الاستحقاق يقترب| موعد انتخابات مجلس الشيوخ 2025    أمين البحوث الإسلامية: أهمية تقييم أداء الوعاظ وتطوير آليَّات العمل    مركز الشبكة الوطنية للطوارئ بكفر الشيخ يستقبل وفدا من طلاب الجامعة    تراجع أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 10 يونيو بالتعاملات المسائية    رفع 15 طن قمامة وأتربة وتراكمات خلال حملة نظافة بحي المطار في الأقصر    مصر للطيران تُسيّر غدًا 9 رحلات لعودة حجاج بيت الله الحرام إلى أرض الوطن    الأمم المتحدة: الرفض الإسرائيلي للوصول لمخازن الوقود يهدد بوقف الإغاثة في غزة    أمريكا تهدم صورتها بيديها!    ترامب يلوح باستخدام قانون التمرد ويصف الأوضاع ب«التمرد المحتمل»    الاتحاد الأوروبي يقترح خفض سقف أسعار النفط الروسي إلى 45 دولارا للبرميل    قلق أمريكي متصاعد من محاولات اغتيال الرئيس السوري أحمد الشرع    مانشستر سيتي يعلن التعاقد رسميا مع شرقي    الزمالك يحدد أولوياته في ملف صفقات الأجانب    قبل الامتحانات.. نصائح مهمة لطلاب الثانوية العامة    السيدة انتصار السيسي تعزي أسرة البطل خالد شوقي    القبض على لص «النقل الذكى»    وزير الثقافة: الإقبال على الفعاليات يعكس وعي الجمهور    تعاون بين حسن الأسمر ونجله هاني في أغنية بعنوان «أغلى من عينيّا».. يطرح قريبا    نجوم الوسط الفني يشاركون أمينة خليل فرحة زفافها باليونان |صور    كورونا من جديد!    حملة مرور مفاجئ على مستشفيات دمياط تضمن جودة الخدمات الصحية    خبيرة أسواق الطاقة: خطة حكومية لضمان استقرار السياسات الضريبية على المدى الطويل    انطلاقة ناجحة لاختبارات SAT في مصر.. مشاركة 100% للطلاب في أول اختبار رسمي دون أي مشكلات تقنية    ابو المجد يعلن قائمة منتخب شباب اليد استعدادًا لمونديال بولندا    أمريكا تهزم كولومبيا في ختام بطولة خوفو الدولية للشباب وسط حضور دبلوماسي ورياضي رفيع المستوى    أغانى وردة ومحمد رشدى على مسرح أوبرا دمنهور.. الخميس    مجلس العموم البريطانى: نشعر بالإحباط البالغ لما يحدث فى قطاع غزة    مانشستر سيتي يعلن ضم النجم الفرنسي ريان شرقي رسميًا استعدادًا لكأس العالم للأندية    مواعيد قطارات طنطا - الإسكندرية اليوم الثلاثاء فى الغربية    تقرير عالمي يحذر إنتر ميامي من ثلاثي الأهلي.. ويستشهد بمواجهة باتشوكا    نقيب المحامين ل«الأعضاء الجدد»: الركود الاقتصادي يؤثر على المهنة ونواجه تحديات كبيرة    دراسة تكشف عن تأثير زيادة النشاط الشمسى على أقمار ستارلينك للإنترنت    توزيع لحوم الأضاحي على 21 ألفا و680 أسرة من الأكثر احتياجا في أسوان    إعلام إسرائيلى: ترامب طلب من نتنياهو إنهاء الحرب    5 أبراج بتعرف تسمعك وتقدم لك الدعم أحسن من ChatGPT.. أبرزهم العذراء    زواج عريس متلازمة داون بفتاة يُثير غضب رواد التواصل الاجتماعي.. و"الإفتاء": عقد القران صحيح (فيديو)    الأوقاف تعلن أسماء الفائزين في مسابقة الصوت الندي 2025م.. تعرف عليها    لطلاب الثانوية العامة.. مراجعات نهائية مجانية لكل المواد تبدأ فى سوهاج غدا    «ملحقش يلبس بدلة الفرح».. كيف أنهى عريس الغربية حياته قبل زفافه ب48 ساعة؟    