مفاجأة غير متوقعة فجرها المرشح الجمهوري ميت رومني الأسبوع الماضي عندما خالف كل التوقعات وتفوق علي منافسه الديمقراطي الرئيس باراك أوباما في أول مناظرة رئاسية مباشرة يشهدها السباق الرئاسي نحو البيت الأبيض. فقد اقتنص رومني الذي شهدت حملته الانتخابية كثير من الانتكاسات بل والحماقات وفقا لآراء البعض الفرصة الأخيرة لتحقيق زخم انتخابي وشعبي بعد أن بدا خلال المناظرة التي عقدت في مدينة دنفر بولاية كلورادو أكثر هجوما وقوة أمام أوباما الذي اتخذ موقف المدافع عن سياساته الاقتصادية وقدم أداء باهتا مفتقدا لحماسته المعهودة وبراعته في فن الخطابة, حتي أن إحدي التعليقات الساخرة لصحيفة' واشنطن بوست' وصفت أوباما بأنه' نسي أن يشرب مشروب الطاقة' قبل أن يتوجه إلي المناظرة. فقد نجح رومني حاكم ولاية ماساتشوتس السابق في الضغط علي غريمه أوباما من خلال انتقاد سجله في التعامل مع أهم القضايا الداخلية التي تؤرق الأمريكيين وهي الاقتصاد والرعاية الصحية و الضرائب والعجز في الميزانية و البطالة, فلم يجد أوباما مفرا أمام هجمات منافسه المتتالية سوي الدفاع عن ما حققه خلال الأربع سنوات الماضية التي حاول خلالها إصلاح الإرث الاقتصادي الثقيل الذي خلفه له الرئيس الجمهوري السابق جورج بوش. ولقد اتفقت جميع وسائل الاعلام الأمريكية علي ترجيح كفة رومني في المناظرة وهو ما أكدته أيضا استطلاعات الرأي حيث كشف استطلاع أجرته شبكة سي. إن. إن الإخبارية الامريكية عن أن67% من الامريكيين رأوا أن رومني حقق فوزا كاسحا مقابل25% فقط قالوا أن أوباما هو الأفضل. ورغم أن كلا المرشحين لم يسددا لبعضهما البعض ضربة قاضية كما أنهما لم يرتكبا أخطاء قاتلة خلال المناظرة التي شاهدها76 مليون أمريكي, إلا أن الصحف الأمريكية ساقت عدة أسباب لخروج رومني منتصرا أهمها: أن أداء الرئيس أوباما كان مرتبكا وباهتا وكأنه لم يكن يريد أن يحضر المناظرة من الأساس,فقد كانت رأسه منخفضة عندما يترك الحديث لرومني, كما كانت إجاباته متقطعة في بعض الأحيان بالإضافة إلي أنه كان يومئ برأسه في إشارة علي الموافقة عند حديث رومني بل إنه اتفق مع منافسه في بعض النقاط الخاصة بتقصيره في بعض النواحي الاقتصادية وأنه ليس بالرئيس المثالي.. والأمر الذي أثار دهشة الجميع هو أن أوباما لم يشر خلال المناظرة إلي نقاط ضعف منافسه التي ركزت عليها حملة أوباما للنيل من شعبية المرشح الجمهوري طوال الفترة الماضية, فقد تجاهل أوباما ذكر تصريحات رومني التي تم تسريبها علي الانترنت والتي وصف فيها47% من الأمريكيين بأنهم ضحايا لا يدفعون الضرائب ويعيشون عالة علي الحكومة. كما لم يتطرق أوباما إلي عزوف المليونير رومني عن الكشف عن سجله الضريبي طوال عامين. بل و الأدهي من ذلك أن الرئيس لم يذكر أهم انجازاته وهي العملية الناجحة التي أدت إلي مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن. كما أن من أحد أسباب تفوق رومني في المناظرة هو أنه أعد لها جيدا ودرس جيدا كيفية الرد علي أهم قضية سيطرحها عليه أوباما وهي مسألة زيادة الضرائب علي الطبقة الوسطي, فقد نفي المرشح الجمهوري تماما أنه سيفرض المزيد من الضرائب علي الطبقة الوسطي, كما نفي اعتزامه خفض الضرائب عن الأثرياء مؤكدا أن برنامجه الاقتصادي قائم علي سد العجز في الميزانية دون اللجوء إلي رفع الضرائب. وأخيرا ورغم تفوق رومني الملحوظ في أول جولة من جولات المناظرات الرئاسية, إلا أن المعركة الانتخابية لم تنتهي بعد, كما أن السباق الرئاسي الأمريكي لم يخل يوما من المفاجآت, والدليل علي ذلك أنه بعد يومين فقط من المناظرة صدر التقرير الأمريكي للوظائف ليكشف عن تراجع معدل البطالة في الولاياتالمتحدة لأدني مستوي له منذ عام2009 مسجلا7.8% بدلا من8.1%, وهي أنباء بالتأكيد تصب في مصلحة أوباما وخففت كثيرا من وقع الانتكاسة الذي شهدها خلال المناظرة.