ربما لم يكن المغامر النمساوي فيليكس يعلم أنه بقفزته التي سجلها له التاريخ أمس الأول, و كسر فيها حاجز الصوت في ثوان معدودة أنه فتح بابا لم يغلق حتي الآن من الحوار والجدل . حيث تباري المصريون علي الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي في مناقشة مراحل التجربة فيما أخذ العلماء والأطباء يفسرون ما حدث في ظل الكم المحدود من المعلومات العلمية التي تم التصريح بها من قبل رابطة الطيران الفيدرالية الأمريكية حيث تم حجب الكثير من المعلومات مثل الخامات المستخدمة في تصميم بدلة فيليكس والتكنولوجيات العديدة التي تم تطبيقها في مراحل السقوط, والتي من المتوقع استخدامها في مجال الطيران وأبحاث الفضاء والتسليح العسكري. يقول الدكتور إيهاب عبد الرحمن أستاذ الفيزياء والعميد المشارك لكلية العلوم والهندسة بالجامعة الأمريكية إن نجاح هذه التجربة العلمية يرجع لفريق كبير من علماء الفيزياء والهندسة قاموا بتصميم البدلة التي ارتداها فيليكس, وضبط توقيتات الصعود والهبوط والتعامل مع المشكلات التي واجهها مثل تراكم بخار الماء علي الخوذة مما جعله غير قادر علي الرؤية خلال مراحل السقوط. كما أننا لم نعرف حتي الآن تصميم البدلة التي ارتداها والتي أوقفت تأثير كل الظواهر الطبيعية التي تعرض لها والتي كانت بسهولة كفيلة بموته مثل تغلبه علي فرق الضغط الجوي في طبقات الجو العليا والتي تزيد عليمستوي الضغط علي الأرض ب2% وهي نسبة كافية لتلف العديد من أعضاء الجسم. أضف الي ذلك فرق درجات الحرارة والرطوبة والسرعات المتفاوتة خلال مراحل الهبوط والتي تخطت سرعة الصوت وقوة جاذبية الأرض له والاحتكاك بالكتل الهوائية في المراحل الأخيرة من الهبوط. ولعل من الأمور الأخري التي يجب التوقف عندها أنبوبة الأكسجين المضافة للبدلة والتي كان يتنفس من خلالها فيليكس وكذلك مدي تفاعل السطح الخارجي للبدلة مع فروق الضغط والحرارة بدون ترك أي أثر علي جسم فيليكس مما يثبت أن جسمه كان معرضا داخل الرداء لضغط أعلي من الضغط الخارجي ويتوافق سريعا مع ضغط الجو بحيث لايتأثر جسم فيليكس أثناء مراحل الهبوط. وأخيرا فهناك الكثير من التقنيات التي لم يتم الالتفات لها بالقدر الكافي وهي الكبسولة التي صعد بها فيليكس لطبقة الستراتوسفير عند ارتفاع35 كم فوق البحر ليتفوق بذلك علي آخر مرحلة سقوط حر والتي أجريت عند ارتفاع30 كم, فهذه الكبسولة مصنوعة من الفوم العازل ومزودة بأجهزة لضبط الضغط بما لايؤثر علي فيليكس أثناء مراحل السقوط, كما أنها متصلة ببالون من البلاستيك ذي سمك بالغ الدقة ومملوء بغاز الهيليوم. ويقول الدكتور محمد نصر أستاذ جراحة القلب بالمعهد القومي للقلب إن السقوط من هذه الارتفاعات وبهذه السرعات المتفاوتة يهدد بانفجار المخ وتلف الشريان الأورطي والأوردة المغذية للكبد, وكان من الممكن أن يموت بعد سقوطه بساعات بسبب هذه التجربة, مما يؤكد أن للبدلة التي ارتداها دورا كبيرا في حمايته كما يشير الدكتور إيهاب عثمان أستاذ جراحة العيون بقصر العيني الي تأثير فروق الضغط الكبيرة علي الابصار والإصابة المحتملة بالعمي. علي الجانب الآخر احتفل المصريون بفيليكس علي طريقتهم الخاصة من خلال مشاركات الآلاف علي موقعي فيسبوك و تويتر و مئات الآلاف من المشاهدات سجلها موقع يوتيوب.. وقد اتسمت التعليقات بالسخرة الباكية فمنهم من بكي علي حاله بسبب وصوله إلي عمله في ساعتين, بينما حطم فيليكس ثلاثة أرقام قياسية في السرعة في مشوار أبعد بكثير جدا, ومنهم من دخل بالقصة في متاهات العملية السياسية في مصر, ومنهم من فتح باب السخرية علي أوضاع التعليم في مصر مقارنة بالدول الغربية. و بالتوازي مع هذا كله كان هناك تصرف إيجابي جدا قامت به صفحة كلنا خالد سعيد التي استغلت الحدث لنشر المعرفة بطبقات الجو وسرعة الصوت وإسحاق نيوتن صاحب قانون السقوط الحر. ومن بين الصور الايجابية أيضا, كان هناك هاشتاج من بين عشرات أخري أطلقها المصريون علي موقع تويتر اسمه تعلمت من قفزة فيليكس: قال المشاركون عليه إنهم تعلموا أنه لا توجد حدود بل نحن من يصنعها لأنفسنا, وأنه لا يوجد شيء اسمه مستحيل أمام الرغبة في النجاح.