هويسن: الانتقال لريال مدريد كان رغبتي الأولى    الثقافة تحتفل بعيد الأضحى بحدائق أكتوبر ضمن برنامجها بالمناطق الجديدة الآمنة    التقويم الهجري.. سبب التسمية وموعد اعتماده    الإجازات الرسمية المقبلة في 2025.. إليك القائمة الكاملة    الداخلية تكشف ملابسات فيديو مشاجرة بقرية سياحية في مطروح    تولى نظافة المسجد بنفسه، وزير الأوقاف يكرم إمامًا ويمنحه 10 آلاف جنيه مكافأة    التضامن الاجتماعي: فريق التدخل السريع تعامل مع 561 بلاغا في مختلف المحافظات خلال شهر مايو    البورصة تواصل الصعود بمنتصف تعاملات أولى جلساتها عقب إجازة العيد    السعودية في مهمة صعبة أمام أستراليا لاقتناص بطاقة التأهل لمونديال 2026    الحكومة تستعد للإعلان عن القضاء على مرض الجذام    الحكومة تجهز فرصًا استثمارية في القطاع الصحي للسنوات العشر المقبلة    مستشفى القلب بجامعة أسيوط يستقبل 1856 حالة خلال شهر    محافظ أسيوط يؤكد استمرار رفع نواتج تطهير الترع والمصارف    شيكابالا لإدارة الزمالك: لن أعتزل والفريق سيعانى فى غيابى (فيديو)    الأزهر للفتوى يوضح سبب تسمية بئر زمزم    وزير الري يشيد بجهود العاملين خلال عطلة عيد الأضحى    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 10-6-2025 في محافظة قنا    أسعار اللحوم البلدي والكندوز اليوم الثلاثاء 10-6-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    انتشال رضيع والدفع بغطاسين للبحث عن 4 مفقودين في حادث انقلاب تروسيكل بالنيل بأسيوط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محنة وطن‏..‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 12 - 12 - 2012

هي لحظة لا تحتمل المواءمات في التناول والتحليل والطرح‏,‏ بل تحتاج إلي مصارحة جادة وموضوعية نقدر فيها علي تسمية الأمور بأسمائها‏,‏ ففي ظني أن الأزمة تكمن في شيوع ثقافة التشكيك والمصادمة بين كل الأطراف, من دانت له السلطة ومن يجلس في صفوف المعارضة ومن اكتفي بمقاعد المتفرجين, وخلفهم تراث ممتد من الخبرات المؤلمة, ولا تبتعد عن الصورة الصراعات والتطلعات الإقليمية والدولية.
لم يعد خافيا أن نقطة الانطلاق كانت محملة بعوار تأسس عليه جل ما نعانيه, ولعلنا نتذكر ذلك السجال الذي دار بين ترتيب الأولويات: الدستور أم الانتخابات أولا, ودارت رحي الخلافات وانتهت إلي خيار الانتخابات أولا, ولم يعد من المجدي اجترار تداعيات ما حدث وتبادل رمي الكرة كل في ملعب الآخر, فما نحن بصدده أنكي وأخطر.
ووفق الترتيب الذي استقر جاءت خطوة وضع الدستور وفق الإعلان الدستوري الذي أصدره المجلس الاعلي للقوات المسلحة, وحمل في ثناياه قنبلة موقوتة فيما يتعلق بتشكيل الجمعية التأسيسية لوضع مشروع الدستور, والتي أفضت إلي إبطال المجكمة الدستورية للتشكيل الأول للجمعية, وكاد التشكيل الثاني يلقي نفس المصير, لتتصاعد وتيرة الاحتقان السياسي بصدور ما سمي بالإعلان الدستوري التالي والذي يحصن الجمعية ضد الحل وكذلك مجلس الشوري, وينفجر الصدام بين مؤسستي القضاء والرئاسة, لتعلق المحاكم جلساتها, وتتطاير التصريحات النارية المتبادلة.
وفي خطوة تالية تعلن مسودة الدستور وتثير زوابع جديدة تتحول إلي تظاهرات واعتصامات تواجهها إخري في اتجاهات متناقضة, ويطل العنف برأسه ليصبغ المشهد بلون الدم ويرتجف قلب مصر مع اختلاس المتشددين دور الأجهزة الامنية وتقومون باحتجاز واستجواب من يرونه ينتمي للتيارات المدنية في وقت كانت التقنيات الناقلة للحدث تحاصر وترصد وتسجل وترسل كل هذا لحظة بلحظة, وفي طرف المشهد تختفي الدولة عبر اجهزتها المنوط بها حماية الشارع والحفاظ علي سلامة الوطن ووحدة اراضيه, تحت ذريعة الحيادية.
