غير صندوق النقد الدولي من توقعاته لنمو اقتصاد الشرق الاوسط وشمال افريقيا فبدلا من تحقيق معدل3.3% يتوقع الصندوق ان تحقق دول المنطقة5.1% للعام الحالي في المتوسط. ورغم هذه الطفرة المتوقعة في مؤشرات النمو, يبقي الغموض مستمرا بالنسبة لاداء دول الربيع العربي والتي حذر ديفيد ليبتون النائب الاول لمدير صندوق النقد الدولي من مواجهتها3 سيناريوهات وهي التدهور الاقتصادي اذا استمرت حالة الصراع السياسي وفشلت نخبتها في تجاوز هذا الصراع, او استقرار الوضع الراهن وهو ما قد يؤدي لمزيد من الكساد والضعف الاقتصادي في حالة استمرار المصالح المسيطرة علي عالم الاعمال خاصة وان صادرات الشرق الاوسط باكمله تبلغ نحو365 مليار دولار وهي قيمة صادرات بلجيكا بمفردها والتي لا يتجاوز عدد سكانها10 ملايين نسمه, والسيناريو الثالث بناء اقتصاد جديد وتحقيق نمو اقتصادي كبير بشرط القضاء علي الاضرابات الاقتصادية واضطلاع حكومات دول الربيع بالاصلاحات اللازمة لاتاحة فرصة اقتصادية حقيقية لشعوبها. واضاف ان دول الشرق الاوسط ومن قبل ظهور ثورات الربيع العربي وهي تواجه تحدي توفير فرص العمل لمواطنيها خاصة الشباب الذين تتزايد اعدادهم بسرعة, ورغم محاولات الاصلاح فلم تتمكن اقتصادياتها من توليد فرص العمل المطلوبة بسبب ثلاث مشكلات وهي الافتقار للانفتاح علي التجارة الدولية, وهو ما اضاع فرصة كبيرة للنمو فرغم ان الشرق الاوسط وشمال الافريقية يضم6% من سكان العالم ويمتلك ثروات طبيعية هائلة فإن مساهمة المنطقة في الناتج المحلي العالمي لا تتعدي نسبة4% فقط. اما العامل الثاني للفشل فهو عدم نجاح الحكومات السابقة في انشاء البنية التحتية اللازمة لاقامة اقتصاد ديناميكي, والعامل الثالث ففي بعض محاولات اجراء اصلاحات هيكلية مؤثرة ارتبط ذلك بسيطرة صفوة مختارة علي الاستثمارات الجديدة وبالتالي فان ثمار الاصلاح لم تكن متاحة للجميع, ونتج عن تلك العوامل الثلاث ارتفاع مستمر في معدلات البطالة حتي بين الشباب ذوي التعليم الجيد بجانب الافتقار لاقتصاد حيوي. واكد مسئول صندوق النقد الدولي انه لتحقيق نمو قابل للاستمرار علي نطاق واسع فينبغي ان تنتقل دول المنطقة من الاستثمار الذي تسيطر عليه الدولة الي الاستثمار الخاص ومن الصناعات المحمية والسعي للكسب الريعي الي النمو بقيادة الصادرات السلعية وتحقيق قيمة مضافة لثروات المنطقة الطبيعية فهذا هو المصدر الذي ستأتي منه فرص العمل ولاطلاق امكانيات النمو الهائلة في المنطقة. وقال انه كي يحدث هذا يجب ان يصبح القطاع الخاص هو المصدر الرئيسي للنمو وان تتاح له امكانيات النفاذ الي الاسواق العالمية, وهو ما يتطلب من حكومات الربيع العربي العمل علي6 محاور او مجالات للاصلاح تبدأ اولا بتعزيز التكامل التجاري مع العالم, من خلال الانفتاح التجاري وتعزيز الروابط مع دول العالم وهو ما يتطلب تحسين مناخ الاعمال كمحور ثان للاصلاح, مشيرا الي ان اللوائح التنظيمية المعقدة تعرقل جهود توفير المزيد من الوظائف, فعلي سبيل المثال يوجد في مصر36 لائحة تنظيمية تؤثر علي عمل القطاع الخاص, داعيا الي اعادة النظر في تلك الاجراءات خاصة وان كثير من الاحزاب السياسية يتبني دعم اصحاب المشروعات الصغيرة ويدركون ان ذلك اولوية لدعم النمو. وقال ان المحور الثالث للاصلاح هو دعم سوق العمل من خلال اجراء اصلاحات علي قوانين العمل الحالية واللوائح المنظمة بهدف تخفيض العوامل السلبية للتوظيف العمالة مع الحفاظ علي مستوي الحماية الكافي للعاملين, مشيرا الي ان معدلات البطالة تتراوح بين الشباب بين18% و30% في مصر والاردن والمغرب وتونس, كما ينضم في مصر650 الف نسمة سنويا لسوق العمل, كما ان ربع عدد النساء فقط هم من لديهم وظائف وسط هيمنة للقطاع العام علي السوق. ودعا ليبتون ايضا الي تحسين مستوي التعليم حيث تحتاج القوي العاملة الي مزيد من التعليم ومستوي اعلي من المهارات الفنية خاصة في العلوم والهندسة مؤكدا الحاجة لتعديلات في المناهج والمقررات الدراسية تتلاءم مع احتياجات اصحاب الاعمال في القطاع الخاص. والعامل الخامس تيسير الحصول علي التمويل حيث رصد الصندوق ان10% فقط من الشركات هي من تستخدم البنوك للحصول علي تمويل لاستثماراتها وهي نسبة اقل من المتوسط العالمي, كما ان كبري الشركات هي من تستفيد من معظم التمويل الموجه من البنوك للقطاع الخاص. والمحور السادس اقامة شبكة للحماية الاجتماعية بدلا من الدعم غير الموجه, حيث يؤكد الصندوق اهمية تخفيض الدعم غير الموجه الذي تحصل علي معظمه الشرائح الخمسة العليا ضمن هيكل الدخل بهذه الدول, وذلك حتي تتحرر اموال الموازنة وتوجه للانفاق علي البنية التحتية والصحة والتعليم ويجب ان يصاحب ذلك اقامة نظم حديثة وذات كفاءة لحماية الشرائح السكانية الاكثر احتياجا