه, ويغرس فيهم السلوك الانحرافي, مما يجعلهم قنابل موقوتة في قلب الوطن خاصة وأن عددهم يبلغ3 ملايين بلا مأوي أو أي فرصة للتعليم, كما طالبوا بالضرب بيد من حديد علي كل من تسول له نفسه استخدام الأطفال في تلك الأفعال المشينة, لأن عواقبها الوخيمة تعود علي المجتمع بأثره في الحاضر والمستقبل, وناشد علماء الدين كافة القوي السياسية والحزبية ومؤسسات الدولة والمجتمع المدني بالتصدي لظاهرة الاستغلال السياسي للأطفال والشباب وعدم تركهم فريسة للأهواء والمصالح الشخصية. عودة لعصر الجاهلية ووجه الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف رسالة إلي كل مسئول, وولي أمر أن يعي تماما خطورة ترك هؤلاء الأطفال لمن يستغلهم تبعا لأهوائه الشخصية أو لمصالح سياسية كما يحدث في المظاهرات والوقفات الإحتجاجية, لأن الأطفال يستجيبون لمن يأخذ بأيديهم نحو أي اتجاه من الاتجاهات لقلة مبالاتهم وخبراتهم, فالتغرير بهم من أكبر الجرائم الإنسانية في حق الوطن, ولا يصح بأي حال من الأحوال أن تستغل طفولتهم البريئة في مظاهرات واعتصامات وراءها أهواء مشبوهة وضياع للعمل وضرب للمصلحة العامة في مقتل, فالمصلحة العامة تقتضي أن نرعي هؤلاء الأبناء وأن نوفر لهم فرص التعليم والعمل, لا أن نفسدهم ونتجه بهم إلي طريق الشر والتعرض للفتن والمتاهات التي لا تنتهي. اغتيال معنوي وقال الدكتور محمد الشحات الجندي عضو مجمع البحوث الإسلامية إن محاولة توظيف بعض أطفال الشوارع للتعبير عن موقف معين أو استغلالهم في التظاهرات والوقفات الاحتجاجية والمطالب الفئوية كما شاهدنا في الآونة الأخيرة, يعد بكل المقاييس اغتيالا معنويا للطفولة, ذلك لأن الأطفال أمانة في عنق الأسرة والمدرسة والمجتمع, وينبغي أن يأخذ هؤلاء الأطفال حقهم في كل مراحلهم العمرية وإعدادهم لبناء مكوناتهم الفكرية والاجتماعية ليحملوا رسالة الدين والوطن في المستقبل. وأوضح أن مثل هذا التوظيف الذي يستغله البعض لتحقيق مآرب ومصالح خاصة يؤثر سلبا علي الطفولة ويجعل منها أداة يتم التلاعب بها من أجل تحقيق هذه المصالح الضيقة, وهذا أمر يشكل خطورة كبيرة علي المجتمع والأسرة في الوقت الحاضر, فنحن نعلم أن القرآن الكريم وصي الآباء ليقوموا بالتربية الصالحة, يقول تعالي: وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا, فمثل تلك الأعمال المشبوهة تشكل انحرافا عن نموذج الإسلام في تربية الأبناء,ويجعل من الطفولة قنبلة موقوتة, تتفجر في جسد المجتمع, وبدلا من أن تكون الطفولة إضافة للمجتمع فتصبح بذلك خصما من رصيده في البناء, ويعودهم علي الإجرام كما نشاهد في عمليات تخريب الممتلكات وأقلها ضررا تعطيل المرور, وهذا بلا شك يكون معول هدم في بناء المجتمع, وقد شاهدنا ذلك علي أرض الواقع من مشاركة الأطفال في مظاهرات القصر العيني, وحريق المجمع العلمي. سلوك خطير ويضيف الجندي أن ذلك المسلك الخطير يعد إعدادا عكسيا لجيل من الأطفال يعمل ضد المجتمع وضد مؤسساته, وهو ما يتناقض مع التربية السلوكية التي رباها الرسول صلي الله عليه وسلم للجيل الأول من الصحابة, فكان العديد منهم في سن مبكرة مثل عبدالله بن عباس,وعبدالله بن عمر,وأسامة بن زيد, وغيرهم,وكانت رسالة الرسول صلي الله عليه وسلم طوال الفترة المكية هي تربية المسلم وخاصة الصغار علي حمل رسالة الإسلام وبناء الأوطان, وبفضل ذلك أمكن لهؤلاء الصبية الصغار أن يكونوا روادا فاتحين وحاملين رسالة الإسلام في العلم والمدنية والحضارة,وهو ما نفتقده في عصرنا الحالي, لان نموذج الشباب في المشهد الراهن لا يحمل رسالة الإنتماء لدينه ولا لمجتمعه, ويعد هذا أخطر جناية ارتكبها المجتمع والدولة, لأن هؤلاء الشباب يفتقدون الإنتماء والولاء للمجتمع, مما يشكل نذير خطر في جسد الوطن ولا يجعلنا نطمئن إلي أن رسالة الإسلام ستسلم إلي جيل يستطيع بناء وطنه, وينطلق به إلي درب التقدم والتحضر. الإسلام اهتم بالطفولة ويري الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر أن الإسلام أحاط الطفولة بسياج من الرعاية والعناية, فراعاها من بدايتها, يقول الرسول صلي الله عليه وسلم:( مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع), ووجه الرسول أيضا الوالدين في قوله صلي الله عليه وسلم:( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته فالرجل في بيته راع ومسئول عن رعيته), كما وجه المجتمع باكمله إلي عدم الإضرار والإيذاء والإفساد, ومن صور ذلك إفساد الأولاد بالتربية الخاطئة والتعاليم المنحرفة, يقول تعالي: ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها, وعد التشريع الإسلامي الاعتداء علي الآدمي الصغير من الجرائم التي يوقع علي فاعلها أشد العقوبات التعذيرية من حبس وتغريم, ومن القواعد الفقهية في هذا, أن المتسبب كالمباشر, بمعني أن الذي يدفع صبيا لأعمال إجرامية يعد شريكا له في الجرم, وعليه أثمه, لأن الصبي لا يؤخذ شرعا علي تصرفاته العدوانية او الإجرامية. وطالب بمحاسبة الذين يستخدمون الأطفال ويقتلون طفولتهم, ويغرسون فيهم الانحراف الخلقي والفكري ليحولوا آدميتهم إلي مشروع إجرامي يعيث فسادا في الأرض, فاستغلال الأطفال والصبيان في أعمال غير لائقة من التسول والتظاهرات والقذف بالأحجار كلها تعود بالعواقب الوخيمة علي المجتمع بأثره في الحاضر والمستقبل, وكما قال الحكماء درهم وقاية خير من قنطار علاج, وفي الفقه الإسلامي التدابير الوقائية والزجرية لابد من الأخذ بها للمحافظة علي سلامة الفكر وحسن التناول للأطفال أمل الحاضر وعدة المستقبل.