وكيل النواب: اقتصار المناقشة على المواد محل الاعتراض بمشروع قانون الإجراءات الجنائية    بسبب هجوم النواب، حنفي جبالي: لا توجهوا أي لوم إلى وزير العدل    "الإصلاح والنهضة": صراع النواب أكثر شراسة.. ونسعى لزيادة المشاركة إلى 90%    لهجومه على مصر بمجلس الأمن، خبير مياه يلقن وزير خارجية إثيوبيا درسًا قاسيًا ويكشف كذبه    ارتفاع سعر اليورو بختام تعاملات اليوم الخميس 2 أكتوبر 2025 أمام الجنيه    وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ وحدات "ديارنا" بمدينة أكتوبر الجديدة    السيولة المحلية بالقطاع المصرفي ترتفع إلى 13.4 تريليون جنيه بنهاية أغسطس    "الرئيس يمزح".. فانس يدافع عن ترامب بعد نشره فيديو ساخر من قيادى ديمقراطى    ألمانيا تنتقد عرقلة المجر للخطط الدفاعية للاتحاد الأوروبي    750 ألف وظيفة مهددة... أمريكا تواجه أسوأ إغلاق حكومي منذ عقود    بسبب أزمته المالية، خطوة جديدة لمانشستر يونايتد في السعودية    تغييرات لافتة في قائمة الخطيب.. وجوه جديدة تغادر وأخرى تعود لانتخابات الأهلي    برناردو سيلفا: من المحبط أن نخرج من ملعب موناكو بنقطة واحدة فقط    المصري يختتم استعداداته لمواجهة البنك الأهلي والكوكي يقود من المدرجات    وست هام يثير جدلا عنصريا بعد تغريدة عن سانتو!    شقيق عمرو زكى يكشف تفاصيل حالته الصحية وحقيقة تعرضه لأزمة قلبية    طقس غد.. أجواء خريفية وشبورة وسحب منخفضة وأتربة والعظمى بالقاهرة 33 درجة    شيخ الأزهر يستقبل «محاربة السرطان والإعاقة» الطالبة آية مهني الأولى على الإعدادية مكفوفين بسوهاج ويكرمها    ضبط رجل وامرأة تخلصا من جثة رضيع نتاج علاقة غير شرعية في القليوبية    مجمع اللغة العربية بعد واقعة الصور الإباحية: جارى استعادة الصفحة    بين شوارع المدن المغربية وهاشتاجات التواصل.. جيل زد يرفع صوته: الصحة والتعليم قبل المونديال    أسرة عبد الناصر ل"اليوم السابع": سنواصل نشر خطابات الزعيم لإظهار الحقائق    حب وكوميديا وحنين للماضي.. لماذا يُعتبر فيلم فيها إيه يعني مناسب لأفراد الأسرة؟    اليوم.. عرض جسور على الباب وعهد السفليين في مهرجان مسرح الهواة ال21    تطعيمات هامة لحماية أطفالك من الفيروسات المنتشرة حاليا، تعرفي عليها    رئيس وزراء بريطانيا يقطع زيارته للدنمارك ويعود لبريطانيا لمتابعة هجوم مانشستر    الكشف على 103 حالة من كبار السن وصرف العلاج بالمجان ضمن مبادرة "لمسة وفاء"    الحكومة تُحذر المتعدين على أراضى طرح النهر من غمرها بالمياه    استقالة 14 عضوا من مجلس الشيوخ لعزمهم الترشح في البرلمان    "سحر باللبن".. مشادة سيدة و"سلفتها" تنتهى بضبطهما بعد تهديدات بأعمال الدجل    " تعليم الإسكندرية" تحقق فى مشاجرة بين أولياء أمور بمدرسة شوكت للغات    رئيس مجلس النواب: ذكرى أكتوبر ملحمة خالدة وروحها تتجدد في معركة البناء والتنمية    الجريدة الرسمية تنشر 6 قرارات جديدة لوزارة الداخلية (التفاصيل)    السفير التشيكي يزور دير المحرق بالقوصية ضمن جولته بمحافظة أسيوط    الصحة بغزة: الوصول إلى مجمع الشفاء الطبي أصبح خطيرا جدًا    ياسين منصور وعبدالحفيظ ونجل العامري وجوه جديدة.. الخطيب يكشف عن قائمته في انتخابات الأهلي    جاء من الهند إلى المدينة.. معلومات لا تعرفها عن شيخ القراء بالمسجد النبوى    بعد انفصال 4 سنوات.. ليلى عبداللطيف تتوقع عودة ياسمين صبري ل أحمد أبوهشيمة    حمادة عبد البارى يعود لمنصب رئاسة الجهاز الإدارى لفريق يد الزمالك    من هم شباب حركة جيل زد 212 المغربية.. وما الذي يميزهم؟    