عندما اضطرت الحكومة إلي طلب قرض من صندوق النقد الدولي قيمته48 مليار دولار اختلف الاقتصاديون أنفسهم حول هذا القرض بين مؤيد وله حججه ومعارض ومعه أسانيده يري المعارضون أن هناك وسائل أخري غير الاقتراض من صندوق النقد الدولي الذي أطلقنا عليه في فترة سابقة صندوق النكد الدولي علي خلفية الشروط التي يضعها علي الدول المقترضة لضمان استرداده قيمة القروض التي يمنحها هذه الدول (تحرر سعر صرف العملة المحلية إلغاء الدعم عن بعض السلع وخلافه) وأنه ينبغي علينا العمل حثيثا وبدأب لاسترداد الأموال المنهوبة من مصر خلال السنوات الثلاثين الماضية والتي يقدرها البعض بنحو 134 مليار دولار, بينما يقدرها آخرون بما لايقل عن 200 مليار دولار. ولكن كيف يتم استرداد الأموال المنهوبة من بنوك الخارج بعد أن رأينا تسويفا يصل إلي حد التواطؤ من هذه البنوك رغبة منها في عدم التفريط في أصول كبيرة, حتي وإن كانت منهوبة من دم المصريين تزيد من سيولة ورأسمال هذه البنوك؟ يري البعض في ضوء ذلك أنه لامناص من تطبيق آلية (العدالة الانتقالية) أي التصالح مع رموز النظام البائد ماليا فقط وليس علي دم سفك بحيث يعيدون مانهبوه إلي الخزانة العامة للدولة نظير الإفراج عنهم, وبذلك نختصر الوقت ونضمن استرداد كل أو جل ماتم نهبه بدلا من انتظارنا لرد هذه الأموال من الخارج والتي قد لا تأتي أبدا, بكلمات أخري فإن العالم يتعامل بلا مبالاة مع أموالنا المهربة وبالتالي لن نحصل علي أي منها وأن التصالح مع جرائم المال العام أصبح ضرورة تحتمها الحالة الراهنة. وأري أن يتم وضع اتفاق واضح وشفاف يتم استفتاء الشعب عليه من خلال سؤال واحد هو: هل توافق علي التصالح مع جرائم المال العام مع رموز النظام البائد الذين لم تتلوث أيديهم بدماء المصريين؟ أتطلع لأن يفتح بريد الأهرام باب المناقشة في هذا الموضوع الحيوي لكي يدلي كل بدلوه حتي تتبلور رؤية يمكن البناء عليها ومن ثم ترجمة هذا الاقتراح علي أرض الواقع حال قبوله من جانب كتاب بريد الأهرام والذي وصفه أديب نوبل نجيب محفوظ بأنه نبض مصر. د. محمد محمود يوسف أستاذ بزراعة الإسكندرية