فوز مدرسة عمر بن عبدالعزيز الرسمية لغات بحوش عيسى كأفضل مدرسة بالبحيرة    غدًا.. بدء عرض فيلم «السادة الأفاضل» بسينما الشعب في 7 محافظات    الجالية المصرية ببروكسل تستقبل الرئيس السيسي بالأعلام والهتافات    ارتفاع أعداد السياح الوافدين من أوزبكستان إلى شرم الشيخ والقاهرة    محافظ المنوفية يرفع درجة الاستعداد القصوى لاستقبال انتخابات مجلس النواب    الصين تكمل بناء أول مركز بيانات تحت المياه يعمل بطاقة الرياح في العالم    المغربي: القمة المصرية الأوروبية تثبت ريادة مصر على الساحة الدولية    رئيس فرنسا السابق يدخل لمحبسه.. والسجناء يهتفون «مرحبًا ساركوزي»    الدفاع الروسية: استهداف منشآت البنية التحتية للطاقة الأوكرانية    جهاز الزمالك يفكر في منح الفرصة لمحمود جهاد أمام ديكيداها    كشف ملابسات فيديو اعتداء شخصين على مواطن باستخدام سلاح أبيض بالجيزة    رجل ينهي حياة طليقته أثناء انتظارها خروج أبنائها من المدرسة بالمنوفية    أسماء مصابي حادث انقلاب ميكروباص بصحراوي المنيا    «تعليم البحيرة» تعلن جداول إمتحانات شهر أكتوبر لصفوف النقل    "ليه عمر ما يكونش فؤاد الجديد؟".. عمر كمال يكشف مفاجآت في أزمة الألبوم المسروق    حارس الضوء.. تمثال المتحف المصري الكبير يروي أسطورة القوة والخلود    هنا الزاهد: بلعب شخصية خطيبة أحمد عز في "The Seven Dogs"    انتشار الجدري المائي في المدارس يقلق أولياء الأمور.. الأعراض والأسباب    نائب وزير الصحة يتفقد مستشفى ووحدة طب أسرة بئر العبد بشمال سيناء    ذكرى إغراق المدمرة إيلات| القوات البحرية تحتفل بعيدها الثامن والخمسين.. شاهد    وسط استقبال حافل من الجالية المصرية.. السيسي يصل مقر إقامته ببروكسل    تعرف على حالة الطقس في الكويت اليوم الثلاثاء    موعد إجراء قرعة حج الجمعيات الأهلية لاختيار الفائزين بالتأشيرات    ضبط 3 تشكيلات عصابية تخصصت في سرقة السيارات والشقق والدراجات النارية بعدة محافظات    هآرتس: كل عصابات إسرائيل بغزة تفككت وحماس وحدها القادرة على الحكم    لافروف: قمة ألاسكا إطار مهم لتطوير العلاقات بين روسيا وأمريكا    "الابتكار في إعادة تدوير البلاستيك".. ورشة ببيت ثقافة إطسا| صور    وزير الثقافة يتفقد قصر ثقافة روض الفرج ويتابع فعاليات ملتقى شباب المخرجين    نيلي كريم: كنت نفسي في البداية أقدم شخصية "حنان مطاوع" لأنه دور فيه عمق وشجن وحزن    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 21-10-2025 في محافظة الأقصر    دار الإفتاء توضح حكم تصدق الزوجة من مال زوجها دون إذنه    وزير المالية:نتطلع إلى وضع رؤية مشتركة لقيادة التحول الاقتصادى نحو تنمية أكثر عدالة وشمولًا واستدامة    وكيل تعليم الفيوم يشهد فعاليات تنصيب البرلمان المدرسي وتكريم الطالبات المتميزات على منصة "Quero"    وزير الصحة يبحث مع السفير الفرنسي تنفيذ خطة لتقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة    عضو الجمعية المصرية للحساسية: ضعف المناعة والتدخين أبرز محفزات ارتكاريا البرد    تطورات مطمئنة بشأن إصابة إمام عاشور.. وموقف توروب    هل الاحتفال بمولد سيدنا الحسين بدعة؟.. أمين الفتوى يجيب    أسامة نبيه: لا حديث عن منتخب 2005 بعد الآن.. وعلينا التركيز على المستقبل    وزير الصحة: إدخال تقنيات المستشفيات الذكية والجراحة الروبوتية ضمن المنظومة    تنس طاولة - محمود أشرف: أعتذر عما حدث مع عمر عصر.. ومستعد للمثول للتحقيق    الخميس.. محمد ثروت ومروة ناجى بقيادة علاء عبد السلام على مسرح النافورة    تامر أمين عن سرقة مجوهرات نابليون من اللوفر: اللي يشوف بلاوي غيره يحمد ربنا على نعمة مصر    استخدام الذكاء الاصطناعي على رأس مناقشات اجتماع الأعلى لشئون الدراسات العليا    اليوم، ختام تعديل رغبات الانضمام لعضوية اللجان النوعية بمجلس الشيوخ    أمريكا وأستراليا توقعان إطارا للمعادن الحيوية والعناصر الأرضية النادرة    نيويورك تايمز: إدارة ترامب تضغط على نتنياهو لعدم تقويض الاتفاق مع حماس    الدماطي: ياسين منصور الأنسب لرئاسة الأهلي بعد الخطيب.. وبيراميدز منافسنا الحقيقي    ميدو: كنا نسبق الكرة المغربية.. والعدل في الدوري سبب التفوق    ما حكم الاحتفال بالموالد مثل مولد سيدنا الحسين والسيدة زينب؟ وما حكم أفعال بعض الناس خلال الموالد من الذبح والنذور وغيرها من الطقوس ومظاهر الاحتفال؟ وما حكم تشبيه بعض الأفعال الخاصة فى الاحتفالية بمناسك الحج؟    المشرف على رواق الأزهر عن جدل مولد السيد البدوي: يجب الترحم عليهم لا الرقص عند قبورهم    بالصور.. بدء التسجيل في الجمعية العمومية لنادي الزمالك    مباريات اليوم الثلاثاء 21 أكتوبر 2025 والقنوات الناقلة    جامعة قنا تطلق مشروع التطوير الشامل للمدن الجامعية    إصابة 13 شخصا إثر انقلاب ميكروباص فى العياط    مع اقتراب دخول الشتاء.. أبراج تبحث عن الدفء العاطفي وأخرى تجد راحتها في العزلة    أسعار الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 21 أكتوبر 2025    خليل الحية للقاهرة الإخبارية: نشكر مصر على جهودها في وقف إطلاق النار    وزارة العمل: قرارات زيادة الأجور لا تصدر بشكل عشوائي بل بعد دراسات دقيقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العدالة الاجتماعية ومشروع الدستور
نشر في الأهرام اليومي يوم 12 - 11 - 2012

نبدأ بالإقرار بأن العدالة الاجتماعية كانت من أهم مطالب الثورة الشعبية العظيمة منذ قرابة العامين وأن أنظمة حكم ما بعد الثورة لم تتقدم تجاه هذا المطلب بشكل ملموس‏.‏ فنظام الاقتصاد السياسي الذي قامت الثورة لإسقاطه, ولم تفلح في ذلك بعد, بحكم تكوينه علي أساس تحالف الاستبداد السياسي والرأسمالية المنفلتة, الاحتكارية والتابعة, مفرخا تزاوج السلطة والثروة وجبال الفساد الفاجر التي لم نتمكن من الإحاطة بجميع جوانبها حتي الآن, يخلف حكما تركة هائلة من الظلم الاجتماعي. ولذلك فإن المتوقع من قوي الثورة أو القوي المناصرة لها أن تتوفر علي وضع الاسس السليمة لتحقيق العدالة الاجتماعية. ولن تتحقق العدالة الاجتماعية تامة في النهاية إلا بنقض نظام الاقتصاد السياسي هذا واستبداله بنسق خير من تحالف الحكم الديمقراطي السليم مع التنظيم الاقتصادي الذي يضمن الكفاءة والعدالة التوزيعية في آن, وهاتان بالمناسبة سمتان للتنظيم الرأسمالي السليم. ونضيف أن دستور 1971 قد تضمن, خاصة قبل إتلافه من قبل عصبة الطاغية المخلوع في 2007, نصوصا مهمة لضمان الحكم الديمقراطي السليم والعدالة الاجتماعية كليهما. ولكن هذه النصوص لم تجد سبيلا إلي التحقق في الواقع العملي بسبب طبيعة نسق الاقتصاد السياسي الذي وصفت أعلاه, المنتجة للظلم الاجتماعي الهائل بحكم التكوين. فلماذا إذن نهتم بمضمون مشروع الدستور الجديد فيما يتصل بالعدالة الاجتماعية؟
السبب الأساسي هو أن الدستور باعتباره تاج البنية القانونية للمجتمع, ومنه تشتق جميع القوانين التي يتعين أن تنضوي تحت لوائه, يرسل إشارات مهمة لجميع سلطات الحكم الديمقراطي السليم: التشريع والتنفيذ والقضاء لتوجيه الدولة والمجتمع وجهة العدالة الاجتماعية باعتبارها غاية أساس للثورة الشعبية العظيمة, وأي انحراف عن العمل الجاد من أجل ضمانها يعد خيانة سافرة للثورة ولشهدائها. لكن, كيف يمكن أن يتضمن الدستور نصوصا توجه العمل من أجل العدالة الاجتماعية؟
هناك شرط لازم وثلاثة مضامين أساسية. الشرط اللازم هو أن يضمن مشروع الدستور الحكم الديمقراطي السليم والتداول السلمي للسلطة. فالحكم الديمقراطي السليم يعني تمثيل الحكام للشعب تمثيلا شفافا, ويضمن أصول الحكم الرشيد من الشفافية والإفصاح والمساءلة, بما يتضمن خضوع السلطات كافة للمساءلة فيما بينها, وخضوعها جميعا للمساءلة الشعبية دوريا في انتخابات حرة ونزيهة. وفي كل هذا ما يضمن أن تتوخي السلطات الصالح العام للشعب وتخضع لمحاسبته الفعالة دوريا عن مدي وفائها بالتكليف بالحكم نيابة عن الشعب. لكن هناك متطلبات إضافية خاصة بالعدالة الاجتماعية في مشروع للدستور ينتصر للثورة الشعبية العظيمة علي الاستبداد والفساد, نجملها في ثلاثة.
