في هذا الشهر تمر الذكري الحادية والتسعون لميلاد الأديب' عبد الرحمن الخميسي' بهدوء مريب, دون أن تلفت نظر أحد كالمعتاد, وكأنه لم يكن فنانا شاملا ومؤسسة ثقافية. عرفته الأوساط الأدبية شاعرا رومانسيا, وقاصا وروائيا مبدعا, وكاتبا مسرحيا بل ممثلا ومخرجا وصاحب فرقة مسرحية وله تجارب سينمائية وإذاعية وأوبرالية, وعديد من الأشعار الغنائية. جاء الخميسي إلي القاهرة في منتصف الثلاثينيات من القرن الماضي,لا يملك أي شيء سوي مواهبه وطموحه نحو مزاحمة الكبار وحجز مكانا ومكانة مرموقة في حياتنا, رغم أنه ترك مسقط رأسه قرية منية النصر بالمنصورة دون أن يكمل الثانوية العامة. كان الخميسي عاشقا للحياة ومحبا للناس, وأبواب منزله مفتوحة أمام الجميع, يحتضن المواهب ويغدق عليها من خزائن خبرته وأبوته. ووقتها كانت لا تخلو ليلة من ليالي القاهرة الجميلة من جلساته مع الأدباء والفنانين يتبادلون الرأي ويتطارحون الفكر. وعندما يتحدث الخميسي ينصت الجميع وهو يتحدث بأسلوبه الساخر الجذاب, ويرتجل الأشعار في موعد دائم مع الإلهام. وكم يحزننا, بعد أن كان ملء السمع والبصر طوال حياته, أن تعبر ذكراه دائما فلا ينتبه لها أحد إلا بعد عبورها, لماذا كلما تحل ذكراه يحفها كل هذا الصمت الرهيب؟. التقينا نجله الأكبر القاص أحمد الخميسي الذي رافقه لسنوات طويلة ليكشف لنا عن أسرار تجاهل المؤسسات الثقافية لشخص والده وإبداعاته. بغضب شديد يجيب أحمد الخميسي قائلا: إن أبي كان دائما مطاردا ومغضوبا عليه بسبب آرائه السياسية علي مر الأنظمة التي حكمت البلاد, لأنه لم يكن مجرد فنان شامل, بل كاتبا سياسيا بعيدا عن سفسطة الأحزاب, يؤمن بقضايا وطنه. بدأت المطاردة منذ أن هرب واختفي في الصعيد حين صدر قرار بالقبض عليه بتهمة العيب في الذات الملكية إثر مقالة نارية هاجم فيها الإقطاعيين والرأسماليين المتقاعسين عن مؤازرة الحركة الوطنية ضد الملك والإنجليز. ثم ذاق مرارة السجن بسبب مقالاته التي طالب فيها بالديمقراطية في بداية ثورة يوليو, وبعدها تحمس لجمال عبد الناصر عندما تجاوزت إنجازاته مختلف برامج وطموحات الأحزاب اليسارية. وبعيدا عن الصدام الدموي بين الطبقات. كما أنه فصل من جريدة الجمهورية, وتم تحويله إلي موظف في وزارة التموين لرفضه مهاجمة الشيوعيين بالعراق في الخمسينيات, ثم اضطر لمغادرة البلاد وتنقل بين عدد من العواصم العربية إلي أن استقر لفترة بالاتحاد السوفيتي سابقا, وتوفي هناك في عام1987 لخلاف مع الرئيس السادات الذي اعتبره الخميسي انقلابا علي المنجز الناصري, فصدر حكم بتجريده من كل حقوقه المدنية, ولم يجد بدا من الهجرة لأنه خشي السجن وهو في سن لا تحتمل ذلك,وفي الغربة لم تغب مصر عنه لحظة وتألم كثيرا لإبرام اتفاقية كامب ديفيد فهاجمها في مقالاته بمجلة اليسار العربي وكتب قصيدة بعنوان خديوي مصر. وهذا الموقف من السلام مع إسرائيل- والكلام لا يزال لأحمد الخميسي- دفع ثمنه أيضا في عصر مبارك. وجملة مواقفه السياسية أثرت سلبا علي اهتمام النقاد بإبداعاته خشية غضبة السلطان. فلم يحصل أبي علي أي جوائز أو تقدير أدبي, وأبناؤه لم يتمتعوا بمعاش يذكر لوالدهم الذي لا يزال مغضوبا عليه حتي اليوم. % %. ا7 ب. . % %.''''1980 صيحات شعب, ورياح ونيران, ودماء لا تجف, والبهلوان المدهش,وأمنية وقصص أخري. وقدم للمسرح' الحبة قبة'و' القسط الأخير' وأخرج مسرحيات أخري, وقام بالتمثيل مع فرقة المسيري وفي فيلم' الأرض', وأخرج أفلاما للسينما أيضا. وكتب رواية سبقت عصرها, لأنه تنبأ فيها بعمليات زراعة الأعضاء وهي بعنوان' الساق اليمني'. ولكنها لم تنشر في كتاب حتي الآن, كما ترجم مختارات قصصية لأشهر الأدباء العالميين ونشرها بعنوان' يوميات مجنون'. احتضن مواهب أدبية مثل يوسف إدريس وتنبأ بنبوغه مبكرا. وألف مقطوعات موسيقية وأوبرالية. % %..