كتبت - هناء دكروري: يأتي الخريف ومعه موسم المؤتمرات السنوية للأحزاب في بريطانيا. وفي مقابل تقلبات الطقس يحاول كل حزب التأكيد علي استقراره الداخلي ووحدة صفه وإعادة تسويق نفسه للناخبين بوصفه المالك الحصري لكافة الحلول الشافية من المشكلات التي تعاني منها البلاد. ويستغل زعماء الأحزاب هذه المناسبة السنوية الكبري للترويج لصفاتهم القيادية ولقدراتهم علي تجديد السياسات ووضع الرؤي المستقبلية. ومن أهم أدوات التسويق هو الشعار الذي يتبناه الحزب خلال أسبوع المؤتمر لمغازلة المواطنين والتأثير علي المراقبين والمعارضين. ضرائب أكثر عدالة للجميع وكان شعار حزب الأحرار الديمقراطيين, شريك حزب المحافظين في الائتلاف الحاكم, لهذا العام ضرائب أكثر عدالة في الظروف الصعبة. وكما هو واضح يلعب الشعار علي وتر الاقتصاد المشدود والذي يؤرق كل مواطن في بريطانيا. كما أنه يهدف للتأكيد علي رغبة الأحرار الشديدة في النأي بالحزب عن سياسات المحافظين المجحفة غير الشعبية وخاصة فيما يتعلق بنظام الضرائب. ولكن هذه الرغبة في التأكيد علي استقلالية الحزب دون تقديم خطة بديلة واضحة هي التي كشفت عن أزمة الهوية التي يعاني منها حزب الأحرار بزعامة نيك كليج, نائب رئيس الوزراء, منذ احرازه التقدم غير المسبوق في الانتخابات العامة عام2010 مما أهله للصعود للسلطة والتحالف مع حزب المحافظين. ويري ماثيو دانكونا, الصحفي والخبير في شئون الأحزاب البريطانية, أنه قبل2010 كان حزب الأحرار يعتبر بمثابة حركة احتجاجية في أحيان ومؤسسة بحثية في أحيان أخري, وفي موسم الانتخابات كان يتحول إلي مستودع لأصوات الناخبين المترددين والمحتجين والغاضبين والرافضين لسياسات الحزبين الرئيسين( المحافظين والعمال), ولكن بعد مشاركته في الحكم ادرك أن الاستراتيجيات ومناهج التفكير التي كان ينتهجها الحزب وهو في صفوف المعارضة قد استنفذت الغرض منها وأصبح عليه بدء رحلة للبحث عن الذات. إعادة بناء بريطانيا أما شعار إعادة بناء بريطانيا والذي تبناه حزب العمال المعارض فقد كان يهدف إلي اثارة حماس الناخبين واستنهاض عزيمتهم عن طريق التذكير بشعار إعادة بناء بريطانيا من جديد الذي تبنته الحكومة العمالية في اعقاب الحرب العالمية الثانية, بالاضافة إلي التلميح بأن البلاد في حاجة إلي عملية إنقاذ كبري بعد ما الحقه حكم المحافظين بها من تدهور.ولكن الشعار أثار انتقاد وسخرية الكثير من المعارضين والمحللين الذين تساءلوا عن مدي قدرة الحزب علي اعادة بناء البلاد وهو المسئول الأول عن هدم اقتصادها خلال فترات حكم متتالية امتدت13 عاما. ويتهم هؤلاء الحزب بتدمير نظام المعاشات وزيادة معدلات البطالة وفتح الأبواب علي مصراعيها أمام المهاجرين وانهيار التعليم وتراجع الخدمات بل شبهت صحيفة ديلي تلجراف وعد العمال بإعادة بناء بريطانيا ب متهم بالحريق العمد يتوقع الشكر مقابل عرضه إعادة بناء المنزل الذي اشعل فيه النيران. وفي حين نجح خطاب زعيم اد ميليباند, زعيم حزب العمال, أمام المؤتمر في تحسين صورته بعض الشئ أمام الرأي العام إلا ان استطلاعات الرأي مازالت تظهر تقدم منافسه ديفيد كاميرون, زعيم حزب المحافظين ورئيس الوزراء, من حيث القبول والشعبية لدي الناخبين وذلك في حين أن نفس الاستطلاعات تكشف عن تراجع شعبية حزب المحافظين أمام حزب العمال بفارق عشرة في المائة حيث حصل حزب العمال علي تأييد39% مقابل29% لحزب المحافظين. بريطانيا تستطيع الوفاء بالوعد جاء شعار حزب المحافظين بريطانيا تستطيع الوفاء بالوعد للتأكيد علي أن بريطانيا في ظل الائتلاف الحاكم قادرة علي تحقيق تقدم ملموس ليس فقط علي صعيد خفض العجز بنسبة الربع ولكن بانجاز اصلاحات طويلة الأمد تخدم مستقبل البلاد. ويعول حزب المحافظين علي الاستعانة بالنجاح الذي حققته أوليمبياد لندن2012 كدليل واضح علي قدرة حزب المحافظين علي التخطيط وتحقيق الانتصارات. ولكن المشكلة أن المؤتمر يأتي في وقت يعاني فيه الحزب وزعيمه من تدهور كبير في الشعبية خاصة وان الكثير من البريطانيين, خاصة في مناطق الحضر, مازالوا ينظرون للحزب بوصفه حزب الأغنياء الذي لا يستطيع لمس ما يعانيه أبناء الطبقة المتوسطة في ظل الأزمة الاقتصادية. كما أن سياسة التقشف والتقليصات التي اتبعتها حكومة كاميرون لمواجهة الأزمة الاقتصادية اثبتت فشلها بدليل تراجع معدل النمو. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل جلب لحزب المحافظين نقمة شعبية عارمة بسبب ارتفاع معدلات البطالة واتساع رقعة الفقر مما دفع بعض اعضاء الحزب للتفكير في تفادي الكارثة التي قد تهدد بهزيمة الحزب في انتخابات2015 عن طريق السعي للتخلص من كاميرون كزعيم للحزب.