من المؤسف له أن منهج الحوار بدأ في التراجع لصالح منهج الصراخ والصوت العالي خصوصا علي مستوي النخب التي تطل علي الرأي العام في برامج التوك شو والتي تفترض أن تكون عنوانا صادقا لحرية الرأي والرأي الآخر وليست ميدانا للتراشق والتنابذ والسباب! أتحدث عن الحوار كمنهج تغلب فيه الموهبة وسعة الأفق وسلاسة اللسان علي أي اعتبارات أخري بما فيها عوامل المعرفة والثقافة والقدرة علي رص الأرقام والإحصائيات المجردة, والرأي العام ينتصر في نهاية المطاف لمن هو أكثر اقترابا في لغته من المستمعين والمشاهدين, وليس لمن يزين صدره بالأوسمة والنياشين, ويكرر تذكير الناس بما يملك من كتب وأبحاث, وما حصل عليه من شهادات ودرجات علمية. و الحقيقة أنه ليس هناك من هو أكثر غباء من المرء الذي يحتقر آراء الآخرين, وينظر إلي الناس من فوق قمة عالية تحت وهم انفراده بعيون الحكمة وينابيع الفلسفة وكنوز الثقافة والمعرفة لأن من يتعالي علي غيره هو مجرد رجل- مريض بضعف الرؤية! وليس معني ذلك أنني أقلل من قيمة التعليم وأهمية السعي للحصول علي الدرجات العلمية ولكنني أريد أن أقول: إن المهم في النهاية هو ما يعود علي الناس ومدي القدرة علي توصيل مخزون الثقافة والمعرفة إلي الآخرين بغير تكبر أو استعلاء, والاعتراف صراحة بأن للآخرين مساحة مماثلة من حق الاجتهاد مهما كان الفارق كبيرا بلغة المقارنة بين الشهادات والمؤهلات! وغدا نواصل الحديث.. خير الكلام: فقير ذو نفس عفيفة يعش- طول عمره- مرفوع الرأس والهامة! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله