تباينت آراء وردود أفعال القوي السياسية والوطنية بين مؤيد ومعارض للإعلان الدستوري حيث يري المؤيدون أن مصر تدخل مرحلة تحول ديمقراطي حقيقي علي اعتبار أن الإجراء الذي يجب أن يتخذ هو سرعة انجاز الجمعية التأسيسية لمشروع الدستور حتي يتم إلغاء كل الإعلانات الدستورية المثيرة للجدل, وأنها تسير في خطوات منظمة ومتغيرة حيث تسعي لتنظيم مؤسسات الدولة وأن الرئيس قام بالفعل بأولي خطواته لتطهير القضاء وأن الفلول ضد هذه القرارات. وعلي النقيض من ذلك تماما يري الجانب المعارض للإعلان الدستوري أن ما قام به الرئيس يؤكد النية المبيتة للإخوان في الأستيلاء علي قطاعات الدولة وبذلك تتركز كل السلطات في يد فصيل سياسي واحد كما قرر جانب آخر من الاتجاه المعارض للاعلان أنه يجب علي الرئيس إلغاؤه وإعادة النظر في مواده وإصدار إعلان دستوري جديد تتفق عليه القوي السياسية واستبعاد المواد المختلف عليها لأننا لا نسعي علي حد قولهم لصنع فرعون جديد وأن هذا الإعلان سيقودنا إلي حافة الهاوية ويؤدي إلي حدوث حرب شوارع في البلاد. وبعيدا عن تحليل هذا الإعلان من الناحية السياسية فإننا سوف نعقب علي هذا الإعلان من الناحية القانونية البحتة وبحيادية وتجرد تام, ومن هذا المنطلق نري أن هذا الاعلان يمثل خروجا علي المباديء والأصول الدستورية السليمة المتعارف عليها والمستقر عليها في معظم الأنظمة الدستورية العالمية وذلك للأسباب التالية: يؤكد الفقه الدستوري أن القواعد الدستورية توضع لتوضيح فلسفة نظام الحكم والمبادئ السياسية والأقتصادية والاجتماعية التي يجب أن تسود المجتمع في فترة زمنية معينة, ويجب أن تكون متوافقة مع معطيات الواقع في هذا المجتمع, بل يجب أن تكون هذه الفلسفة وتلك المبادئ انعكاسا لهذه المعطيات. ولا شك أن القواعد والنصوص التي تضمنها الإعلان الدستوري الصادر عن رئيس الدولة قد نظمت مسائل لا ترتقي بأي حال لمصاف القواعد الدستورية ومن ثم لا تمت بأي صلة علي الإطلاق إلي القواعد الدستورية التي تحتل بحكم طبيعتها المكانة العليا داخل البناء القانوني للدولة, نظرا لما تتمتع به هذه القواعد من سمات وصفات و ما تتضمنه من أحكام لا تتضمنها القواعد القانونية الأخري داخل الدولة. حصنت المادة الثانية من الإعلان جميع الإعلانات الدستورية والقوانين والقرارات السابقة الصادرة عن الرئيس منذ توليه السلطة في30 يونيو2012 وحتي نفاذ الدستور وانتخاب مجلس شعب جديد من الرقابة القضائية عليها بأي صورة من الصور. والواقع أنه من المعلوم أن مبدأ المشروعية أو سيادة القانون يعني في مفهومه العام خضوع الدولة بجميع سلطاتها وهيئاتها العامة في كل صور نشاطها ومختلف التصرفات والأعمال التي تصدر عنها وكذلك الأفراد للقانون, ومن ثم لا تكون الحكومة شرعية إلا إذا كانت تصرفاتها في حدود القانون, أما إذا كانت الحكومة تستطيع التصرف خارج حدود القانون المرسومة لها فإنها لا تكون حكومة شرعية بل تكون حكومة استبدادية. وتعد الرقابة علي تصرفات الحكام من أهم القواعد الأساسية في الحكومة القانونية, ومن ثم لابد في ظل حكومة عادلة من خضوع الحكام جميعا رئيس الدولة والوزارة والبرلمان لمبدأ شرعية تصرفاتهم. ومن الأهمية بمكان أن نشير في النهاية إلي أن الرقابة القضائية بشكل عام والرقابة علي دستورية التشريعات بشكل خاص تمثل ضمانا أكيدا لحماية الحقوق والحريات العامة من تعسف السلطتين التنفيذية والتشريعية واستبدادهما, وهو الأمر الذي أغفله تماما الإعلان الدستوري الصادر من رئيس الجمهورية. د. أشرف إسماعيل عرب المحامي بالنقض