حقيقة انتشار فيروس HFMD في المدراس.. وزارة الصحة تكشف التفاصيل    إنقاذ حياة طفلين رضيعين ابتلعا لب وسودانى بمستشفى الأطفال التخصصى ببنها    تحذيرات مهمة من هيئة الدواء: 10 أدوية ومستلزمات مغشوشة (تعرف عليها)    القائم بأعمال وزير البيئة في جولة مفاجئة لمنظومة جمع قش الأرز بالدقهلية والقليوبية    الداخلية تكتب فصلًا جديدًا فى معركة حماية الوطن سقوط إمبراطوريات السموم بالقاهرة والجيزة والبحيرة والإسكندرية    وزير الخارجية يلتقي وزير الخارجية والتعاون الدولي السوداني    مفهوم "الانتماء والأمن القومي" في مناقشات ملتقى شباب المحافظات الحدودية بالفيوم    الرقابة المالية تصدر ضوابط إنشاء المنصات الرقمية لوثائق صناديق الملكية الخاصة    الجريدة الرسمية تنشر قرارًا جديدًا للرئيس السيسي (التفاصيل)    إصابة شقيقتين في انهيار سلم منزل بأخميم بسوهاج    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 2 أكتوبر 2025 فى المنيا    هل الممارسة الممنوعة شرعا مع الزوجة تبطل عقد الزواج.. دار الإفتاء تجيب    «المستشفيات التعليمية» توقع بروتوكول تعاون مع جامعة المنصورة الجديدة لتدريب طلاب الطب    «الداخلية»: القبض على مدرس بتهمة التعدي بالضرب على أحد الطلبة خلال العام الماضي    ترامب يقرر اعتبار أي هجوم على قطر هجومًا على أمريكا    دعاء صلاة الفجر ركن روحي هام في حياة المسلم    حماية العقل بين التكريم الإلهي والتقوى الحقيقية    «التضامن الاجتماعي» بالوادي الجديد: توزيع مستلزمات مدرسية على طلاب قرى الأربعين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استراتيجية لحوار رصين وأمين

خروجا من أشكال حوارات سد الخانة‏,‏ أو حوارات تبديد الطاقات واستنزاف الفاعليات‏,‏ أو إدارة حوارات عشوائية, وخروجا علي حوارات الزينة وتأسيسا لحوارات رصينة, أقدم هذه الرؤية التي تأسست علي عمل ممتد يهدف الي ترشيد مسارات الحوار الوطني المستدام كمخرج من هذه الأزمات التي يواجهها الوطن, دشنتها الدكتورة باكينام الشرقاوي آثرت أن أعرضها في هذه المقالة:
انطلاقا من بحث جميع القوي السياسية عن مصلحة الوطن, وسعيا للاستفادة من تنوع الرؤي حول بناء مصر الجديدة, يأتي الحوار السياسي الوطني ليعبر عن ضرورة في المرحلة الحالية, حيث نحتاج لإعلاء قيمة التسامح السياسي تحقيقا للحمة الوطنية وفتحا لباب الاتفاق علي سبل إدارة التعددية والتنوع والاختلاف وعلي رأسها التأسيس لحوار سياسي وطني جاد ومستدام يوفر قناة تواصلية لمواجهة حالة الاحتقان السياسي ولتدشين شراكة جماعية في صنع القرار. ونظرا لتداعيات أزمة مظاهرات12 اكتوبر2012 والتي زادت فيها حالة الاستقطاب بشكل يهدد مسار التحول الديمقراطي, من الضروري الشروع الفوري في بناء حالة حوارية تتنوع فيها جلسات ومستويات وأشكال الحوار حول القضايا التي تؤثر علي مستقبل هذا البلد سواء القريب او الطويل والهدف منه.
