هل تسقط صلاة الجمعة إذا وافق العيد يوم الجمعة, وهل يجوز الاكتفاء بصلاة العيد عن الجمعة؟, وهل يسقط الظهر إذا جاء العيد يوم جمعة اكتفاء بصلاة العيد؟ تساؤلات فقهية طرحت نفسها وتداولتها العديد من الفضائيات فور الإعلان عن أن يوم الجمعة المقبل, هو يوم النحر. طرحنا تلك التساؤلات علي فضيلة مفتي الجمهورية وكبار علماء الأزهر, كما ننشر نص فتوي كبار هيئة العلماء بالمملكة العربية السعودية والتي جاءت مطابقة لما أفتي به علماء الدين في مصر. في البداية أكد الدكتور علي جمعة, مفتي الجمهورية, انه إذا اجتمع العيد والجمعة في يوم واحد فإن مقتضي الأصل أن تقام صلاة الجمعة في المساجد, وأن المسألة وإن كان فيها محل خلاف بين العلماء, وسببه اختلافهم في تفسير الأحاديث والآثار الواردة في ذلك من جهة, وفي ما تدل عليه من جهة أخري إلا أن الأصل أن تقام صلاة الجمعة في المساجد, وانه لا يجوز الاكتفاء بصلاة العيد وهي سنة عن صلاة الجمعة وهي واجبة. وقال مفتي الجمهورية إن من كان يشق عليه حضور الجمعة أو أراد الأخذ بالرخصة فيها تقليدا لقول من أسقط وجوبها بأداء صلاة العيد فله ذلك, بشرط أن يصلي الظهر عوضا عنها من غير أن ينكر علي من حضر الجمعة أو ينكر علي من أقامها في المساجد أو يثير فتنة في أمر وسع سلفنا الخلاف فيه. وأشار الدكتور علي جمعة إلي أن سقوط الجمعة لا يعني سقوط فرض الظهر, وأنه لم يعهد من الشارع أنه جعل الصلوات المكتوبات أربعا في أي حالة من الحالات حتي في حالة المرض الشديد, بل وحتي في الالتحام في القتال, بل هي خمس علي كل حال كما هو منصوص عليه قطعيا في الشرع الشريف في مثل قوله صلي الله عليه وآله وسلم للأعرابي في تعداد فرائض الإسلام: خمس صلوات في اليوم والليلة, وقوله صلي الله عليه وآله وسلم: خمس صلوات كتبهن الله علي العباد وغيرها من النصوص المتكاثرة, وأضاف قائلا: إذا كانت الصلاة المفروضة لا تسقط بأداء صلاة مفروضة مثلها فكيف تسقط بأداء صلاة العيد التي هي فرض كفاية علي المجموع وسنة علي مستوي الفرض. وقال المفتي إن الشرع الشريف أوجب هذه الصلوات الخمس لذاتها علي اختلاف الأزمنة والأمكنة والأشخاص والأحوال, إلا فيما استثناه من حيض المرأة ونفاسها. وعلي ذلك فالقول بسقوط الجمعة والظهر معا بصلاة العيد قول لا يعول عليه. الدكتور عبد الفتاح إدريس أستاذ ورئيس قسم الفقه المقارن بجامعة الأزهر, يشير إلي أن هناك رأيا مرجوحا لبعض العلماء بإباحة صلاة الجمعة أو عدم صلاتها, إذا وافق أول أيام العيد يوم الجمعة, حيث يري أصحاب هذا الرأي أن جماعة صلاة العيد تغني عن صلاة الجمعة, باعتبار أنها أي صلاة العيد جمعت المسلمين في صلاة واحدة...وهذا رأي مرجوح. لكن الرأي الراجح لدي العلماء أن صلاة العيد لا تغني عن صلاة الجمعة, لأن صلاة الجمعة في الأصل هي بدل من صلاة الظهر, وصلاة الظهر كما هو معلوم فريضة, وبالتالي فإن أداء صلاة الجمعة في جماعة يوم العيد هي فرض, لأن صلاة العيد سنة, والسنة لا تغني عن الفريضة بأي حال من الأحوال.وهذا هو الرأي الراجح عند العلماء. ويلفت د. إدريس إلي أنه في حال وجود رأي راجح وآخر مرجوح, فالمفروض أن يعمل بالرأي الراجح ويترك الرأي المرجوح. الأمر نفسه يؤكده الدكتور عطية لاشين رئيس قسم الشريعة بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر مشيرا إلي ان كلا من الأئمة الشافعي ومالك وأبي حنيفة يقولون بوجوب صلاة الجمعة يوم العيد, ولم يقل بسقوطها إلا الحنابلة, والرأي في ذلك ما ذهب إليه الجمهور وهو وجوب صلاة الجمعة, لأنها فرض أما صلاة العيد فهي سنة, فكيف تغني السنة عن الفرض!! أما الدكتور علوي أمين خليل أستاذ الفقه بكلية الشريعة والقانون فيشير إلي أن الرأي الذي استند إليه البعض في إسقاط الجمعة لا يجوز الأخذ به, إذ إن النبي صلي الله عليه وسلم عندما أخبر المسلمين صبيحة يوم عيد الأضحي وكان يوم جمعة بأن من جاء منكم يوم العيد ولم يستطع صلاة الجمعة فلا يأت وليصلها, وإنما نحن مجمعون.. فإن الخطاب هنا كان موجها للبدو فقط الذين تفصلهم عن النبي عشرات الكيلو مترات, وتعقيبه صلي الله عليه وسلم بقوله وإنما نحن مجمعون يؤكد وجوب صلاة الجمعة في ذلك اليوم وإن إباحة عدم الصلاة عن البعض للتخفيف وهذه ضرورة لا يقاس عليها. وفي السياق نفسه أجمع علماء المملكة العربية السعودية علي ضرورة إقامة صلاة الجمعة التي توافق أول أيام عيد الأضحي علي الرغم من وجود رأي فقهي يجيز الاكتفاء بصلاة الظهر بدلا من الجمعة لمن أدي صلاة العيد وذلك اتباعا للسنة المشرفة. وأوضح العلماء, أنه يجب علي جميع أئمة مساجد الجمعة أن يقيموا صلاة الجمعة يوم العيد ليحضرها من وجب عليه أن يقيم الجمعة, أو لمن يرغب في أداء الجمعة ممن أدوا صلاة العيد من المصلين. وشددت وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية علي خطباء الجوامع وأئمة المساجد والمؤذنين, علي أهمية إقامة صلاة الجمعة المقبل والمتوافقة مع عيد الأضحي وعدم فتح مساجد الفروض( المساجد الصغيرة التي لاتؤدي فيها الجمعة) وقت الظهر يوم الجمعة. وقالت الوزارة في تعميم وزعته لفروعها في المناطق: نظرا لتوافق يوم عيد الأضحي هذا العام مع يوم الجمعة فعلي الخطباء إقامة صلاة الجمعة وعدم تحويلها ظهرا وعدم فتح مساجد الفروض( المساجد الصغيرة التي لاتقام فيها صلاة الجمعة) وقت الظهر اتباعا للسنة وليتمكن من لم يصل العيد من أداء فرض الجمعة. يذكر أن اللجنة الدائمة للافتاء وكبار العلماء بالسعودية أفتت بأن من حضر صلاة العيد جاز له حضور الجمعة( وهو الأفضل) أو صلاتها ظهرا بعد دخول وقت الظهر كما وردت بذلك في السنة.