وتتوالي علي المشهد القرارات المتسرعة في الصدور وفي النكوص عنها, لتزيد حالة الإرتباك وتغلق الباب أمام مخارج صحيحة وموضوعية, وأختلط الموضوعي بالذاتي والعام بالشخصي, ليصبح القرار معلقا علي ضغوط الشارع, ويجد صاحب القرار نفسه ممزقا بين ضغوط الشارع وضغوط الجماعة التي ينتمي إليها, وقد شهدت الساعات والأيام القليلة الماضية احتلال صقور الجماعة الفضائيات وما أرسلوه من رسائل حادة تؤكد توجه التحدي والإستعلاء والإصرار علي تغليب الرؤية الخاصة علي مصلحة وطن يتطلع إلي من يمد يديه الي الفرقاء لفتح حوار موضوعي يعيد الأمان لشارع يلفه الرعب من القادم بما يتجاوز ما صنعته مرحلة التطرف الديني قبلا.
وبحسب حسابات القوة والسلطة يقع العبء علي صاحب القرار في دولة مركزية, ويصبح مسئولا عن السعي الجاد لتفكيك الأزمة والتي صارت في حقيقة الأمر محنة, وهنا لابد من مواجهة التصعيد الذي يصنعه مؤيدوه أو من يزايد عليه وعليهم من فصيل او فصائل أكثر تشددا.
قد يكون من بين ما ننتظره العودة إلي نقطة تفجر الأزمة وهو القطيعة المحتدمة بين الحكم والمعارضة بجدية تتجاوز الشكليات او دعوات الحوار المؤسسة علي ثقافة الإذعان, وإصدار دستور مؤقت يضبط العلاقة الأساسية داخل الوطن, واعادة تشكيل الجمعية التأسيسية مجددا علي اسس صحيحة توافقية حقيقية, واعادة الإعتبار للأمن بغير تحيزات, ولعل اولويات المواجهة فك الحصارات المضروبة علي المحكمة الدستورية ومدينة الإنتاج الإعلامي بغير مقتضي ولخطورة رمزيتهما, التي تحمل اشارات مفزعة وقبلهما كانت المليونية تحاصر جامعة القاهرة, فهل المقصود استلاب القضاء والإعلام والتعليم في تفريغ الدولة من مقومات بقائها وتماسكها. ولا يمكن بحال وضعها محل مقايضة مع المظاهرات الاحتجاجية المدنية بالتحرير أو الإتحادية والتي لا تحمل رسائل ترهيبية أو أفعالا دموية.
علي أن الأمر الأخطر هو ما يسري كالنار تحت الهشيم ويملأ الفضاء الإلكتروني وبعض الفضائيات من ترويج لحديث مسموم عن تورط الكنيسة في مساندة التيار الشعبي والقوي المدنية ضد الرئيس والإخوان, رغم إعلانها الواضح أنها لم تعد لاعبا سياسيا بحال بعد أن تغير المناخ الضاغط عليها من الأنظمة السابقة, وخروج شباب الأقباط من اسوار الكنيسة للتفاعل مع اقرانهم من المصريين المسلمين, بل وخروجهم بالكنيسة للوطن.
الأخطر هو تجاوز التقول علي الكنيسة بالخروج من حدود المساندة إلي الدعم اللوجيستي وامداد المتظاهرين والمعتصمين بالمال والسلاح, وهو أمر يتجاوز التصارع السياسي الي كونه جريمة مكتملة الأركان يقوم بها ناشرو ومصدرو تلك التقولات, وكان المنتظر ان يتحرك النائب العام في ملاحقة هؤلاء قضائيا, فهو أمر جده جد وهزله جد وكلاهما كارثي. وهو محاولة ساذجة لتبريرالإنفجار الشعبي باستدعاء نظرية المؤامرة, بدلا من مواجهة الواقع والإقرار بحتمية قراءته بعيدا عن سياسات الإقصاء والإنفراد بالقرار, في مرحلة مرتبكة وشائكة.
ويبقي أن ننبه من لم يدركوا وقد انكفئوا علي أنفسهم إلي دور الكنيسة في حفظ التراث المصري عبر رقائقه المتتالية, لغة وفنا وفلكلورا وثقافة مصرية, في مناخات مضادة ومناوئة عنفية, ويمكن من خلال طقوسها الدينية اليومية التعرف عن قرب علي الجذور الثقافية والحياتية المصرية, أنه لو وجد هذا التراث مكانه المناسب في ثنايا مناهج التعليم, في مستويات الدراسة المختلفة, وابحاث الجامعة واسهامات العلماء, واهتمامات آليات الثقافة عبر الكتاب والفيلم والقصة والدوريات, وبث فضائيات الإعلام وأقلام الكتاب وصفحات الصحف وأثير الإذاعة, لما تعرضت ارضيتنا المصرية للتشقق ولما برزت أزمات النحر في شطآن الوطن.
ايها السادة ارفعوا ايديكم عن الكنيسة.. ولعلكم تدركون أن الأقباط هم الرقم الصعب في معادلة تاهت فيها الأرقام.
المزيد من مقالات كمال زاخر موسى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.