يوفر الحوار فرصة هامة للتواصل الفكري بين الأطراف السياسية المختلفة, مما يخلق مناخا إيجابيا يقلل من حالة الاستقطاب والانقسام التي تعاني منها الحياة السياسية المصرية, والتي تضر أول ما تضر بعملية استكمال مسار الثورة وتحقيق أهدافها من أجل رفعة الوطن. والهدف من الحوار السياسي الوطني هو الانطلاق من الأرضية المشتركة التي رسمتها بوضوح أهداف ثورة25 يناير الي مناقشة قضايا الوطن الحالة. كما أنه من المفيد في بداية عهد اول حكم مدني منتخب أن نرسخ لمبدأ المشاركة والمكاشفة والشفافية في الحوار بين الساسة باختلاف مواقعهم ومواقفهم من السلطة الحالية, وأن تفتح القيادة السياسية كل الملفات للحوار, تقوم فيه بمكاشفة القوي السياسية بالتطورات الحادثة في القضايا المثارة, وتعرض لأهم الحقائق, وترفع واقع الحال المعاش وتشرح الأوضاع الحالية بما فيها من سلبيات وايجابيات, وذلك حتي تقف جميع القوي السياسية علي أرض صلبة من فهم الواقع تمكنها من بحث سبل مواجهة المشاكل بطريقة عملية وفعالة. وهكذا تؤسس مؤسسة الرئاسة قيمة جديدة مهمة وهي توفير قناة تواصل قوية وفعالة مع قادة الرأي, يستطيعون فيها ليس فقط تلقي المعلومات والاستماع لرؤية القيادة بل المساهمة الفعلية في تحسين الأداء.
آن الأوان أن ينتقل الحوار من مجرد سجالات عامة تسجل مواقف فكرية من القوي السياسية تجاه بعضها البعض الي إجراء حوار حقيقي حول القضايا الحياتية التي تمس المواطن المصري العادي علي جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ولذا يمكن تقسيم الحوار السياسي الي مرحلتين:
المرحلة الاولي( حوار بناء الثقة): نظرا لتداعيات ازمة مظاهرات12 اكتوبر2012 والتي زادت من آثارها حالة الاستقطاب بشكل يهدد مسار التحول الديمقراطي, من الضروري الشروع الفوري في عقد جلسات من المصارحة والمكاشفة وعرض المخاوف والهواجس والمطالب من أجل تهيئة المناخ لجولات حوارية لاحقة في مرحلة ثانية, تكون اكثر تخصصا وارتباطا بالقضايا التنموية. ويمكن أن تحمل جلسات المرحلة الاولي عنوان' حوار بناء الثقة', وفيه يتم التحاور حول القواعد الحاكمة لادارة الاختلاف, والتي يمكن أن تحظي بقبول واحترام وتوافق غالبية القوي عليها: البدء بالحوار حول المسألة الدستورية في مصر للخروج بوثيقة تتكافأ مع الحالة الثورية روحا ومتطلبات. والإعداد والتحضير لحوار مجتمعي سياسي حقيقي حول قانون الانتخابات, باعتباره قانونا سيصدر في غياب مجلس الشعب. وكذلك الحوار حول صياغة نموذج العدالة الانتقالية المصري, بحيث يتم التوافق حول معايير إجراء ما يعرف بالمصالحات وضوابطها. والحوار حول أنسب الطرق للتعامل مع المطالب الفئوية.
