علي الرغم من تصويره عقب ثورة25 يناير إلا أنه ذهب بعيدا عن أحداث الثورة ليغوص في أعماق الصراع الإنساني من خلال6 قصص مختلفة ل12 شخصية جمعهم جميعا' عشم' في أن يخرجهم شئ من ابتلائهم, فمنهن من تعشمت في علاج كي تستطيع الإنجاب, وأخري تتمني أن يشفي زوجها المريض بالسرطان, ورجل يتمني وظيفة جيدة, والمفارقة أن تتحقق أحلام البعض, ولا تتحقق أحلام غالبيتهم. كانت هذه باختصار قصة الفيلم الروائي الطويل الأول' عشم' للمخرجة المصرية الشابة' ماجي مرجان' والذي يبدو له نصيبا من اسمه إلي حد بعيد, فقد دفع به صناعه ليمثل مصر في المسابقة الرسمية لمهرجان الدوحة السينمائي( ترايبكا), وعن تجربتها الروائية الأولي كمخرجة بعد فترة قامت خلالها بالعمل كمساعدة في العديد من الأفلام, وأخرجت فيلما روائيا قصيرا,تلك التجربة التي جمعتها بالمخرج الكبير محمد خان ومعه المخرج المسرحي محمود اللوزي في أدوار البطولة, ومعهم الوجوه الشابة أمينة خليل, نهي الخولي, هاني سيف, هاني إسكندر, سلمي سالم, مروة صفوت, سيف الأسواني, مني الشيمي, مينا النجار, نجلاء يونس وعلي قاسم تتحدث ماجي مرجان لملحق' نجوم وفنون' الأهرام. يبدو كرم الأصدقاء والغرباء قد تغلب علي ضعف الموارد المادية.. كيف حدث ذلك؟ نعم هذه حقيقة, وكما هي الحال في كل الأفلام, تطلب الفيلم مجهودا شاقا وشهورا طويلة من العمل, فبعد أن اكتمل السيناريو والأفكار الرئيسية في نوفمبر2010, بدأنا عملية اختيار الممثلين والارتجال التي استغرقت حوالي شهرين. ثم قامت ثورة25 يناير فتوقفنا قليلا, وبدأنا التصوير في مارس2011, وانتهينا في يونيو.2011 واستغرق مونتاج الفيلم وقتا طويلا جدا لأن فيلم' عشم' من نوعية الأفلام التي لا تنبض بالحياة إلا في عملية المونتاج, وهو يختلف عن بعض الأفلام الأخري المبنية علي قصص متعددة لأنه ليس به وحدة المكان أو الزمان حيث اخترنا اسلوب وحدة الأفكار الرئيسية والقصص الإنسانية. وتتواجد هذه القصص المتعددة في نفس الفيلم لأنها كلها قصص عن أشخاص يريدون شيئا ما أو يتمنونه, لذا كان علينا في عملية المونتاج أن ننتقي الاختيارات التي تظهر القصص بطريقة تسلط الضوء علي الطموحات المشتركة للشخصيات. وقد عملنا أنا والمخرج أحمد عبدالله الذي قام بمونتاج الفيلم علي مدار شهور عديدة, ورغم أن الممثلين وفريق العمل كان معظمه من المبتدئين إلا إنهم بذلوا الكثير جدا من طاقتهم وروحهم وهو ما ساعدنا لنصل إلي هذه المرحلة التي يشارك فيها الفيلم بالمهرجان. وكون الفيلم ينتمي إلي فئة السينما المستقلة جعل تصويره أمرا يبعث علي البهجة والانطلاق, إلا أنه لم يخل من تحديات كبيرة لأننا كنا نصور بدون تصريحات بعد الثورة مباشرة, كما بدأنا التصوير أيضا بموارد مالية محدودة للغاية, وفي التصوير المستقل لا نملك سوي أن نعتمد علي كرم ولطف الأصدقاء والغرباء, لذلك لجأنا إلي مواقع التصوير المجانية وفي الشوارع ما جعل التصوير تحديا في حد ذاته لصعوبة التحكم في البيئة المحيطة. صناع جدد ونوع مختلف من السينما.. ما الذي دفعك لعرض الفيلم في مهرجان الدوحة ؟ 