مع كل مظاهرة أو مليونية أو وقفة احتجاجية في المنطقة التي أصبحوا يسمونها الآن بمنطقة مثلث الرعب, أو الخوف, يعيش السكان في شوارع التحرير وقصر العيني ومحمد محمود حالة من القلق والترقب, فهناك توقع الأسوأ الذي قد يبدأ بإلقاء الحجارة ثم يمتد إلي المولوتوف أو الرصاص الحي, فكل شيء وارد مع الزحام وتداخل الأطياف والألوان السياسية, كذلك في وجود الباعة الجائلين والبلطجية والمسجلين خطر والذين أصبحوا يوجدون بشكل دائم في المنطقة باعتبارها منطقة عمل ورزق كما يقولون, الشركات المحلات البنوك السكان المدارس الهيئات المختلفة, الجميع يعاني وتتوقف أحواله مع كل تجمهر أو تجمع في هذه المنطقة الحساسة. محمد فتحي موظف أمن في احدي الصيدليات في محمد محمود, يؤكد أن هناك حالة قلق يعيشها الجميع في هذه المنطقة التي أصبحت تشبه البؤرة الملتهبة, فأي حدث يقع نتوقع له أفعالا غاضبة وبما يصاحبها من ردود قد تصل الي التخريب وإلقاء الحجارة وترويع الآمنين, وعندما تقع مثل هذه الأشياء فالكل يتأثر في أمنه ورزقه. ويؤكد أحمد السيد عامل بمحل للكشري أمام عمارة ستراند إن الأمور أصبحت لا تطاق حاليا ونحن وأسرنا نسعي لأن نعيش في أمان, ونوفر احتياجاتنا وما يجري حاليا هو استمرار لاحداث نعيشها منذ عامين يجعلنا في حالة لا نحسد عليها, فالحركة شبه منعدمة وليس هناك من يتردد علي المنطقة بفعل ما يجري فيها تباعا وبالتالي تكون محصلة اليوم في البيع هي صفر, وهو ما يتأثر به صاحب العمل والعاملون والكل يربي أطفالا ويعلم أبناءه في المدارس, فحركتنا الآن في البيع كمحل مأكولات تكاد تكون محصورة فقط في العاملين في المحال المجاورة لنا ولا أكثر من ذلك, وهذا الوضع يكاد يخنقنا وهو يضغط علي أعصابنا ومتطلبات أسرنا والأمور كلما هدأت تعود مرة أخري وتسخن, ونحن وأولادنا ندفع الثمن بالرغم من أننا لا نعمل بالسياسة ولا نهتم بها فرزقنا ورزق أبنائنا هو الأساس لنا والذي ندور في حلقه للسعي من أجله. لا زبون يأتي أما سيد محمود عامل أيضا في منطقة شارع محمد محمود, فيقول بحسرة: حالنا وقف ولا زبون يأتي والمسائل تزداد سوء في الأيام الأخيرة ونحن نريد أن نفتح بيوتنا فأنا مثلا عندي ولدين عمر سنتين وأربع سنوات, واحتاج أن أصرف عليهما وما يجري حاليا ومنذ فترة أدي الي انخفاض أجري كعامل, وأنا ومثلي الكثيرون نريد الهدوء وأن نعيش في سلام, أيضا الشارع لم يعد القلق والخوف فيه مرتبط فقط بالتظاهرات, وانما أصبحت ظاهرة البلجة واضحة فيه فالبلطجية يقفون في شارع محمد محمود ويفتحون لنا المطاوي رغم قربنا من مقر وزارة الداخلية, وحينما أكون عاملا أجري30 جنيها ويأتي البلطجي ليثبتني ويأخذ ما معي فبماذا أعود لأسرتي؟ كذلك في المحل باعتباره محل مأكولات نجد البلطجية يدخلون علينا ويطلبون وجبات ثم لا يدفعون وهذه مشكلة أصبحت واضحة في محال المأكولات في منطقة محمد محمود وأيضا في قصر العيني ولا أحد يريد أن يتحرك لينقذنا من هؤلاء البلطجية, الأمور كلها أصبحت غير ميسرة ولا أحد يحس بنا ويسعي لاراحتنا رغم أننا في منطقة حيوية في وسط البلد. أغلاق المصنع فؤاد حنفي أحمد محمد محاسب بمصنع وشركة كلاداكيس للملابس الجاهزة بشارع محمد محمود, يؤكد أننا في غالبية الأيام نغلق أبواب المصنع الذي يعمل به40 فردا وهم يعملون بنظام الإنتاج وفي العام الماضي حاصرني الغاز الخاص بالقنابل وهناك قنبلة ألقيت في منور المبني, كما وقعت قنبلة أخري علي الماكينة أدت لحريق مازالت أثاره باقية حتي الآن, نحن في الدور الأول فوق الأرضي وأنا أجلس الآن وتجد عيني تدمع بفعل غاز القنابل. ويضيف مع كل اشتباك نغلق ونسارع إلي بيوتنا ونحن أصبحنا نحس بالأحداث ونتوقعها ونحن40 فردا أصحاب بيوت. وقد تأثرنا بنسبة80% والمفترض أن نعمل بالإنتاج ولساعات عمل طويلة وهذا يؤثر علي دخلنا وينعكس علي بيوتنا وأصبحنا نطلب السلف. ويضيف أننا نطالب المسئولين بتعويضنا عن الخسائر التي تلحق بنا من جراء ما يحدث أو ينقلوننا لمكان آخر مادامت الأمور استمرت علي ماهي عليه. احترق المصنع نيكولا كلاداكيس صاحب المصنع يوناني الأصل و الجنسية مصري يقول في العام الماضي احترق مصنعة في أحداث محمد محمود وهناك ناس دخلوا المصنع وطفوا الحريق وحدثت تلفيات ضخمة والحكومة بنت أسوارا فالداخلية تبعد عن المصنع25 مترا والمنطقة أغلقت لمدة9 أشهر ومصلحة الضرائب أغلقت5 أشهر وهذا دمر المصنع والبيع والشراء في المنطقة, وإمكاناتناالمادية لا تسمح بالانتقال لمنطقة أخري, وأطالب بالاستقرار فالخلافات السياسية ومشكلات الدستور لسنا طرفا فيها.ونحن نعاني منها ونحن ندخل حاليا علي سنتين والأمور كما هي والخسائر تلاحقنا فالمريع عندنا مصانع وتوكيلات ومحلات وقطع غيار وهناك محلات أغلقت وحتي البقالين انسحبوا تباعا فالمنطقة أصبحت تعاني بشكل دائم ونحن ندفع الثمن. نحن تعبنا ولا توجد بوادر للراحة عندي عمال تعمل منذ10 أشهر ولابد أن أعطي لهم سلفه أو غيره. أوضاع مأساوية أحمد حسن مدير أحد المصانع بشارع محمد محمود يقول إن الأوضاع عندنا مأساوية ولا نعرف كيف نعمل وهناك انتكاسات مادية والعامل يضطر للعمل في مكان آخر حتي يتلافي المشاكل التي نعاني منها, فعندما نكتب عن أعلان لطلب عاملين أو موظفين لا أحد يأتي الكل يخاف لأن المنطقة هي بمثابة منطقة قلق. نحن نخاف عبير سعيد سكرتيرة بشركة مستلزمات طبية بقصر العيني تقول إننا نخاف وهناك قلق في الشوارع ولا نستطيع أن نمر في الطرق وهناك شباب دون العشرين نراهم في دفعات أكثر من20 في كل مرة ويلقون بالحجارة, وهذه الأحداث تؤثر علي المبيعات والناس تخاف الآن أن تنزل إلي قصر العيني. وقف العمل فادي الحبشي محامي بالنقض مكتبه في ميدان التحرير يري أن القاطنين في الميدان عند حدوث تجمعات يتم الاغلاق للمحل أو المكتب وعند التجمهر والتكدس يقف العمل في المنطقة باستثناء محال الأكل, فالشركات تغلق أبوابها خوفا من الاشتباكات والتخريب وفصيل المحامين والأطباء لا يأتي إليهم العملاء وهذا يؤثر سلبا علي النشاط المهني والتجاري, والسكان يحسون بالخوف, وبعضهم عند المواجهات كما يحدث حاليا في احداث محمد محمود يغادر السكان شققهم ولا أعرف كيف يأتي هؤلاء في الشركات والصرافة والمكاتب بمصاريفهم, وهذه