من السخرية ان يضم مهرجان القاهرةالسينمائي برنامجا لحقوق الانسان, ثم ينتهك هو نفسه تلك الحقوق, بسلب حق فنان, برفض عرض فيلمه, بسبب اتجاهاته الفكرية, كما حدث للفيلم السوري( العاشق). وحرص منظمو المهرجان علي تبرئة أنفسهم, وغسل أيهديهم, من هذا القرار, الذي اتخذته ماريان خوري المدير الفني, دون مبرر واضح, فتعددت التخمينات التي لم تكن ابدا في مصلحتهم. ليت المهرجان يستمد بعضا من شجاعة الماضي, عندما عرض فيلم( ناجي العلي) بدورة1991, قامت الدنيا وقتها, علي الفيلم وبطله نور الشريف, واتهامه بالخيانة, لأن ناجي العلي كان ينتقد مصر في رسومه الكاريكاتيرية, وفيما كانت الحملة الصحفية مشتعلة, بقيادة الكاتب إبراهيم سعدة, تصدي لها المثقفون والسينمائيون, ولم ينحن سعد وهبة, رئيس المهرجان وقتها, وعرض الفيلم في الافتتاح. قيل ان( العاشق), إنتاج حكومة بشار الأسد( مؤسسة السينما), ولا يتحدث عن واقع سوريا اليوم, فتم استبعاده, لو طبق هذا الشرط, لما وجد المهرجان فيلما يعرضه, إلا إذا أرادوها سينما موجهة, تخلو من الإبداع والخيال,( العاشق) يضم أكثر من محور يتم تغليفها بحالة من العشق المستمر, الحب الأول والحب الثاني, واشتغل المخرج عبداللطيف عبدالحميد, علي بيئتين بشكل متواز, القرية والمدينة, مع ربط بين الماضي والحاضر, إضافة إلي احتوائه علي قصص مؤلمة ومضحكة بالوقت نفسه, ودائما تلعب الخلفية السياسية دورا مهما في أفلام عبداللطيف. نعلم ان المهرجان يقام في ظل ظروف استثنئائية, ورفع القائمون عليه شعار التحدي, فاتحين صدورهم لوابل من التوجسات والمجازفات والمخاطر, ليس فقط لقرب المقر من التحرير ومحمد محمود وماسبيرو, وانما حرصا علي عدم التفريط فيما وصل اليه المهرجان من مكانة, بتاريخه الممتد35 عاما, وعليه احتضان كل التيارات السينمائية والفكرية, بعيدا عن سياسة الانتقاء والخضوع, هذا إذا أراد أن يكون في قامة الكبار. المزيد من أعمدة سمير شحاته