بعد الذي جري في ثورة25 يناير, وقيام الجيش المصري العظيم بحماية هذه الثورة, وحقن دماء المصريين, وقع البعض منا عن غير عمد في مأزق سوء الفهم وربما سوء التقدير, لدور القوات المسلحة في الحياة المصرية. وحكم هذا البعض علي هذا الدور من المنطلق السياسي الضيق, وكأن الجيش مجرد حزب سياسي, أو مجموعة تبحث عن السلطة.. وهذا بعيد عن الحقيقة تماما, ان جيش مصر أسمي وأعلي من لعبة السياسة, وألاعيب السياسيين, ولاينبغي لأحد أبدا أن يتحدث عن هذا الجيش باللغة نفسها, التي نتحدث بها عن السياسة, لماذا؟ لعدة أسباب. أولا: لأن قواتنا المسلحة ليست ملكا لأحد بعينه, ولاتعمل لصالح شخص أو جماعة أو حزب.. انها ملك لمصر كلها, بجميع أطيافها, وهي تتكون من كل أبناء مصر, مسلمين ومسيحيين من أقصي جنوب البلاد, وحتي أقصي شمالها, وثانيا: أن مهمة الدفاع عن الأمن القومي للوطن لاتخضع ولاينبغي لها أبدا أن تخضع للمزايدات والمهاترات ومنافسات مانشيتات الصحف وحوارات التوك شو, لأن أمن مصر القومي أخطر من أن نتناوله بهذا الاستسهال, وإلا ضاع هذا البلد من بين أيدينا, ونحن لانشعر. وثالثا: أن نظام العمل والأداء في الجيش وفي كل جيوش الدنيا يختلف عن نظام العمل في الحياة المدنية. واذا كان الانضباط والصرامة والحزم مطلوبة في حياتنا اليومية بدرجة من الدرجات, فانها بالنسبة للجيوش مسألة حياة أو موت. ان منظومة القوات المسلحة غير منظومتنا نحن في الشوارع والميادين والطرقات. ورابعا: ان للقوات المسلحة في كل الدنيا, وليس عندنا فقط, أسرارها التي يجب أن تحافظ عليها, وإلا تعرضت مصر لخطر عظيم, وها نحن نري حجم المخاطر المحيطة بنا من الشمال والجنوب والشرق والغرب.. فهل من مصلحة المصريين إضعاف جيشهم الذي يدافع عنهم, وتعريضه لانعدام الثقة والمهاترات؟ هل هناك عاقل يسعي إلي ذلك؟ علي كل حال, لقد أصبح من الضروريات الآن إعادة الحسابات, ونحن نتعامل مع القوات المسلحة, وهذه الإعادة يجب أن يقوم بها الاعلام تحديدا.. ولنعلم جميعا أنها ليست شطارة أن تفضح جيش بلادك, وتجرسه, وإلا لكنت كمن يشعل النار في ثوبه هو, وهذا تصرف المجانين.. فهل نحن والعياذ بالله مجانين؟