ماذا تريد قيادات الإخوان من الرئيس محمد مرسى ؟! ماذا تريد من الرجل الذى جاء منهم وبدعمهم ليتولى حُكم مصر, فى ظرف تاريخى إستثنائى, أتى بهم إلى رأس السلطة, بعد أن كانوا يتجرعون المرارة والإضطهاد لتتلقفهم الأضواء وترعاهم الشرعية وحولتهم إلى نجوم فى سماء السياسة المصرية ! هل يعمل هؤلاء بالسبل كافة على أن يبقى الرئيس – وهو واحد منهم – فوق مقعد رئاسة مصر أم أنهم يتعجلون إقصائه, وهدم كل المعبد فوق الرؤوس ليسقط الرئيس ومعه الإخوان وربما مصر كلها !! المشهد الذى جرى يوم الجمعة الماضى فى ميدان التحرير, وتلك الدماء التى كادت تراق فى الميدان لمعارضى الرئيس, ثم ماخرج من تصريحات مستفزة من قيادات إخوانية, ومستشارين للرئيس حول أزمة النائب العام, وتلك المهازل التى نرصدها بالإعلام من هؤلاء الذين يتحدثون بإسم الإخوان وكأنهم لسان حال الرئيس, وقبله كثير, يؤكد أن هؤلاء لايبغون البقاء لأنفسهم ولا للرئيس نفسه كثيراً على رأس المشهد السياسى فى مصر! هؤلاء القادة الذين يحسبون أنفسهم أباطرة فى عالم السياسة, وجهابذة فى مخاطبة الآخرين, وأنهم يمسكون بتلابيب النظام, وقادرون على إعادة تشكيل الواقع كما يحلو لهم, حققوا بالفعل نجاحاً وصل إلى درجة الإبداع ولكن فى إثارة الكثيرين من طوائف الشعب ضد الإخوان, بل والرئيس أيضاً. الكل لايستطيع أن يفصل بين الرئيس مرسى وبين جماعة الإخوان المسلمين بحكم إنتمائه ورئاسته السابقة للحزب المعبر عنهم, وإصراره على أن يبقى عضواً بالحزب حتى الآن. والكثيرون لايقتنعون أن حديث هؤلاء, وألسنتهم التى طالت كل أحد يختلف معهم فى الرأى أو الإتجاه, بل وأى شئ فى مصر دون خوف أو قلق من حساب بما فيه القضاء نفسه, يمكن أن يكون دون موافقة من الرئيس, أو على أقل تقدير برضاه. إن حالة هؤلاء ولغتهم التى يلفها كل أوجه التعالى والتكبر على الآخرين, و"الفتى" فى كل شئ يخصهم أو بعيداً عنهم, وشهوة الإنتقام التى تعتليهم, وتظهر حتى على قسمات وجوههم, التى صارت عابثة متجهمة ربما "قرفاً" و"زهقاً" من وجود أمثالنا فى بلدهم ! كل هذا بالضرورة يتحمل الرئيس تبعاته أمام غالبية هذا الشعب من هؤلاء لأنه "واحد منهم" ومحسوب عليهم ويتحدثون بإسمه ويتحركون – من وجهة نظرهم بدعمه – ولايريدون أن يتركوا الرئيس ليصبح رئيساً لكل المصريين. إننى على يقين أن هؤلاء لايريدون للرئيس أن يخرج من عباءتهم وأن يبقى راهباً فى عالمهم, حتى لو أراد كى لاينجح بعيداً عنهم هم, وأنهم فى سبيل ذلك يقطعون أواصر تلاحمه مع غيرهم من التيارات حتى لايضيع "إرشادهم" له . وهنا يأتى دور الرئيس نفسه, الذى عليه أن يختار بين أن يكون رئيساً لكل المصريين, ويتغلب على مشاعر الإنتماء للجماعة أو أن يبقى أسيراً إلى هؤلاء, الذين لم يفشلوا فقط فى القيام بدور الوسيط الأمين أو البطانة الصالحة التى تدعو إلى إحتواء من كانوا رافضين لإختيار الرئيس, بل إنهم باتوا يمثلون الوجه القبيح للنظام, قبل أن يكونوا المدافعين عنه فى الحق والباطل. لقد تحول هؤلاء إلى جلادى من يختلف معهم فى الرأى حتى رفقاء الميدان بالأمس, وتجاوز الأمر الإختلاف بالرأى إلى الضرب وإسالة الدماء فوق أرض نفس الميدان ..! اليوم أحسب أن كل مواطن مصرى يريد الخير لبلده وبعد المشاهد الأخيرة الصادرة عن قيادات إخوانية تريد أن تقول للرئيس: إن كنت تريد البقاء فى حُكم هذا البلد وتصبح قائداً لها "سيبك من الإخوان وخليك مع الغلابة" !! المزيد من مقالات حسين الزناتى