صلاة الجمعة من الفرائض المعلوم فرضيتها بالضرورة, وبدلالة القرآن الكريم والسنة النبوية, وصلاة العيدين الفطر والأضحي من جهة حكمها التكليفي مختلف فيها فيري المالكية والشافعية أنها سنة مؤكدة وهو الراجح- ويري الحنفية أنها واجبة علي القول الصحيح المفتي به عندهم, وذهب الحنابلة إلي أنها فرض كفاية. واختلف آئمة العلم في مسألة: إذا وافق العيد يوم الجمعة, هل تؤديان, أم تسقط الجمعة؟ علي أقوال خلاصتها: أنه ذهب الحنفية والمالكية إلي أنه لايجوز لمن شهد العيد التخلف عن الجمعة مطلقا. وذهب الشافعية إلي الجواز لأهل المكان الذين يبلغهم النداء لصلاة العيد الرجوع وترك الجمعة, وذلك فيما لو حضروا صلاة العيد ولو رجعوا إلي أهليهم فاتتهم الجمعة, فيرخص لهم في ترك الجمعة تخفيفا لهم, وعليه لو تركوا المجئ للعيد وجب عليهم الحضور للجمعة, ويشترط لترك الجمعة أن ينصرفوا قبل دخول وقت الجمعة. وذهب الحنابلة إلي أنه إذا صلوا العيد والظهر جاز وسقطت الجمعة عمن حضر العيد وإسقاط الجمعة إسقاط حضور لا إسقاط وجوب, فحكمه كالمريض وسائر أصحاب الأغدار, والأفضل له حضورها للخلاف هذا في حق المأموم وليس في حق الإمام فلايسقط عنه حضور الجمعة. إذا علم هذا فمسألة اجتماع العيد والجمعة تخص الذين يسكنون بعيدا عن العمران, ويحضرون لصلوات الجمعة والعيدين في مسجد جامع, وحدث هذا في عهد سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم. ولا صلة للمسألة في فقه الواقع بمن يقيمون في تجمعات سكنية بها مسجد جامع وجماعة وامام للصلاة. استدلال من ذهب إلي ترك الجمعة بأداء صلاة العيد لايسلم ولايعمل به لوجوه أهمها صلاة العيد سنة مؤكدة علي الراجح وصلاة الجمعة فرض بالإجماع فلايترك المفروض بالمسنون. حديث0( من شاء أن يجمع فليجمع) اخرجه أحمد في مسنده372/4 من حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه تقل ابن حجر في التلخيص88/2 عن ابن المنذر انه اعلمه بجهالة رواية عن زيد. وعلي فرض صحته أو وجود شواهد أخري تقويه محمول علي البدو والأعراب الذين تحصل مشقة الحضور ثم العودة لمساكنهم بعد صلاة العيد ثم الحضور مرة أخري لأداء صلاة الجمعة سيرا علي أقدامه أو ركبانا علي دوابهم مما يسبب لهم مشقة وتفويت لأمور عبادية كذبح أضاحي وتوزيع صدقات وصلة أرحام, وتهنئة وقضاء مصالح وأمور عادية. حديث قد اجتمع في يومكم هذا عيدان العيد والجمعة معا فمن شاء أجزأه من الجمعة, وإنا لمجمعون اخرجه أبو داود في السنن647/1 وصحح الدارقطني إرساله: التلخيص لابن حجر2/.88 وعلي فرض صحته رغم القول بارساله محمول علي غير المقيمين الساكنين. من المقرر شرعا أنه يحتاط في العبادات بالاحتياط لغيرها اعمالا لقول الله عز وجل ذلك ومن يعظم شعائر الله فانها من تقوي القلوب سورة الحج وقوله تعالي والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين سورة العنكبوت. ينبغي فقه أسباب نزول الآيات القرآنية ووقائع الأحاديث النبوية الصحيحة ومراعاة الأحوال والملابسات والظروف فعلي سبيل المثال: كان سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم يصلون في المسجد بالنعال, وقت أن كان المسجد أرضيته من الرمال والحصي, فلما فرشت في الأعصر التالية بالبسط والسجاجيد وما أشبه امتنع ذلك, تجنبا للتسبب في وضع قاذورات ما في الطرق من أوساخ ونحوه. وعليه فما رخص لبعيدين عن العمران, لايكون لمقيمين حاضرين, في محال اقامتهم مساجد عديدة, ووسائل انتقالات متنوعة جاهزة متوافرة. وعلي ضوء ذلك: يصلي العيد وتصلي الجمعة, ولاينوب أحدهما عن الأخر مطلقا, خاصة صلاة الجمعة لأنها فرض مستقل كما قاله جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية في جديد مذهبهم وأحمد( حاشية الصفتي في8/11, نهاية المحتاج272/2, المغني284/2). فالظهر لايغني عن الجمعة, والعيد لاتغني عن الجمعة( أعني الصلاة).