شاب من خيرة أبناء مصر ضحي بنفسه من أجل أداء واجبه في مقاومة المجرمين والقتلة.. صنع من ثوبه كفنا له.. شخصية شهد لها الجميع بالاحترام والالتزام لأبعد الحدود. إنه الشهيد أحمد حسن همام, من قوة وحدة مباحث مركز ساقلتة بمحافظة سوهاج، الذي سقط غارقا في دمائه في مهمة عمل في أثناء تبادل إطلاق نيران بين قوة الشرطة التي كان من ضمن أفرادها وبعض المتهمين المطلوب ضبطهم. حالة من الغضب والذهول والصمت تسيطر علي أهالي قريته الجلاوية بعد سماع خبر استشهاده, باعتباره مثالا يحتذي به, والدته ظلت أياما رافضة الحديث, احتسبته عند الله شهيدا, وغريزة الأمومة تنبعث من عينيها تنادي عليه فلا يجيب, تبحث عنه فلا تجده, تنظر إلي أطفاله الثلاثة وتفكر: ماذا تقول لهم عندما يسألونها عنه؟ فقد كان هو العائل الوحيد للأسرة المكونة من الأب الضرير, والأم, وشقيقين, وشقيقة واحدة, وزوجة, و3 أبناء. وعندما تحدثت وسط دموعها, ليس حزنا فقط علي فراقه, ولكن فخرا به قالت: كان محبا لأهله وأقاربه وجيرانه وأصدقائه, يعمل بكل جد واجتهاد, بارا بوالديه, لا يخرج من المنزل إلا بعد أن يتحدث إلي ويطلب مني الدعاء له, ولا يدخل ينام بعد يوم من العمل الشاق إلا بعد أن يطمئن علي, فلو حكيت عمرا كاملا عنه لا أوفيه حقه. وأكد هذا الكلام شقيقه محمد(23 سنة) حاصل علي دبلوم, وقدم أوراقه للالتحاق بمعهد صف وجنود التأهيل بحي الكوثر منذ سنة ونصف السنة, حيث رأي في شقيقه قدوة له ويتمني أن يتم اختصار مدة التدريب له من3 أشهر إلي45 يوما حتي يستطيع رعاية الأسرة التي تركها شقيقه, وليستكمل مسيرة الشهيد في الدفاع عن الوطن وأمنه من المجرمين والخارجين علي القانون, أما شقيقهما الثالث سعد(17 سنة) فكان الشهيد يبذل قصاري جهده لتلبية احتياجاته لاستكمال حصوله علي دبلوم التجارة, وقال: إن استشهاد شقيقه قد دمر حياة أسرتين. وتحدث عنه ابن عمه صابر محمود مدير مدرسة الشروق الابتدائية بقرية الحاجر التابعة لمركز ساقلته قائلا: إن علاقاته بالآخرين كانت تمتاز بالحميمية, ويقدس العمل في الشرطة الذي بدأه منذ12 عاما بوحدة مباحث المركز بعد تخرجه في معهد مندوبي الشرطة, وبرغم ظروف أسرته المادية الصعبة فإنه كان دائما راضيا بما كتبه الله له, حامدا لله شاكرا, طالبا دائما أن يحفظ له والديه وأبناءه: آية بالصف الأول الابتدائي, وعلاء بالحضانة, ويوسف الذي يبلغ من العمر سنتين. وبحزن شديد قال: لقد قام بالاتصال بي ليسألني عن مشكلة كانت معي, وسأل عن عمه( والدي) وذهب ليطمئن عليه حيث لم يره منذ10 أيام قبل وفاته, وأوضح ابن عمه أن أسرة الشهيد ظروفهم المادية صعبة حيث يسكنون بمنزل من طابق واحد عند سور الجبانة البحرية, وبعد استشهاده لا يملكون شيئا من الدنيا إلا معاشا بطبيعة الحال سيكون مبلغا بسيطا لصغر سن الشهيد. وقد أكد رؤساء وزملاء الشهيد مندوب الشرطة سري أحمد حسن أنه يعمل بمركز شرطة ساقلتة بعد تخرجه في معهد مندوبي الشرطة منذ نحو12 عاما, وأنه هادئ الطباع, ولا يحب المشكلات, ويتميز بالطيبة, وقبل الحادث بيوم وعلي غير عادته صافح جميع زملائه وتعلو وجهه الابتسامة والضحكات, وكأنه يشعر بأنه اللقاء الأخير معهم.