'عشم' هو أول فيلم سينمائي طويل لي وأردت أن أعرضه في سياق مناسب لنوعية الأفلام التي يتنمي إليها- أي في مهرجان يتم فيه اختيار الأفلام بشغف, وتحكي فيه القصص الجيدة- وأعتقد بحق أنه يوجد لدي صناع الأفلام' الجدد' والمهرجانات' الجديدة' فرصة للعمل معا, لصياغة نوع مختلف من السينما وهو ما جعلني أرغب حقا في أن أعرض فيلمي في مهرجان الدوحة السينمائي. ولعل تلك الروح والرؤية التي توفرها المهرجانات الجديدة تناسب الهدف الرئيسي من الفيلم, فعندما يري الناس فيلم' عشم', وأتمني أن يستمد من يشعرون باليأس والاحباط الذي نشعر كلنا به أحيانا قدرا من الطاقة والدفع نحو الاستمرار في التجديف, فلابد من الخروج من قوقعة الفردية, والمغامرة بالدخول إلي ما هو مشترك وجماعي, وينبغي أن تسود لدينا جميعا تلك الروح وأن ندرك أن ذوي الإعاقة لا يسيرون إلي الوراء. لقد حاولنا في هذا الفيلم أن نخلق وعيا بلحظات الحياة الصغيرة, ولحظات الاستنارة الصغيرة في حياة الشخصيات, وكأن الفيلم يريد أن يشير إلي الأحداث الصغيرة ويقول لاحظوا' هذا/هذه'. هذه النزهة علي الدراجة البخارية, هذاالعناق,هذا المنظر لميدان رمسيس, صوت دلاية الأجراس هذه, حبات الفستق هذه, كلها مفردات لها دلالات مهمة في حياتنا. لكن أليس من الصعب أن تصنع فيلما وأنت تسبح ضد التيار؟ في مصر بالتحديد وربما في الشرق الأوسط بأكمله يمكن القول أنه من الصعب أن تصنع فيلما وأنت تسبح ضد التيار الرئيسي لصناعة الأفلام, فالمناخ ليس سهلا, ومع هذا ففي الوقت نفسه هناك حركة تأييد متنامية للأفلام والفنون في مصر, فكثير من الأشخاص في فيلمي وغيرها من الأفلام الروائية البعيدة عن الصبغة التجارية, هم أشخاص في مهن مختلفة, من الفنون المرئية إلي السينما إلي الموسيقي إلي المونتاج, يريدون أن يساهموا في هذه الحركة, فالكثير من الأفلام التي تصنع في مصر الآن, تصنع في هذا الإطار. وفي حالة' عشم', يجب أن أقول إنني حظيت بامتياز العمل مع أشخاص لم يقتربوا من العمل بمبدأ' ما فائدته لي', بل بمبدأ' ما فائدتي له', وعلي رأس القائمة يوجد المخرج أحمد عبد الله الذي قام بعمل المونتاج للفيلم وبالطبع كل الممثلين الرائعين وعلي رأسهم المخرج المبدع محمد خان. هل يعني ذلك اننا' نحن' في مقابل' هم' وصراع الخروج من العزلة؟ بل المفاجأة, فحين يخرج الناس عن الأنماط المعروفة أشعر بالإلهام الحقيقي, فتلك الأفلام التي تحمل لنا مفاجآت غير متوقعة تحول الصور ثنائية الأبعاد إلي صور مجسمة ثلاثية الأبعاد, وأي فيلم أو شخص يجعلنا نتعاطف مع الناس ذوي الجراح التي لا تستطيع رؤيتها من أول مقابلة يمدني بالإلهام, كما تلهمني المساحات التي في الوسط, تلك الأشياء التي لا يمكنك تسميتها, تلك العلاقات والصداقات واللحظات في الحياة التي لا يمكنك تسميتها' إما أو'. إننا نصارع في مصر ضد تيارات التمييز والتسميات والتقسيمات والانحيازات وعقلية' نحن' في مقابل' هم', وعندما تكشف الأفلام أو الأشخاص هذه الثنائيات التخيلية,أشعر بالإلهام, يلهمني من يخرجوننا من عزلتنا, من يرون الجوانب المشتركة والاكتمال بدلا من الانقسام, من يصرون علي مواصلة الحياة علي الرغم من الظروف.