المنطقة المثلثة تتأثر بشدة والمفترض أن تقوم الدولة بعملية إخلاء لنا أو تدبير أماكن بديلة, وفي المليونيات تحديدا يتوقف المرور. مش ماشية ياسر عباس مدير تنفيذي لمحل صرافة بقصر العيني يقول الدنيا مش ماشيه والأحوال لا تسر ومن وقت لآخر نضطر لإغلاق المحل فأي مظاهرة نتوجس عنفا واشتباكات فنترك المحل بسرعة ولك أن تتصور كيف تكون حالة القلق في محل يتاجر بالعملات وبه أموال, وفجأة نجد هرج ومرج أمامنا أو خلفنا فنصاب بالهلع ونسارع لاغلاق المحل, والواضح الآن انه ليس هناك من يسعي لتهدئة الأمور حتي تسير الحياة فدائما هناك التصعيد ولا نعرف لمتي. وفي أحد المحال شرح لنا عامل بسيط بأحد محال شارع محمد محمود واسمه يسري ناجي كيف أن يوميته انخفضت بمقدار خمسة جنيهات بسبب أنه تأخر عن الموعد الخاص به ويتساءل هل نظل علي هذا الوضع وندفع ثمن المظاهرات وحدنا, فالتظاهر يعني إغلاق المنطقة ووقف الحال واستمرار العذاب والمعاناة لنا ولأسرنا.. فهل يرضي هذا الرب أو العبد أتمني ومعي الكثيرون من أصحاب الأعمال والعاملين في المنطقة أن ينصلح الحال وتعود الأمور لسابق عهدها حتي نعيش. البحث عن سكن احدي السيدات التي تقطن في شارع قصر العيني وهي سهام جاد موظفة بالانتاج الحربي بادرتنا بالقول عندما سألناها كيف تعيش هي وأسرتها في هذه الظروف.. في الماضي كانوا يحسدونا الزملاء في العمل والأقارب علي السكن في هذه المنطقة المتفرعة من شارع قصر العيني أما الآن فأنا أحاول أن أبحث عن سكن آخر يبعدني عن العذاب والمشقة التي أعيشها حاليا فعند أي تظاهرة أو مليونية, الباص لا يأتي ليأخذ الأولاد إلي المدارس, وأنا من جانبي لا أذهب إلي عملي وزوجي وهو يعمل محاسبا لا يستطيع أن يترك المنزل إلي عمله تحسبا من المواقف المقاومة, ونحن لابد أن نجهز لحظة طوارئ إذا تدهورت الأمور أو ألقيت علي شقتنا المولوتوف أو الحجارة فالكل يتحسب خاصة أن هناك كهرباء وغازا وغيرهما نحن نعيش في قلق منذ شهور طويلة ولا نعرف متي ينتهي.. فهل نحن الذين يجب أن ندفع ثمن الخلافات بين التيارات المختلفة وهل سنستمر في قلق حتي نهاية العمر في انتظار حدوث المكروه, وعندما استفسرنا من محمد بلال بواب احدي العمارات السكنية بقصر العيني عن حقيقة انخفاض الأسعار للشقق في المنطقة رد بأنه في قصر العيني لقربه من جاردن سيتي وفي التحرير وش محمد محمود فإن الكثيرين تركوا سكنهم إلي سكن آخر بفعل الأحداث الجارية منذ شهور طويلة, وفي هذه المنطقة كانت أسعار الشقق التمليك شبه خيالية فنحن كنا نقول للزبون أنت في وسط البلد ومنطقة تجمع للمحلات والخدمات, كذلك في هذه المنطقة كان التجمع ايضا للسكن وفقا للقانون الجديد وكانت أصغر شقة في المنطقة لا تقل عن3000 جنيه, كذلك السكن المفروش خاصة بالنسبة للعرب والأجانب كانت اسعاره في السما كما يقولون واصحاب الشقق يتدللون علي المستأجرين والكثير منهم كان يعيش علي ما تدره هذه الشقق, أما الآن فالأوضاع تبدلت والراغبون في تملك الشقق أو الاستئجار أصبحوا يبتعدون عن مثلث الخطر كما اصبحوا يطلقون عليه الآن, فالايجارات نزلت للنصف.