دعت السفيرة الأمريكيةبالقاهرة "ان باترسون" أول إمام للمسلمين في جامعة جورج تاون الإمام "يحيى هندي"، ورئيس المجلس الفقهي لشمال أمريكا ورئيس المؤتمر العام لشؤون المسلمين، إلى زيارة القاهرة من أجل إلقاء محاضرات عن الإسلام ودوره في السياسة والحكم وأوضاع المسلمين في أمريكا، وذلك بعد تصاعد أزمة الفيلم المسيء للرسول "صلى الله عليه وسلم" وتزايد التظاهرات في العالم العربي ضد الولاياتالمتحدةالأمريكية واعتبارها المسؤول عن هذا الفيلم المثير لمشاعر المسلمين. والتقت "الوطن" الإمام الأمريكي للتعرف على رأيه في الأزمة الأخيرة وكيفية التصدي لها بطريقة حضارية، وأُجري معه هذا الحوار... * ما رأيك في رد فعل المسلمين على الفيلم المسيء للرسول مؤخرا والصور المسيئة التي استفزت مشاعرهم؟ - إن العالم العربي لم يعرف ماذا وراء الفيلم المسيء للرسول وإلى ماذا يهدف، ومنتج الفيلم لا يعرف الإسلام ولم يعرف الرسول محمد، وإن ما حدث هو انعكاس لعدم الفهم بين الأديان، ونحن نرغب في اندماج الثقافة والاحترام والحوار بين الديانات والثقافات المختلفة. * من وجهة نظرك ما هو الرد المناسب والذي كان من المفترض أن يتم اتخاذه ضد الإساءة؟ - للأسف الإعلام يصور لنا ما ليس حقيقة، والعالم العربي والإسلامي به بليون ونصف إنسان، وغالبيتهم رفضوا ذلك العنف وأنكروا الفيلم بما بها الإدارة الأمريكية واليهود والمسيحيون في أمريكا وغالبية الدول، وإنما تم تصوير الفيلم ورائه أمريكا ورائه 300 مليون أمريكي، ولكن رد الفعل العنيف غير عقلاني وغير مقبول وينقصه الخطاب العقلي الحكيم المتزن الذي يعبر عن المسلم الحقيقي، لأن الدين الإسلامي يرفض الاعتداء على الآخر، وفي قوله تعالى "إن استجارك فاستجره"، حتى القرآن قال في معنى آياته إن أحدًا طلب حمايته عليك حمايته، لذلك نوصي بحماية الهيئات الدبلوماسية والتي يعد الاعتداء مخالفًا للقرآن وتقاليد الرسول. والرسول تم الاعتداء عليه من كثيرين في قريش، ولكن موقفه كان الدعاء إليهم بالرحمة، ويقول "بُعثت رحمة للعالمين"، ولو كان الرسول بيننا كان سيرفض هذا الخطاب العنيف، ولم يتعامل المتظاهرون مع الموقف بأي من تقاليد الرسول أو أي موقف حضاري. *صحيفة "الوطن" قدمت عددا خاصا للرد على الإساءة للرسول بالفكر والرسومات الكارتونية، وكانت تجربة جديدة تحدثت عنها الوكالات العالمية بأنها تجربة فكرية للرد على الإساءة ما رأيك فيها وفي هذه الخطوة؟ - رد المسلمين يأتي من القرآن، ويأمرنا أن نرد على الإساءة بالإحسان وأي مبادرة محكومة بالعقل والاحترام، أدعمها وأنشرها، وأي مبادرة توضح شخصية النبي محمد، أقدمها للعالم، وهذا ما قمنا به في أمريكا لشرح صورة النبي وقلت رسالة يوم عرض الفيلم المسيء للرسول وقبل اندلاع أحداث الاحتجاجات أمام السفارات الأمريكية في ليبيا ومصر، وقلت في هذه الرسالة إن أفضل حل هو ألا نرد على هذه الإساءة، لأن الرد يسوق للفيلم ويزيد من انتشاره، وقلت منذ البداية إن عدم الرد أنسب موقف من الأحداث. * وماذا فعلتم في الولاياتالمتحدة للرد على هذه الإساءات المستمرة؟ - نحن راسلنا مسلمين وغير مسلمين الذين يعرفون عن الإسلام للتكلم في الكنائس والمعابد اليهودية عن الرسول "صلى الله عليه وسلم" وتعالميه وشخصيته والدين الإسلامي، كما أننا اتفقنا مع كثير من رجال الدين المسيحي إلى التحدث عن النبي وصفاته، واتفقنا مع صناع القرار في الولاياتالمتحدة أن الفيلم المسيء لا يمثل الإدارة الأمريكية، ولا يمثل الإسلام ولا المسيحية، وإنما يمثل شخصا واحدا يريد أن يزعزع الثقة بين الشرق والغرب. * وهل كانت هناك تظاهرات في الولاياتالمتحدة للرد على الإساءة للرسول؟ - أفتخر وأشيد بأننا في أمريكا لم ننظم مظاهرة واحدة وكان رد فعلنا أقوى وأكثر تأثيرًا من أي مظاهرة في العالم العربي، وأعطينا صورة حسنة عن الرسول "صلى الله عليه وسلم" وقررنا إرسال كثير من الطلاب المسلمين في أمريكا إلى مخيم تملكه الكنيسة الإنجيلية في أمريكا للتعريف بصفات الرسول والدين الإسلامي وتوضيح صفاته، وكانت حملة باسم "محمد يهتم بكم"، والقرآن واضخ حين قال "ادفع بالتي هي أحسن"، وهناك حديث يقول "إن من أذى الإنجيل كأنما أذى الرسول". * بمناسبة الإنجيل.. هنا شخص مسلم حرق الإنجيل أمام السفارة الأمريكية ويتم محاكمته الآن.. ما ردك على ذلك؟ - الإسلام يرفض إهانة أو التقليل من شأن أي دين آخر، والقرآن واضح "لكم دينكم ولي دين"، وحرق الإنجيل لم يمت للإسلام بصلة، وينكره القرآن والأحاديث النبوية كلها، وأقدم مثال حدث في أمريكا أن هناك كنائس تهدي أحيانا صلواتها للإسلام، والإنجيل لا يختلف مع الإسلام وفيه الكثير من الأمور التي تتفق مع تقاليد وعادات الإسلام، والمسلمون لم يقرأوا الإنجيل كي يحرقوه. * ماذا عن أوضاع المسلمين في الولاياتالمتحدة ولاسيما بعد أحداث 11 سبتمبر؟ - في أمريكا الآن هناك 5 آلاف مسجد و65% منها تم بناؤها في العشر سنوات الأخيرة بعد أحداث سبتمبر، وهناك أكثر من 500 مدرسة إسلامية و80% تم إنشاؤها في العشر سنوات الأخيرة، وتم نشر كثير من الكتب عن الإسلام في هذه الفترة أيضا، وبعض الأشخاص لا يحسنون التحدث عن الإسلام، والذي يقول إن الإسلام تأثر سليبا بعد 11 سبتمبر مخطئ تماما، والإحصاءات تقول إن الذين كانوا ينظرون للإسلام بطريقة إيجابية لا يزيد عن 5% والآن أصبحت النسبة 30% ، وعدد الذين يدافعون عن الإسلام من غير المسلمين ازداد ودخول المسلمين في المؤسسات الأمريكية زاد أيضا، ونرى المسلمين الآن يترشحون عمدة للولايات، وهناك أعضاء مسلمين في الكونجرس، وقضاة مسلمين أيضا والموضوع العام تحسن أفضل ما كان عليه. ولكن هناك تحديث أمام المسلمين، ومازال هناك جهل بحقيقة أمريكا تجاه المسلمين، ونريد الانخراط في العمل السياسي بطريقة أفضل وسوف يأخذ وقت والأمور تختلف بطريقة إيجابية. * وماذا عن وجودك في القاهرة الآن وبما تنصح المسلمين في مصر خلال الوقت الحالي؟ - إني أؤمن بمبادئ ثلاثة أتمنى أن تحكم العالم وهم "سياسة العدل واقتصاد المساواة وعهد الإنسانية والبشرية"، وأقصد بسياسة العدل أن أي دولة تريد أن تنجح في عملها السياسي ينبغي أن يحكها سياسة العدل، وأن يتساوى فيها الجميع من ناحية الدين والجنس واللون وكل شيء أو انتمائه السياسي، ولهذا أسافر لكل دول العالم وجئت للقاهرة لأني صاحب مشروع إسلامي حضاري يعتمد على سياسة العدل وأقول لأبناء مصر عليكم خيرا بأقباط مصر، وأتمنى تطبيق سياسة العدل، ولا مانع أن يصبح مسيحيا رئيسا للدول، أو امرأة ولا يفرق بين إنسان أو آخر. وأقصد باقتصاد المساواة أن نساوي بين ما يدفع للرجال والنساء، والمساواة في الترقيات في العمل، ولا يجب التفضيل على حسب اللون والجنس والانتماء الديني والسياسي. وأخيرا أقصد بعهد الإنسانية أن نكون صادقين مع الله ومع الدين، والتأكيد على الإنسانية من أجل الإنسانية فقط، والله يوصي بألا يقصر المسلم في حق غيره، لأن الدين معاملة، والله لا يغفر لك تقصيرك في حق أخيك