لأنها أبكت المصريين بدلا من الدموع دما, كانت صور الأطفال شهداء حادث قطار أسيوط من( المشرحة) في برامج( التوك شو) علي الفضائيات تجاوزا عمديا في حق من شاهدها بدون تحذير من آثارها النفسية علي المشاهدين صغار السن وضعاف القلوب وهو رد الفعل نفسه علي ما تنقله القنوات الإخبارية من لقطات حية للقتلي والجرحي في ظل غياب الرقابة علي الفضائيات التي تعرض كثير منها يوميا حالات إشتباك لفظي وتبادل للشتائم بين ضيوف ومقدمي البرامج, كما تعرض فضائيات أخري الأفلام قبل أن يقترب منها مقص الرقابة, وتتخصص أخري في الأفلام الأجنبية( الأكشن) والتي تقدم العنف البدني وسيل من مشاهد الدماء, بالإضافة لطوفان من إعلانات المنشطات الجنسية وجميعها ترتكب تجاوزات تفرض علي من يهمه الأمر أن يفيق سريعا لحماية المشاهد من آثارها الضارة بالمجتمع ويضع ضوابط لعرضها وتلزم كل فضائية بأن تضع( تنبيه) علي الشاشة يقول( للكبار فقط) لما قد تكون نتائجه سيئة نفسيا واجتماعيا علي صغار السن والمراهقين وضعاف القلوب مثلما تفعل فضائيات الغرب. والتي يقول عنها د.صفوت العالم أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة: إن ميزان المعادلة الإعلامية قد اختل توازنه تماما في ظل الحرية المطلقة لمالكي الفضائيات في اختيار محتواها, بينما لم تهتم أي ضوابط بحقوق المشاهدين الذين يختلف تقييم كل منهم لما يحب أن يشاهده وليس ما يصدمه, فصغار السن عندما يتابعون الأفلام التي تمتلئ بالعنف والدماء أو تعاطي المخدرات أو لقطات جنسية فإن إدراكهم يصورها لهم علي أنها من الواقع, وبسبب عدم إكتمال وعيهم فإنها تتسلل إلي نفوسهم وتظل كامنة حتي الوقت المناسب لتقليدها, مما يجعل من تنبيه( للكبار فقط) علي الشاشة ضرورة لحماية الأسرة الملتزمة بالتقاليد وصغار السن بصفة خاصة من تلك( الصدمات الفضائية) التي تقتحم منازل المشاهدين تحت ستار الإثارة المرفوضة لعدم وجود تشريعات لحمايتهم منها! ويؤكد د.سيد صبحي أستاذ الصحة النفسية بكلية التربية جامعة عين شمس علي أن الظواهر والأرقام أثبتت أن صغار السن هم الأكثر إقبالا علي أفلام العنف في دور السينما وأنهم في صدارة( المتحرشين) بالفتيات خاصة في الأعياد لأنهم يتأثرون بما تعرضه الفضائيات بشكل مباشر, وليس معني ذلك أن الحل في وضع إشارة( للكبار فقط) أمامهم لأنها سوف تجذبهم أكثر للمشاهدة, وإنما بأن يخضع محتوي الفضائيات لتقييم لجنة من علماء النفس والاجتماع وتتركز مهمتها في تحديد السن المناسب للمشاهدة قبل عرض الدراما والبرامج والإعلانات أيضا! ويتفق في الرأي د.رشاد عبداللطيف أستاذ تنظيم المجتمع بكلية الخدمة الاجتماعية جامعة حلوان الذي يعتبر أن تقليد الفضائيات الأجنبية في تحديد سن المشاهد أصبح من الضرورات التي يجب أن تسبقها توعية للآباء والأمهات بأهمية الالتزام بها من أجل تنشئة الأبناء علي الأخلاق الفاضلة وتقاليد المجتمع التي تنهار في غياب الرقابة الأسرية علي ما يشاهده الصغار, واستمرار كثير من الفضائيات في عرض ما يثير الغرائز في نفوسهم البريئة يؤدي إلي تلوثها خاصة مع الاعتياد علي مشاهدتها في غياب الرقابة عليهم! وتقترح الناقدة ماجدة موريس عمل تصنيف للأفلام بما يتناسب مع أعمار المشاهدين في المنازل وتقول: إنه من غير المقبول أن تعرض الفضائيات أفلام فترة السبعينيات بنسخها الكاملة, والتي تدهورت السينما خلالها بسبب زمن الانفتاح في ذلك الوقت الذي شهد معارك كثيرة بين الرقابة ومخرجي كثير من الأفلام الهابطة فكريا لاحتواء كثير منها علي مشاهد عديدة مثيرة للغرائز استغلالا لرواج( الفيديو) في ذلك الوقت, وعرضها علي الفضائيات بلا حذف يهدد المجتمع بنشر مضمونها السئ أخلاقيا, فمن الناحية الأدبية علي الفضائيات التي تقرر عرضها أن تضع لوحة تحدد السن المناسب لمشاهدتها ولست مع منعها. ويقول المهندس صلاح حمزة العضو المنتدب للنايل سات: إن إدارة القمر الصناعي نايل سات لا تراقب محتوي فضائياته ولكنها تنص عند التعاقد معها علي عدم بثها لما من شأنه يمثل دعوة إلي الإرهاب أو العنف أو التطرف أو الإباحية الجنسية وغير ذلك مما يحافظ علي تقاليد المجتمع, وبسبب أصوات عديدة تصاعدت في الفترة الماضية عن تجاوزات من فضائيات علي النايل سات يجب أن يعلم الجميع بوجود قمر صناعي آخر اسمه( يوتلسات) يبث قنواته علي نفس مدار النايل سات وتلتقطها أجهزة الإستقبال التي يمكن من خلالها تفعيل خاصية المراقبة الأسرية بشرط أن تضع فضائيات النايل سات تحديد لأعمار المشاهدة وتفعيلها في الإشارة المرسلة للأجهزة المستقبلة لإشارتها.