المرحلة الثانية( حوار بناء مصر ومستقبلها الجديد): تشمل أجندة الحوار في هذه المرحلة سلسلة من المؤتمرات مترابطة الموضوعات, التي تعالج قضايا التنمية بمختلف أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وتجمع هذه الجولة المتخصصين من التيارات السياسية المختلفة والخبراء المستقلين لطرح الرؤي والبدائل الخاصة بكل قضية, ومن أمثلة هذه القضايا: ملامح النموذج التنموي المصري كقضية كلية رئيسية نحتاج أن تبدأ بها عملية الحوار في هذه المرحلة, ويتم فيها النقاش حول تصورات القوي السياسية المختلفة للتنمية في مصر وطبيعتها وإنحيازاتها الكبري. وأساليب مكافحة الفقروالبطالة. وأساليب مكافحة الفساد. وتطوير العشوائيات. وكيفية تطوير منظومة التعليم. ومناقشة المشروعات التنموية الكبري المطروحة والمفاضلة فيما بينها. فضلا عن تطويرعلاقاتنا بالعالم الخارجي بما يخدم استقلالية مصر وتقدمها الاقتصادي.
وحتي يكون الحوار فعالا من المهم العمل علي انضمام كل القوة المؤثرة علي الساحة السياسية( سواء أكان التأثير في الشارع او في الاعلام), لأن الخبرة الماضية أثبتت ان لجميع اشكال الحضور المادي والمعنوي تأثيرها علي الرأي العام وعلي وتيرة العمل السياسي, ومن هنا فالحوار يشمل الأحزاب السياسية والشخصيات العامة( مثل المرشحين السابقين في الانتخابات الرئاسية وممثلين عن شباب الثورة وبعض الشخصيات الوطنية), وذلك تحت رعاية مؤسسة الرئاسة. كما أنه لابد من إدراك المعوقات الرئيسية التي تقف أمام إجراء حوار جاد تصدق فيه نوايا الجميع في التواصل, من مناخ عدم الثقة والشكوك المتبادلة, وغياب الاتفاق علي احترام قواعد اللعبة الديمقراطية والتسليم بدور الانتخابات الفاصل في تحديد مسار العمل السياسي وبناء المؤسسات السياسية.
إن في الأهم هذا المقام هو الشروع الفعلي في إجراء الحوار علي أكثر من مسار ومستوي ومجموعة, بشكل يوجد زخما حواريا علي الأرض يفرض نفسه ويحقق نقلة نوعية في المزاج السياسي العام, وتصدر عن هذه الاجتماعات تفاهمات سياسية تعبر عما توافق عليه وترسم أيضا مساحات التباين في الآراء وحجج كل فريق كنوع من المكاشفة والمصارحة. فأساس المبادرة ليس توحيد الآراء بل توفير قناة لإدارة الاختلاف والتنوع والتعددية والاستفادة من كل ذلك, لأن الاختلاف ظاهرة صحية طالما تم ترشيد مآلاته وتوجيه نتائجه لما يبني هذا الوطن, إن وجود معارضة قوية متوازنة لا يقل أهمية عن وجود سلطة فاعلة عادلة ناجزة, وهما معا يشكلان ميزان المجتمع السياسي.
وتتعدد أشكال ومستويات الحوار لتؤسس شبكة من الحوارات من حيث: تنوع الأطراف المشاركة( نخبوية وجماهيرية) سواء مع النخبة السياسية أو مع المتخصصين والخبراء أو مع رموز فكرية وعلمية أو مع قوي مجتمعية وشعبية. وتنوع القضايا المطروحة( قضايا سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية). وذلك بهدف خلق حالة حوارية تخفف من المناخ الاستقطابي وتزيد من التواصل بين أجهزة صنع القرار والمجتمع. فالوطن يحتاج الي اتفاق الحد الادني الذي يسمح بالتوافق حول سبل ادارة الاختلاف, بحيث تنطلق القوي السياسية والمجتمعية من أرضية مشتركة لمواجهة التحديات الكبري المفروضة علي الجميع وعلي رأسها الفساد.
من الضروري وضع استراتيجية إعلامية مساندة للحوار, تسمح بتداول الأفكار المتنوعة وترفع من قيم التسامح والنقد البناء, بحيث يتم الإعداد جيدا لطبيعة الموضوعات المثارة وكيفية الحديث عنها, والبدء في تصعيد نخبة جديدة تساعد علي فك أسر الوعي العام من الخريطة التقليدية القديمة للنخبة التي اعتادت علي التراشق والشجارأكثر من المناقشة والحوار. هكذا يكون الحوار الرصين والأمين, فهل نحن فاعلون ؟.
المزيد من مقالات د.سيف الدين عبد الفتاح


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.