أجرت الحوار: جيلان الجمل أكد الامام الأمريكي يحيي هندي نجاح التجربة السياسية الديمقراطية في مصر في ظل حكم الرئيس محمد مرسي وحكومته الحالية, وقال الشيخ هندي المحاضر بجامعة جورج تاون الذي زار القاهرة مؤخرا في حوار خاص لالأهرام إن الفيلم المسيء للرسول كان هدفه إثبات أن المسلمين لا يتكلمون بالعقل والحكمة وانهم شعوب عاطفية لا تتعامل بعقلانية, وأن صانع هذا الفيلم كان يقصد من ورائه زعزعة العلاقة بين العالم الاسلامي والغربي وقد حقق غرضه ولو كان النبي موجودا لما قبل هذه المظاهرات من المسلمين. وتحدث الشيخ هندي مطولا عن مشروع الحضارة الاسلامية الذي ينادي به. واليكم الحوار: ما هي الرسالة التي تحملها لمصر؟ رسالتي واحدة لا تتغير وهي كيف يصبح للاسلام له صوت ايجابي عقلاني واقعي بعيد عن العاطفية في العالم, وكيف يصبح المسلمون خير رسل لدين عظيم بطريقة ايجابية؟. استوقفني توقيت الزيارة لمصر هل رتبت لك السفارة الامريكية هذه الزيارة لمصر بعد أزمة الفيلم المسيء للإسلام؟ كان معد لهذه الزيارة قبل سبعة شهور, لم استطع الحضور خلال الفترة السابقة, ولكن أستطيع القول إن وجودي في مصر الآن جاء في توقيت مناسب لأوصل رسالتي للشعب المصري والدول الاسلامية كافة, في كيفية التعامل مع الحدث. فبالنسبة لي الفيلم الذي خرج هو من طرف واحد لا يتعدي كونه فرد كان هدفه زعزعة العلاقة بين العالمين الإسلامي والغربي وقد حقق غرضه. فمن صنع هذا الفيلم أراد إثبات أن المسلمين لا يتكلمون بالعقل والحكمة وانهم شعوب عاطفية لا تتعامل مع الأمور بعقلانية. ومع الأسف طريقة رد المسلمون علي هذا الفيلم قد دللت علي صحة نظرياته. أشعر من حديثك وكأن الإسلام غير مستهدف مع أن الدول الاسلامية تعاني حملات شرسة قادمة من الغرب آخرها هذا الفيلم وفواتير إرهاب عالمية نسبت إلي الاسلام وهو بريء منها؟ هناك في أمريكا من يكره الإسلام ولكن هذا العمل بالذات عمل شخصي, ولايكمل منظومة الاستهداف كما تقولين, الذي شجع الفيلم ونشره هو ردة الفعل العاطفية عند المسلمين, لو سكت المسلمون كما علمنا عمر بن الخطاب أن انجح الطرق لمحاربة أمر مسيء هو عدم نشره. وأنا كمسلم اختلف بالطبع مع الفيلم ومضمونه وأعتبره فيلما سيئا وأرفضه تماما, ولكني في نفس الوقت أتكلم وبصوت عال رافضا طريقة الاعتراض علي الفيلم.. ولو كان النبي صلي الله عليه وسلم موجودا لما قبل من المسلمين هذه المظاهرات والقتل والاعتداءات فهو من قال من أذي ذميا فكأنما أذاني والذمي هو اليهودي والمسيحي, فاحترام الاديان الاخري جزء من ديننا الإسلامي. ما صحة ما نشرته بعض الصحف الأجنبية حول توقيت استخدام هذا الفيلم لمصلحة المرشح الرئاسي الجمهوري في الانتخابات الامريكية المرتقبة ؟ معلوماتي لاتدل علي أن هذا الفيلم له اي خلفيات أو دوافع سياسية علي الاطلاق, كما قلت هذا شخص واحد ليس وراءه أي دول أو مؤسسات ويهدف فقط الي زرع فتنة بين المسلمين وغير المسلمين. ماذا فعل المسلمون في أمريكا بعد عرض الفيلم؟ عوضا عن التظاهر أرسلنا الأئمة والعلماء ليتكلموا في الكنائس والمعابد اليهودية والجامعات وعبر وسائل الاعلام حول شخصية النبي محمد صلي الله عليه وسلم, كما قمنا بتوزيع كتب مجانية عن الرسول وأيضا عبر وسائل الكمبيوتر. ألا يفترض أن يكون هناك قانون يحمي التعدي علي عقيدة الآخر باسم الحرية ولاسيما في الولاياتالمتحدة الأمريكية؟ أنا لا ادافع عن أمريكا فهي دولة فيها أخطاء وفيها ايجابيات, ولكن فيما يتعلق بالحريات فالمواطن الأمريكي لديه الحق أن يهاجم المسيحية واليهودية والاسلام وأي دين, ومن حق الأمريكي ايضا أن يتكلم ضد النظام السياسي القائم. ما رأيك في الضغط علي الأممالمتحدة لإصدار قانون يجرم الاساءة للاديان؟ طبعا أنا اتفق مع هذا المطلب تماما فلو وجدت منظومة تساعد الدول علي ايجاد قوانين تحترم الرموز الدينية فسيكون ذلك أفضل للجميع, ومن المؤكد أن هذا القانون سيكون لصالح جميع الدول والاديان. أسلمة الإرهاب وتسييس الدين متي يفك هذا الارتباط؟ الإمام علي يقول الانسان عدو ما جهل فالغرب يجهل حقيقة الاسلام وحقيقة المسلمين لأسباب كثيرة جدا, ومن أجل تغيير فكرة الغرب عن الاسلام والمسلمين لابد أن نعلم الناس في الغرب عن حقيقة الاسلام من خلال المطبوعات ووسائل الاعلام وثانيا من خلال ممارساتنا للدين بطريقة صحيحة تثبت للآخر ان الاسلام ليس دين ارهاب وانما هو دين عمل وبناء وسلام. سمعت عن مشروعك الحضاري الإسلامي ماذا تقصد به ؟ هذا المشروع هو سبب سفري لكل دول العالم, أنا وآخرون وهذا المشروع يقوم علي ثلاثة أسس أولا سياسة العدل وتعني تطبيق العدل بين الناس بغض النظر عن عرقهم ودينهم وأفكارهم, وثانيا اقتصاد المساواة وهو مساواة في الأجر بين الرجل والمرأة,والتوزيع العادل للثروة, ثالثا عهد وميثاق الإنسانية الذي يؤكد احترام عهدنا مع جيراننا من ابناء آدم وحواء. هل تعني بمشروعك صورة الحكم الإسلامي ولكن بشكل حديث؟ لا أعني ذلك فدعوتنا ليست لدولة اسلامية بل الي دولة تقوم علي أساس العدل والأمن والمساواة واحترام الحقوق للناس كل الناس بمن فيهم المسيحي واليهودي والمسلم, حتي نغير موقف الغرب من المسلمين وكذلك موقف بعض المسلمين من المسلمين أنفسهم. ما هو نموذج الحكم الحالي الأقرب لفكرة الحكم التي تنادي بها؟ النظام التونسي ناجح حتي الآن ولكن أمامه خطوات كثيرة, ولكن الانجح هو الحكم التركي لكونه يطبق المساواة والحريات والعدالة الاجتماعية والأمن الاقتصادي والاجتماعي. وكيف تري تجربة الحكم الحالية في مصر؟ في مصر تحديدا إذا استطاعت الحكومة الحالية في ظل رئيسها المنتخب محمد مرسي, وهي حكومة تنتمي لجماعة اسلامية, أن تقدم نموذجا ناجحا في الاقتصاد والسياسة والتعامل مع الدول الخارجية ومع القضايا المجتمعية الداخلية وعلي رأسها تحقيق الحريات للمواطنين, فانها ستغير حتما من صورة الغرب تجاه الاسلام. والعكس صحيح فاذا اساءت هذه الحكومة وأخفقت فسوف تعطي حتما الصورة السلبية عن الاسلام والمسلم.