أولا: يجب أن ينص الدستور علي مسئولية الدولة, عن تمتع جميع البشر علي أرض مصر, من دون أي تمييز حسب الجنس أو المعتقد, بعدد من حقوق الإنسان الاجتماعية والاقتصادية, من دون فرض أي قيود علي التمتع بهذه الحقوق. وتضم هذه الحقوق الحق في الصحة الإيجابية, بمعني تمام العافية, جسدا ونفسا, والتي لا تقتصر علي الحق في العلاج بصرف النظر عن المقدرة المالية وإنما تتضمن البيئة الصحية للحياة الكريمة; واكتساب المعرفة من خلال التعليم والتدريب المستمرين مدي الحياة; والعمل الجيد الموظف لقدرات الإنسان بكفاءة والذي يجري تحت ظروف تصون الكرامة البشرية ويحقق كسبا يكفي للوفاء بحاجات الحياة علي مستوي لائق للعامل ومن يعول; والسكن اللائق آدميا; وخدمات شبكات الأمان الإنساني في الظروف المانعة من العمل مثل الطفولة والشيخوخة والمرض المقعد عن العمل.
مشروع الدستور الذي يليق بالثورة الشعبية العظيمة يتعين أن ينص علي هذه الحقوق الإنسانية الأساسية الخمسة للجميع علي أرض مصر, بدون أي تمييز حسب الجنس أو المعتقد, وبدون فرض أي قيود علي التمتع بها. ومسألة القيود هذه محورية. فالحكم التسلطي دوما يسعي للتحايل علي نص الدستور الضامن لحق أو حرية. تقليديا يتحايل علي النص الدستوري بإحالة تنظيمه إلي القانون ثم يتكالب ترزية الدستور الأراذل علي تقييد الحق بحجة تنظيمه قانونيا بما ينتهي بتقييده أو حتي نقضه. وفي مشروع الدستور الحالي, بكل أسف, اهتدي المتشددون المتنفذون في الجمعية التأسيسية إلي شرط ظاهره الرحمة وباطنه العذاب يقولبما لا يخالف شرع الله. وهو شرط مطاط يفتح باب جحيم التأويلات الفقهية المتشددة لتقييد الحق أو الحرية. ومن أسف أنه لم تستعمل الشريعة أبدا من أصحاب هذا المعسكر المتشدد لتعزيز حق أو حرية علي الرغم من أن المقاصد الكلية للشريعة الإسلامية السمحة هي في جوهرها حماية لحقوق وحريات إنسانية عليا. وإنما انصب جهد جند ذلك المعسكر, المعسر علي الخلق, علي التضييق علي الحقوق والحريات بدعوي تطبيق شرع الله, وفي هذا مخالفة للأمر الإلهي بالتيسير علي خلقه.
وقد بلغ استخدام قيد شرع الله أقصاه في مشروع الدستور الذي كان متاحا وقت الكتابة أقصي حدوده وأغلظها في تقييد المساواة بين النساء والرجال, حيث قيدها بأحكام الشريعة وليس مبادئها, تلك الأحكام التي يمكن أن تتسع لتأويلات فقهاء التشدد والتي يمكن أن تفتح الباب لتاويلات فقهية رجعية ومتخلفة نجد لها تطبيقات فيما حولنا من دول تدعي الحكم بشرع الله.
والمضمون الثاني المطلوب للتوجه نحو العدالة الاجتماعية في مشروع دستور ينتصر للثورة هو حد أدني للأجر والمعاش (الذي هو في الحقيقة قسم من الأجر مؤجل لما بعد التقاعد) يتزايد حكما مع ارتفاع الأسعار, بما يضمن الحياة الكريمة للمستفيدين من الأجر أو المعاش. ويكمل الحد الأدني للأجر فرض حد أعلي للدخل, وليس مجرد الأجر, كنسبة معقولة من الحد الأدني للأجر, كما هو واقع بالمناسبة في جميع الدول الرأسمالية المتقدمة.
والمضمون الثالث المطلوب للتوجه نحو العدالة الاجتماعية في مشروع دستور ينتصر للثورة هو نظام للضرائب التصاعدية علي الدخل والإثراء (أي الزيادة في الثروة) يزيد فيه معدل الضريبة بزيادة الدخل أو مدي الإثراء.
ولنتساءل الآن إن كان مشروع الدستور القائم حاليا يحوي هذه المضامين. فإن لم يكن, فهذا المشروع يهدر فرصة دستور ما بعد الثورة الشعبية العظيمة في تحرك مصر تجاه إحدي غايات الثورة الرئيسية, أي العدالة الاجتماعية. وإن لم يكن, فتكون الجمعية التأسيسية التي تمخض عنها إفساد الحياة السياسية في مصر بعد الثورة قد خانت واحدا من الغايات الرئيسية للثورة.
المزيد من مقالات د . نادر فرجانى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.