هل أصبحنا نعيش علي ألغام مع ارتفاع سقف الحرية وغياب ثقافة الديمقراطية وتغييب العقل مما أدي إلي الاستقطاب الحاد وتسخير الدين وتغليب المصالح الضيقة دون مراعاة مصلحة الوطن. أو إيجاد أرضية في حوار جاد للجميع بل داخل الفئة الواحدة رغم انعدام وجود رفاهية الوقت والخلطة السحرية لرأب الصدع حول الأمور الخلافية وتأليف قلوب الجميع في ظل اقتصاد علي وشك الانهيار وتهديد المجتمع الدولي برفع يد المساعدة. يا رفقاء الثورة التي جمعت المصريين في ميدان واحد بإختلاف انتماءاتهم السياسية والدينية تحت شعارات واحدة حرية كرامة إنسانية عدالة اجتماعية ضد نظاما فاسدا مستبدا ورموزه، لما أصبحتم قبل الذكري الثانية للثورة فرقاء وسط عشرات المليونيات والميادين المختلفة بين الرفض الكامل والانقسام البغيض مع استعراضات الكثرة والقوة وحشد بحشد وميدان بميدان وهتافات بهتافات متجاوزة الأعراض والحرمات لكل أطراف اللعبة السياسية حتى أصبحت مصر مثل حلبة المصارعة كلا يبغي الضربة القاضية لمجرد الاختلاف في الرأي والقناعات والانتماء الطائفي والتوجه السياسي وشعور نصف المصريين إن رئيس مصر المنتخب بإرادة شعبية ليس رئيسا لكل المصريين دون مراعاة مخاطر السقوط في براثن حرب الشوارع وبوادر الحرب الأهلية لا قدر الله، فهل الانتقال الديمقراطي يكون مع هذا التشتت والاختلاف لنصفين كل منهما ينزف دما ويتأوه آلما، أم بالحوار البناء فالسياسة هي فن الممكن وليست فرض الرأي أو الإقصاء والسيطرة وبعد إن كانت المظاهرات ضد النظام السابق أصبحت ضد من شاركوا في الثورة.
اليوم يا عقلاء الوطن الأوفياء هل ترون الصورة بواضح أم غابت الغايات لوطن مستقر آمن يعيش فينا قبل أن نعيش فيه، وهل ترون ماذا سيحدث اليوم المسمي "زحف الثلاثاء" الذي دعا إليه 18 حزبا وحركة ثورية لتنظيم مسيرات إلي قصر الاتحادية تحت عنوان "الإنذار الأخير" ويقابلها رد من جماعة حازمون بقولها أن أية محاولة لمحاصرة القصر الجمهوري عبث سياسي لن نسمح به مما سيعني لا قدر الله وقوع مواجهات وسقوط ضحايا جدد نبكي عليهم ونلبس سواد الحداد وندم تقصيرنا في حق الوطن، ويعني أن مصر علي فوهة بركان بين فريق يلوح بالجهاد وضرب الكفار والانتصار للشريعة والشرعية ويهدد فريقا آخر بالحصار والعصيان المدني وحرب الشوارع وحرق المقار وسط حصار للمحكمة الدستورية ومنع قضاتها من ممارسة عملهم في سابقة تحدث لأعلي مقر قضائي وتعليق العمل بالمحاكم والنيابيات علي مستوي الجمهورية اعتراضا علي الإعلان الدستوري الجديد وإعلانهم عن مقاطعة الإشراف علي استفتاء الدستور حتى يسقط الإعلان أو تجميده والذي يعد تدخلا في أعمال السلطة القضائية وانتهاك استقلالية القضاء والقضاة وحصانتهم المقررة قانونا ومما يقوض دولة القانون ويهدر استقلالهم مع البلطجة في محاصرة المحكمة الدستورية العليا في ظل صمت مؤسسات الدولة مع إخراج دستور دون توافق من القوي الوطنية ، وذلك يعد انتهاكا لدولة القانون ويضرب مفاصل الدولة ويهدد دولاب العمل ويضر بطرف برئ هم المواطنين البسطاء ، بالإضافة إلي حجب الصحف الحزبية والمستقلة والقنوات الفضائية اعتراضا علي إغفال الدستور حرية التعبير والنشر ، فمتي نفكر في مصلحة هذا الوطن الذي يجمعنا ويجب علي الكل العمل علي الحفاظ علي وحدته ، فاللحظة الحالية لا تحتمل إلا التوافق والحوار الذي لا غني عنه طالما ليس حوار الطرشان، والمشاركة في المسئولية فلا فرق بين حكومة ومعارضة أو ملائكة وشياطين فكل اللاعبون في الساحة لا يجيدون اللعب النظيف هواه في السياسة والممارسة الديمقراطية رغم التنظير ليل نهار.. فالمرحلة الحالية تتطلب الحزم والحسم معا لاحتياج الوطن إليهما بالأمس قبل اليوم فقد دخلت البلاد بأغلبيتها وأقليتها بتياراتها الإسلامية وقواها المدنية بشبابها وشيوخها بنخبتها الزاعقة وكتبتها الصامتة وإعلامها الغير مسئول وفئاتها المتصارعة في منطقة الألغام ومركب تتقاذفه الأمواج وبات من الأجدر فتح أبواب الحوار مع الجميع وبالجميع إذا كان هناك إيمان حقيقي بتجاوز مرحلة التجاذبات والخلافات السياسية للخروج بصيغة توافقية تستند إلي مبدأ المشاركة لا المغالبة ... والحكم الوحيد الآن بعد صدور الإعلان الدستوري الجائر ثم الدستور الغير متوافق عليه أن يكون الصندوق لمن نسي لغة الحرية والديمقراطية التي اخترناها طريقا منذ ثورة يناير فالشعب وحده القادر علي أن يجعله نافذا أو إسقاطه ، فتلك هي أنياب الديمقراطية طالما ارتضيناها وطلبناها. المزيد من مقالات محمد مصطفى حافظ